فرّ ما لا يقل عن 3.6 ملايين سوري من الحرب التي شنها عليهم النظام السوري منذ عام 2011، ووصلوا بأعداد قليلة أو بشكل جماعي إلى تركيا بعد أن اجتاحوا الحدود، بحثاً عن الأمان من القصف والهجمات الكيماوية والمجاعة.
هكذا استهلت وكالة "أسوشيتيد برس" حديثها عن أوضاع السوريين في تركيا ضمن تقريرها المعنون بـ "الزلزال الذي ضرب تركيا ليس إلا المأساة الأحدث للاجئين"، والذي رصدت فيه حال بعض اللاجئين في أنطاكيا بعد تعرضهم للزلزال المدمّر الإثنين الفائت.
ونقل التقرير عن يحيى السيد علي (25 عاماً)، وهو طالب جامعي انتقلت عائلته إلى أنطاكيا قبل ست سنوات هرباً من الحرب السورية في ذروتها، قوله: "هذه أكبر كارثة شهدناها، وشهدنا الكثير".
ماتت والدته واثنان من أبناء عمومته وقريب آخر في الزلزال. ويوم السبت جلس خارج المبنى المكون من طابقين المهدم في انتظار رجال الإنقاذ لمساعدته على إخراج جثثهم.
أما أحمد أبو شعر، الذي كان يدير مأوى للاجئين السوريين في أنطاكيا أصبح الآن كومة من الأنقاض، فقد قال: "لم تفقد أسرة سورية واحدة قريباً، بل عزيزاً" في هذا الزلزال.
وأضاف أبو شعر أنّ الناس يبحثون عن أحبائهم ورفض الكثيرون مغادرة أنطاكيا رغم أن الزلزال ترك المدينة بلا مبانٍ صالحة للسكن ولا كهرباء ولا ماء ولا تدفئة. ينام الكثيرون في الشوارع أو بين أطلال المباني المحطمة. "ما يزال الناس يعيشون في حالة صدمة. لم يكن أحد يتخيل هذا"، وفق تعبيره.
"نحتاج فرق إنقاذ"
وبسبب الصدمة، وقف عبد القادر بركات يائساً يطلب المساعدة الدولية لإنقاذ أطفاله المحاصرين تحت الخرسانة في أنطاكيا.
"هنالك أربعة. أخذنا اثنين وما يزال اثنان (بالداخل) لساعات. نسمع أصواتهم... نحن بحاجة إلى فرق إنقاذ".
داخل الملجأ السوري، جلس محمد اللولو في دائرة محاطاً بأطفاله الذين هربوا من المبنى الذي تأرجح وانحنى أخيراً مثل (الأكورديون).
جاء إلى أنطاكيا في أيار من مخيم للاجئين على الحدود التركية السورية. وكان قد نجا من القصف المدفعي والقتال في بلدته بمحافظة حماة وسط سوريا، لكنه وصف بقاءه في الزلزال بأنه معجزة.
الأقارب الآخرون لم يحالفهم الحظ. قال إن اثنتين من بنات أخته وعائلاتهما ما زالتا تحت الأنقاض، وهم يذرفون الدموع. "لا أتمنى هذا لأحد. لا شيء يمكنني قوله لوصف هذا"، يضيف محمد.
يمكن رؤية مشاهد اليأس والحداد في جميع أنحاء المنطقة التي كانت قبل أيام قليلة فقط ملاذاً سلمياً لأولئك الفارين من الحرب والصراع.
في مقبرة بلدة "البستان"، على بعد نحو 320 كيلومتراً شمالي أنطاكيا، بكت عائلة سورية وهي تدفن أحد أفرادها. نزيهة الأحمد، أم لأربعة أطفال، تم انتشالها من تحت أنقاض منزلها الجديد. أصيبت اثنتان من بناتها بجروح خطيرة، إحداهن فقدت أصابع قدميها.
يقول زوجها أحمد الأحمد: "كانت زوجتي رائعة، حنونة، طيبة... زوجة صالحة، رحمها الله". مات الجيران وماتت معهم نزيهة.
جثث السوريين إلى الشمال السوري
على الحدود التركية والسورية، نقل الناس أكياس الجثث إلى شاحنة في انتظار نقل الرفات إلى سوريا لدفنها في وطنهم. وكان من بينهم جثة "تسنيم قزوز" ابنة أخت خالد قزوز البالغة من العمر 5 سنوات.
توفيت تسنيم مع والدها عندما دمر الزلزال بلدة كركخان الحدودية. "أخرجناها من تحت الدمار والصخور. سقط المبنى بالكامل... عملنا لمدة ثلاثة أيام لإخراجها" يقول خالها خالد الذي كتب اسم ابنة أخته ووقّع على كيس الجثث قبل إرسالها إلى الشاحنة المتجهة إلى سوريا. صلى عليها وتركها تذهب.