استقبلت جامعات تركية عدداً من طلاب الدراسات العليا من خريجي جامعة إدلب التابعة لـ "حكومة الإنقاذ" وجامعة في حلب، مرخصة من قبل الحكومة السورية المؤقتة، في خطوة هي الأولى من نوعها بالاعتراف بشهادات الجامعتين.
ويشكل قبول جامعات تركية للطلاب في مناطق سيطرة المعارضة السورية، في مقاعد الدراسات العليا، بارقة أمل جديدة في الحصول على اعتماد واعتراف دولي بالشهادة، بعد أن كان هاجساً يؤرق آلاف الطلبة في ظل غياب الاعتراف الدولي في جامعات الداخل وعلى رأسها جامعة إدلب التابعة لـ "حكومة الإنقاذ" وجامعة حلب التابعة للحكومة السورية المؤقتة والتي تتخذ من مدينة اعزاز شمال حلب مقراً لها.
يغيب الاعتراف الدولي بالشهادات الصادرة عن جامعات الشمال السوري، إلا أنّ مع استقبال جامعات تركية مختلفة وبتخصصات متنوعة لطلاب الدراسات العليا لعدد من خريجي تلك الجامعات، يعني أنّ طريق الاعتراف التركي وبالتالي الدولي صار معبداً أمام الطلاب وخاصةً أنّ بعضهم صار خلف المقعد الدراسي رسمياً في الجامعات التركية من العام الفائت وبعضهم الآخر يتجهز للعبور.
ونشر عدد من طلاب جامعة إدلب على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي خبر قبولهم لدراسة مرحلة (الماستر ـ الماجستير) في جامعات تركية، وأعلنت جامعة "الشام العالمية" مقرها اعزاز ومرخصة لدى مجلس التعليم العالي التابع لـ"المؤقتة"، عن قبول ثلاثة طلاب من خريجيها للدراسة في الجامعات التركية في كلٍ من أنقرة وإسطنبول للعام الدراسي القادم.
تحدٍ كبير
الطالب عبد الرحمن الحلاق وهو خريج كلية الطب البيطري من جامعة إدلب، كان من ضمن الطلاب المقبولين بالمنحة المقدمة من قبل الحكومة التركية لدراسة درجة (الماستر) في جامعة سلجوق في قونيا تخصص (الأمراض الباطنة) قبل أيام.
يقول "الحلاق" في حديث لـ"تلفزيون سوريا" إنّ الأمل بالقبول كان ضعيفاً في بداية التسجيل على المنحة، بسبب مستقبل الجامعات المجهول وغياب الاعتراف، إلا أنّ مع ترفعي إلى السنة الخامسة وقبول طلاب آخرين بمنحة دراسية أهلتهم لدخول الجامعات التركية شجعني إلى التسجيل في المنحة".
ويتابع: "سجلت بشكل شرطي لأني ما زلت في سنة التخرج حينها وصرت أمام تحدٍ كبير حتى أنهي قبل صدور قرار القبول بالمنحة كافة المواد وتحقيق النجاح بشكل نهائي في الجامعة".
بعد أن تجاوز الحلاق مرحلة التقييم الأولي مع حوالي 60 طالباً من مختلف الاختصاصات في جامعة إدلب، اشترطت إدارة المنحة إجراء مقابلة شفهيّة في العاصمة أنقرة، إلا أنّ عبد الرحمن ومجموعة من طلاب الجامعة تجاوزا هذه العقبة من خلال إجراء المقابلة "عن بعد" وتمّت "بسلاسة" وفقاً لمحدثنا.
يعمل "الحلاق" في الوقت الحالي على تثبيت تسجيله الجامعي واستكمال الأوراق والوثائق اللازمة مع عدد من الطلاب المقبولين في المنحة، لافتاً إلى أنّ إجراءات عديدة تعمل إدارة جامعة إدلب على تنسيقها مع الجانب التركي.
