تحولت أوروبا إلى نقطة مهمة لتمرير شحنات الكبتاغون التي تصل إلى الشرق الأوسط وتحديداً السعودية، وقد توصل تقرير جديد نشره مركز الرقابة الأوروبية المعني بالمخدرات والإدمان لهذه النتيجة المهمة بالتعاون مع جهاز الشرطة الجنائية في ألمانيا.
تصنيع الكبتاغون في سوريا ولبنان
يصنّع الكبتاغون في الشرق الأوسط، وتحديداً في سوريا ولبنان، ولهذا يكشف التقرير أن أحدث الشحنات الكبيرة للكبتاغون التي ضبطت في الاتحاد الأوروبي كانت في طريقها إلى دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية التي تعتبر أهم سوق لتصريف الكبتاغون واستهلاكه. أما المادة المخدرة غير المشروعة التي عثر عليها في أقراص الكبتاغون المصادرة فقد جرى تحليلها في أوروبا وتبين بأنها تحتوي على مادة الأمفيتامين بصورة حصرية.
قد تشتمل عملية الاتجار بالكبتاغون على عملية إعادة توجيه مباشرة للشحنة، أو إرسالها بعد تفريغها وإعادة تعبئتها في إحدى دول الاتحاد الأوروبي. وغالباً ما يتورط في تلك العمليات مواطنون سوريون أو لبنانيون (بحكم الجنسية أو الولادة)، وبعضهم مقيم في دول أوروبية. أما الجماعات المسلحة المرتبطة بالنظام السوري في لبنان وسوريا فتلعب دوراً في هذه التجارة. وقد قدم هذا التقرير أدلة تشير إلى أن نظام الأسد يستفيد مالياً من تجارة الكبتاغون.
تعاون مركز الرقابة الأوروبية المعني بالمخدرات والإدمان مع جهاز الشرطة الجنائية الألماني في كتابة هذا التقرير برعاية المنصة الأوروبية ذات التخصصات المتعددة المعنية بمكافحة التهديدات الإجرامية، إذ تعمل هذه المبادرة الأمنية التي أطلقتها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على منع ظهور أي خطر تمثله جريمة دولية منظمة أو خطيرة بما يشكل تهديداً على الاتحاد الأوروبي وكشف أي نوع من تلك الأخطار والتهديدات واتخاذ إجراء حيالها.
اعتمد التقرير على معلومات قدمتها سبع دول وهي النمسا وفرنسا وألمانيا واليونان وإيطاليا وهولندا ورومانيا، كما قدمت دول أخرى مساهمات دعمت عمل مركز الرقابة الأوروبية المعني بالمخدرات والإدمان وذلك خلال اجتماع عقد للخبراء المعنيين في شهر تشرين الأول من عام 2022.
على الرغم من وصول شحنات كبيرة للاتحاد الأوروبي، لم تسجل أي دولة أوروبية استهلاكاً كبيراً للكبتاغون، ولكن في الدول التي تضم مغتربين قادمين من الجزيرة العربية، يمكن أن تظهر بعض الجيوب التي تستهلك هذا المخدر. وعلى الرغم من أن الأوروبيين يستهلكون الأمفيتامين، فإنه يستخدم عادة على شكل مسحوق أو معجون ونادراً ما يأتي على شكل أقراص كبتاغون.
إنتاج أقراص الكبتاغون في الاتحاد الأوروبي
بالإضافة إلى إنتاج أقراص الكبتاغون خارج أوروبا، والاتجار بها مروراً عبر الاتحاد الأوروبي، وصل التحليل إلى أدلة تثبت وجود عملية إنتاج لأقراص الكبتاغون داخل أوروبا، وهذه العملية تتم بصورة رئيسية في هولندا، حيث تُصنّع أكبر نسبة من الأمفيتامين التي تستهلك في أوروبا.
