أصدرت الأمم المتحدة تقريراً تحدثت فيه عن الآثار المدمرة على الأطفال السوريين إثر النزاع طويل الأمد وشديد الحدّة، مشددة على إعطاء الأولوية لحقوق الناجين واحتياجاتهم.
وقال التقرير، وهو الثالث الصادر عن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش"، إن ملايين الأطفال السوريين "لا يزالون محاصرين في نزاع طويل الأمد وشديد الكثافة، ولا يزالون يعانون من مستوى مروّع من العنف، مع القليل من الدعم المتاح للناجين".
ويغطي التقرير فترة عامين، بما فيهما الفترة التي شهدت تفشي وباء "كورونا"، التي فرضت قيوداً ذات صلة، مما أدى إلى تفاقم ضعف الأطفال وإعاقة عمل الجهات الفاعلة في المجال الإنساني وحماية الأطفال على أرض الواقع.
وخلال تلك الفترة، وثّق التقرير 4724 انتهاكاً جسيماً وقع على الأطفال تم التحقق منها، معتبراً أن العدد أعلى من ذلك بكثير، مشيراً إلى أنه يوجد على الأقل 32 مسؤولاً عن هذه الانتهاكات من مختلف أطراف النزاع.
وجاء في التقرير أنه "في سوريا، عاش جميع الأطفال دون سن العاشرة حياتهم بكاملها في بلد مزقته النزاعات، ولم يعرفوا شيئا سوى الحرب". مشيراً إلى أن "عواقب مثل هذا العرض المطول للعنف وانتهاك وإساءة استخدام أبسط حقوقهم الأساسية والإجهاد هائل هي نتائج مأساوية، لا بد أن تؤثر على الأجيال القادمة".
وقالت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا غامبا، إنه "من الأهمية بمكان إعطاء الأولوية لحقوق واحتياجات هؤلاء الفتيان والفتيات، بما في ذلك في محادثات السلام، لتجنب ضياع جيل".
القتل والتشويه أكثر الانتهاكات انتشاراً
وأشار التقرير إلى أن قتل الأطفال وتشويههم وتجنيدهم واستخدامهم، من أكثر الانتهاكات الجسيمة انتشاراً، والتي تم التحقق منها، حيث وثّق التقرير قتل أو تشويه أكثر من 2700 طفل بين تموز من العام 2018 وحزيران من العام 2020، من جراء الغارات الجوية ومخلفات الحرب المتفجرة والقصف البري العشوائي على المناطق المأهولة بالمدنيين.
وأضاف التقرير أنه تم تجنيد أو استخدام أكثر من 1400 طفل من قبل 25 طرفاً على الأقل من أطراف النزاع، فضلاً عن حرمان 25 طفلاً من حريتهم، موضحاً أن "ما يثير القلق، بشكل خاص، الاتجاه الناشئ للتجنيد العابر للحدود، حيث تم تجنيد الأطفال وتدريبهم في سوريا قبل تهريبهم إلى ليبيا للمشاركة في الأعمال العدائية، من قبل الجماعات المسلحة".
ووفق التقرير، كانت الهجمات على المدارس والمستشفيات ثالث أكثر الانتهاكات التي تم التحقق منها، حيث وثّق التقرير 236 هجوماً على المدارس، و135 هجوماً على المرافق الطبية، بما في ذلك الأشخاص المحميون ذوو الصلة، مما أثر بشدة على أنظمة الرعاية الصحية والتعليم الهشة بطبيعة الحال".
الوضع في مخيمي الهول وروج مقلق للغاية
وأشار التقرير إلى أن الوضع في مخيمي الهول والروج، اللذين تسيطر عليهما "قوات سوريا الديمقراطية"، ظل مقلقاً للغاية، حيث تحتجز "قسد" نحو 65400 شخص هناك، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال، بينهم مالا يقل عن 960 من الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، من بين أولئك الموجودين في هذه المخيمات.
وحث التقرير دول العالم على "تسهيل وإعطاء الأولوية لإعادة الأطفال الأجانب إلى بلدانهم الأصلية، بما يتماشى مع المصالح الفضلى للطفل، وتزويدهم بالمساعدة في إعادة الإدماج والتعليم والحصول على الصحة وسبل العيش".
كما أوضح التقرير أن سوريا استمرت في كونها مكاناً خطيراً للجهات الفاعلة الإنسانية، ولتوصيل المساعدات المنقذة للحياة، حيث تم التحقق من 137 حادثة منع وصول المساعدات الإنسانية، وفي اتجاه غير مسبوق في سوريا، تم التحقق من 46 هجوماً طالت 37 منشأة مائية في فترة 6 أشهر خلال العام 2019، جميعها، باستثناء هجوم واحد، في شمال غربي سوريا، وأثرت هذه الحوادث على وصول أكثر من 700000 شخص إلى المياه النظيفة.
الأطفال جزء أساسي من عملية السلام
وشددت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا غامبا، على أهمية دعم الأطفال لمعالجة الآثار طويلة المدى للنزاع على رفاههم البدني والعقلي.
وجددت دعوة الأمين العام العاجلة إلى جميع الأطراف للالتزام بواجباتها، بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، ودعوتهم، ومن لهم تأثير عليهم، إلى اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة على الفور لحماية الأطفال في سوريا بشكل أفضل وضمان أنها جزء أساسي من المناقشات الجارية ضمن عملية السلام.