أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مضادات طائرات، روسية الصنع، تابعة للنظام السوري تمكنت من اعتراض 22 صاروخاً من أصل 24 أطلقتها الطائرات الإسرائيلية في الغارة الأخيرة قبل يومين، في ثاني تعليق روسي "لافت" في أقل من شهر، على النشاط العسكري الإسرائيلي في سوريا.
وقال رئيس مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم في سوريا اللواء فاديم كوليت، في بيان أصدره مساء أمس، الجمعة 20 آب/أغسطس، إن ست مقاتلات حربية إسرائيلية استهدفت مواقع في ريفي دمشق وحمص من الأجواء اللبنانية في وقت متأخر من مساء الخميس الماضي.
موسكو تتفاخر وتل أبيب تقر
وأضاف الجنرال الروسي أن منظومات دفاع روسية الصنع من طراز "Buk-M2" و"Pantsyr-S" تابعة لقوات الدفاع الجوي في جيش النظام السوري اعترضت 22 صاروخاً من أصل 24 أطلقتها الطائرات الإسرائيلية.
وكانت وكالة أنباء النظام "سانا" قد أعلنت، مساء الخميس 19 آب/أغسطس، أن "وسائط الدفاع الجوي تصدت للعدوان وأسقطت معظم صواريخه"، بعد شن طائرات إسرائيلية غارات من الأجواء اللبنانية على مواقع في ريفي دمشق وحمص.
وبالتزامن مع بيان وزارة الدفاع الروسية، أعلن الجيش الإسرائيلي سقوط صاروخ أطلقته مضادات الطائرات السورية في الأردن بالقرب من البحر الميت، مجيزاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية نشر هذا الخبر.
ونقلت صحيفة "معاريف" عن مصادر أمنية إسرائيلية، مساء أمس، تحت عنوان "سُمح بالنشر" أن أنظمة التحذير تم تفعليها في الجبهة الداخلية إثر إطلاق صاروخ من سوريا باتجاه إسرائيل، ولكنه سقط في الأردن، رداً على الهجوم الإسرائيلي قبل يومين.
وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن واحداً من عشرات الصواريخ التي أطلقتها الدفاعات الجوية التابعة للنظام السوري على الطائرات الإسرائيلية المغيرة انفجر في الجو في المنطقة الحدودية بين الأردن وإسرائيل من دون العثور على أجزائه.
وأشارت الصحيفة إلى أن أياً من الطائرات الإسرائيلية لم تصبها الصواريخ السورية المعترضة، وهي صواريخ أرض جو يصل مداها إلى 300 كم، من طراز "SA-5" (سام 5) وتطلق من منصات "S-200" الروسية.
تداعيات الغارة
أسفرت الغارة الإسرائيلية عن مقتل أربعة مدنيين وإصابة آخرين في مدينة قارة بالقلمون الغربي التابع لريف دمشق، بحسب ما نقلته إذاعة "شام إف إم" عن رئيس مجلس مدينة قارة، أحمد صارم.
ومن جانب آخر، نفى البيان الروسي وقوع خسائر في صفوف العسكريين السوريين أو تدمير منشآت للبنية التحتية في الهجوم الإسرائيلي، في ظل تقارير إعلامية تحدثت عن مقتل أربعة عسكريين يرجح أنهم من عناصر "حزب الله" اللبناني، لم يتسن لـ "موقع تلفزيون سوريا" التأكد من صحتها.
وأفادت قناة "الجديد" اللبنانية بسقوط صاروخين في منطقة القلمون على الحدود اللبنانية السورية، مما تسبب بالذعر والرعب لدى مواطنين في بعلبك بعد سماعهم أصوات الانفجارات.
ونددت الحكومة اللبنانية باستخدام المقاتلات الإسرائيلية المجال الجوي اللبناني لشن الغارات على سوريا، وطالبت الأمم المتحدة بالتحرك لوضع حد لتل أبيب.
موسكو تخرج من صمتها
هذه المرة الثانية التي تعلق فيها روسيا على الضربات الإسرائيلية بعد التزامها الصمت المعتاد عن النشاط العسكري لإسرائيل في سوريا.
وفي 24 تموز/يوليو الماضي، خرجت روسيا من صمتها لأول مرة على الضربات الإسرائيلية وأصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانين منفصلين تعليقاً على ضربتين سابقتين، متفاخرة بأن منظومات الدفاع التي استخدمها النظام لإسقاط الصواريخ الإسرائيلية كانت روسية.
يشار إلى أن روسيا تلتزم الحياد حيال الضربات الإسرائيلية بناءً على تفاهمات توصلت إليها موسكو وتل أبيب لوضع "آلية منع التصادم"، في أيلول/سبتمبر 2018 إثر إسقاط طائرة حربية روسية في اللاذقية من قبل قوات النظام عن طريق الخطأ في أثناء التصدي لغارة إسرائيلية كانت متزامنة.
ويعتبر التعليق الروسي تغييراً في لهجة موسكو تجاه تل أبيب، في ظل تقارير إعلامية تتحدث عن تغيير الروس استراتيجيتهم في التعاطي مع الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية.
وكانت صحيفة "الشرق الأوسط" قد أشارت إلى إمكانية تقييد موسكو لنشاط الإسرائيليين العسكري في سوريا، وفقاً لتفاهمات "غير معلنة" جرت في قمة جنيف بين الرئيسين بايدن وبوتين في حزيران/يونيو الماضي.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية روسية، أن موسكو حصلت على تأكيد أن واشنطن لا ترحب بالغارات الإسرائيلية المتواصلة، الأمر الذي اعتبره الروس ضوءاً أخضراً لتغيير "قواعد اللعبة".