عقبات
وسط إغلاق الحدود مع تركيا في وجه المسافرين منذ سنوات تقف عقبة عبور الطلاب إلى الأراضي التركية، وعدم امتلاك جواز السفر بحسب ما يوضح "أحمد اليوسف" وهو خريج كلية علم الأحياء وضمن الطلاب المقبولين في جامعة أرجيس في مدينة قيصري التركية تخصص (بيولوجيا) لنيل درجة (الماجستير)، وهو ما اضطر طلاب في السنة الماضية إلى الدخول بطريقة غير شرعيّة، كما أنّه حتى اليوم ما زالت آلية دخول إلى الأراضي التركية غامضة من قبل إدارة المنحة.
ولفت "اليوسف" إلى أنّ جامعة إدلب تحاول تأمين دخول شرعي عبر معبر باب الهوى بالتنسيق مع إدارة المنحة التركية ووقف الديانة التركي.
وإلى جانب عقبة العبور، حال تفشي فيروس كورونا وتعليق الدوام الفيزيائي في الجامعات التركية من دخول الطلاب هذا العام، وبيّن "اليوسف" أنّ دراسة اللغة ستكون افتراضياً (عن بعد) تماشياً مع نظام التعليم الحالي في الجامعات التركية خلال أزمة كورونا، وهي أيضاً معوّق جديد أمام الطالب إذ إنّ الدوام سيكون إلزامياً للوصول إلى المستوى الخامس في اللغة التركية، وضمن الدوام الصباحي ستحول من قدرته على إنجاز أي أعمال أخرى لتأمين الدخل.
اختصاصات متعددة
تغطي فرصة القبول وفقاً لما رصد موقع تلفزيون سوريا، مختلف التخصصات، منها التربية وعلم النفس والإدارة والعلوم السياسية والهندسة الزراعية والطب البيطري وعلم الأحياء والفيزياء والكيمياء، وليست حكراً على تخصص معين إلا أنّها ترتبط بعدد من الشروط تساهم في تأهيل الطالب منها العمر والمعدّل الدراسي والتسجيل الصحيح واجتياز التقييمات.
كما تنوعت المدن والولايات التركية التي منحت فرصة القبول للطلبة الجامعيين منها أضنة وإسطنبول وأنقرة وقونيا وكارابوك وكوجالي وغازي عنتاب.
آمال معقودة
أعطى القبول الدراسي في الجامعات التركية دفعاً معنوياً كبيراً لآلاف الطلبة في جامعات الشمال السوري، وفقاً لـ "أحمد أحمادة" وهو طالب سنة ثالثة في كلية العلوم الإدارية في إدلب، ويرى أنّ الترتيب الأكاديمي الذي حصلت عليه جامعة إدلب سابقاً لا يكفي، إنما يتطلع الطلاب إلى الاعتراف السياسي وهو حق لهم حتى تنفتح لهم آفاق دراسية جديدة وفرص عمل لاحقاً.
ويستطرد لـ"تلفزيون سوريا" كان الطالب الجامعي السوري يتيماً في ظل كف كثير من الدول العربية عن استقباله وفرض إجراءات معقّدة تتعلق بالإقامات وتأشيرات الدخول، لكن مع الجانب التركي الأمر أكثر سهولة وخاصةً في المنحة الأخيرة التي حظي بها الطلاب.
ويشير "حمّادة" في ختام حديثه إلى أنّ الطلاب خلال السنوات الماضية تحمّلوا مرارة الحرب والقصف العشوائي، وكان الاعتراف مطلبهم وطموحهم لكن غيابه لم يمنعهم من الدراسة واستكمال السنوات بإصرار، وسيكون الاعتراف أو الاعتماد من قبل جامعات وحكومات أخرى بمثابة "مكافأة لصمودهم".
وتضم جامعة إدلب حوالي 15 ألف طالب، بحسب موقع الجامعة الرسمي في حين تبلغ أعداد طلاب "جامعة حلب الحرة" قرابة 5 آلاف طالب.