وبحسب ما أوردته الشرطة الهولندية، فقد تم العثور على مواقع تنتج كميات ضخمة من أقراص الكبتاغون التي تُصنّع من مسحوق الأمفيتامين، إذ تمارس تلك العملية مرة أو مرتين بالسنة داخل الأراضي الهولندية. وثمة من يعتقد أن عملية إنتاج أقراص الكبتاغون لا تقوم على نشاط اعتيادي تمارسه جهات تنتج المخدرات المصنعة في هولندا، بل إن ذلك يتم بطريقة نفعية قائمة على اقتناص الفرصة الملائمة لتحقيق الربح. وبالرغم من وجود عملية إنتاج للكبتاغون بحسب الطلب في هولندا، فإنه لا يبدو أن عصابات إجرامية تعمل في مجال المخدرات في الاتحاد الأوروبي قد تورطت بعملية الاتجار بالكبتاغون هناك.
ارتفاع عدد الشحنات المصادرة
زاد عدد شحنات أقراص الكبتاغون التي صودرت في الاتحاد الأوروبي وهي في طريقها إلى دول الخليج العربي منذ عام 2018، إذ بلغ مجمل عدد الشحنات المصادرة في كل دولة أوروبية على حدة في أثناء عملية جمع البيانات لهذا التقرير 127 مليون قرص كبتاغون إلى جانب 1772 كيلوغراماً منه، وقد صودرت أكبر شحنة من الكبتاغون وتحوي 84 مليون قرص في ساليرنو الإيطالية عام 2020، ويكشف التقرير أن الاتحاد الأوروبي حل محل تركيا على ما يبدو كنقطة رئيسية لتمرير الشحنات.
في كل عام تُصادر كميات هائلة من الأمفيتامين وأقراص الكبتاغون، ومنذ مدة قريبة، صارت دول الخليج العربي تصادر كميات كبيرة من تلك المواد، واستمر الوضع كذلك خلال العقد الماضي، إلا أن الكميات المصادرة واصلت ارتفاعها، إذ أعلنت السعودية مثلاً عن مصادرتها لـ73 طناً من الأمفيتامين في عام 2021 (مقارنة بكمية بلغت 18 طناً منه في عام 2016). كما صودرت العديد من الشحنات في دول الخليج العربي تبين من خلال دراسة ظروفها وملابساتها بأنها قادمة من أوروبا.
ولهذا تصف دراسة الحالات التي وردت في التقرير طرق الإخفاء بالمبتكرة، إذ عُثر على أقراص الكبتاغون ضمن شحنات ضمت مفروشات ورخاماً وورقاً ومعدات صناعية. أما التحليل الجنائي لأقراص الكبتاغون التي صودرت في دول الاتحاد الأوروبي فيشير إلى أنها تحتوي على نحو 32 ميلليغراماً من كبريتات الأمفيتامين، وهذا يعني أن إنتاج مليون حبة كبتاغون يتطلب وجود 32 ميلليغراماً تقريباً من كبريتات الأمفيتامين الصافية.
الحاجة لتنسيق الاستجابة الأمنية الأوروبية
أكد التقرير على الحاجة لتنسيق أي عمل أوروبي في هذا السياق، وركز على ناحيتين متمايزتين وهما:
- معالجة عملية إنتاج أقراص الكبتاغون داخل الاتحاد الأوروبي مع التركيز على سالفاتها، وعمليات تصنيع الأمفيتامين وتحويله إلى أقراص.
- العمل على منع تحول دول الاتحاد الأوروبي إلى منطقة لتمرير الكبتاغون المصنع في سوريا ولبنان حتى يصل إلى الأسواق الأوروبية ولأسواق الخليج العربي.
وقد خلص التقرير إلى أن الكم الاستثنائي لشحنات الكبتاغون والطبيعة المهمة لهذه التجارة بهذا النوع من المخدرات من الناحية الجيوسياسية تقدم حجة مقنعة لتنسيق استجابة أمنية أوروبية، كما أن مركز الرقابة الأوروبية المعني بالمخدرات والإدمان يقدم آلية ملائمة لتحقيق هذا الهدف.
المصدر: European Monitoring Centre for Drugs and Drug Addiction