كشف "المركز السوري للعدالة والمساءلة" عن استخراج نحو 6 آلاف جثة من عشرات المقابر الجماعية التي حفرها تنظيم "الدولة" (داعش) في شمال شرقي سوريا، ومن التي تم انتشالها من المباني التي دمرتها الغارات الجوية الأميركية خلال الحملة العسكرية لقوات التحالف على الرقة، والتي أعلنت في نهايتها سقوط التنظيم.
وقال المركز (مقره واشنطن) في تقرير نشره أمس الخميس، وحمل عنوان: "كشف الأمل: البحث عن ضحايا داعش المفقودين"، إنه بعد ثلاث سنوات من هزيمة تنظيم "الدولة" على الأرض، لا يزال الآلاف في عداد المفقودين ولا تزال محاسبة خاطفيهم بعيدة المنال.
وأشار التقرير إلى أن الانتهاكات التي ارتكبها التنظيم "قد تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وحتى إبادة جماعية في بعض الحالات. ولعائلات الضحايا الحق في معرفة الحقيقة بشأن مصير أحبائهم".
بين عامي 2013 و2017، عندما سيطر تنظيم "الدولة" على معظم شمالي وشرقي سوريا، اعتقل آلاف الأشخاص الذين ما زالوا في عداد المفقودين، بحسب التقرير، ولا تزال أسرهم تعيش في حالة من الحزن وعدم اليقين.
وأوضح التقرير أن عدد الجثث المستخرجة من المقابر الجماعية ومن تحت الأبنية المدمرة (6 آلاف جثة)، قد تشكّل ما يقرب من نصف العدد الإجمالي للأشخاص المفقودين في شمال شرقي البلاد، على الرغم من اختلاف تقديرات المفقودين.
في حزيران 2014، أصبحت الرقة العاصمة الفعلية لـ تنظيم "الدولة" في سوريا، وذلك بعد السيطرة الكاملة عليها من قبله. وحكم التنظيم الرقة بالحديد والنار والرعب، وأقام عشرات مراكز الاحتجاز في أجزاء مختلفة من المدينة، وعامل المحتجزين من معارضيه بوحشية؛ بل ووضعت رؤوس الضحايا بعد قطعها وسط ساحة النعيم في قلب المدينة.
أكثر من 150 مركز احتجاز
المركز السوري للعدالة والمساءلة، وثّق في تقريره، ولأول مرة، الشبكة الواسعة من مرافق الاحتجاز المركزية التابعة للتنظيم، حيث أخفى فيها معارضيه. واستخدمت الأجنحة المختلفة لجهاز أمن التنظيم بشكل منهجي هذه الشبكة المكونة من 152 مركزًا للشرطة ومعسكرا تدريبيا وسجونا أمنية سرية، لاعتقال المدنيين المختطفين وأعضاء الجماعات المسلحة المناوئة، حتى قبل إصدار أحكام الإعدام أو تنفيذها بإجراءات شكلية، في معظم الأحيان.
في مدينة الرقة وحدها، سجّل التقرير 33 مركز احتجاز.
ويلفت المركز السوري للعدالة والمساءلة إلى أن الجناة من أعضاء التنظيم، ومن الذين قد يمتلكون أدلة ضرورية للتعرف إلى هوية أصحاب الجثث، يقبعون في سجون "قوات سوريا الديمقراطية/ قسد" المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية "مع عدم وجود إجراءات قضائية عادلة في الأفق"، بحسب التقرير الذي يضيف بأن أعضاء سابقين آخرين في التنظيم يعيشون في بلدانهم الأصلية التي عادوا إليها بعد إعلان سقوط الجماعة.
ويقدم التقرير تحليلا مبدئيا للشهادات الشفوية والتوثيق الخطي بغرض توضيح الأنماط التي استخدمها "داعش" في احتجاز الأشخاص والقيام بشكل فاعل بتحديد مصير ومكان أولئك الذين ما زالوا مفقودين.
ويعدّ هذا التوثيق والتحليل الدراسة الأشمل لأجهزة اعتقال التنظيم بالاعتماد على مقابلات مع أفراد سابقين في التنظيم والناجين من المعتقلات أيضاً، وكذلك مع عائلات المفقودين. كما اعتمد على وثائق التنظيم التي تم تهريبها من مكاتبه الأمنية في شمال شرقي سوريا.