أصدر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) تقريراً مطوّلاً (70 صفحة) كشف فيه عن حجم "التلاعب" الذي يجريه نظام الأسد مع المساعدات الإغاثية، مستنداً لمقابلات مع مسؤولي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني في سوريا.
التقرير الذي صدر عن المركز البحثي (مقره واشنطن) والذي حمل عنوان "دعم الإنقاذ في سوريا"، وصف سيطرة نظام الأسد على المساعدات والتلاعب بها بـ "الفريدة والمستمرة، ويحتاج إلى معالجة عاجلة".
ونقل عن إحدى المشاركات في كتابة التقرير، ناتاشا هول، أنه "لا توجد مواقف كثيرة في تاريخنا، نشهد فيها شخصاً ارتكب فظائع جماعية إلى المستوى الذي وصل إليه نظام الأسد، يظلّ في السلطة ويسيطر على جهاز المساعدات الإغاثية".
ويؤكد التقرير أن نظام الأسد يشدّد قبضته على وصول منظمات الإغاثة، بما في ذلك الموافقات على التأشيرات، لدرجة أنه أصبح من الطبيعي أن يحصل أقارب كبار مسؤولي النظام على وظائف داخل هيئات ومنظمات الأمم المتحدة.
"كيف لا يمكنك أن تعرف من هم هؤلاء الأشخاص، عندما يكون لديك سيرتهم الذاتية أمامك؟"، يقول مسؤول في الأمم المتحدة طلب عدم الكشف عن هويته، ويتابع: "أجد ذلك تقصيرًا في أداء الواجب. هذه قضية حماية ضخمة، ليس بالنسبة للمستفيدين فقط وإنما للموظفين الآخرين الذين تعمل معهم".
وفي الوقت ذاته، يقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) إنه "يعين موظفيه على أساس الجدارة وقدرتهم على الإنجاز".
وتعلّق هول بالقول: "إذا كانت حكومة الأسد ستبقى في مكانها، وهذا المرجّح في ظل تقاربها مع بعض الحكومات، فيجب تسوية هذا الأمر، لأن المساعدات ستستمر في هذه البيئة المعادية".
ووجد التقرير أن محمد حمشو وماهر الأسد شقيق رئيس النظام، قد فازا بعقود مشتريات أممية لتجريد المعادن في المناطق التي استعادها النظام وإعادة تدويرها وتصنيعها للبيع (شركة حديد وتصنيع المعادن).
ويوضح التقرير أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تعاقد مع ميليشيا موالية للنظام ومسؤولة عن التهجير القسري للسكان، لإزالة الأنقاض وإعادة تأهيل المدينة التي شاركوا في تدميرها، بحسب ما أوضحت هيومن رايتس ووتش.
وتعلّق سارة كيالي، الباحثة السورية في هيومن رايتس ووتش: "نحن لا نتحدث عن تعاقدهم مقابل عشرات الآلاف من الدولارات، نحن نتحدث عن ملايين الدولارات التي ستذهب إلى شركات مملوكة لأفراد نعرف أنهم ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان".
ويضيف التقرير أن 43500 حصة غذائية فقط وصلت إلى المحتاجين في شمال غربي سوريا في قوافل عبر الخطوط التي يشرف عليها النظام، مقارنة بـ 1.3 مليون تم تسليمها من تركيا في تشرين الثاني الماضي. وقالت هول إن الإمدادات استغرقت أربعة أشهر لتصل إلى المحتاجين لأنها كانت موجودة في مستودعات النظام الذي لا يسمح للمنظمات المرتبطة بالمعارضة بتوزيعها.
وشددت على أنه من الضروري إجراء تدقيق وتقييم شاملين للمساعدات في سوريا "هذا جزء من قضية منهجية يجب حلها لأنه سيتم نسخها مرارًا وتكرارًا من قبل جهات فاعلة أخرى تتعلّم الدروس مما يفعله النظام السوري" وفق تعبيرها.