أعلن قائد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، مظلوم عبدي ، أن النظام السوري عزز قواته المـوجودة في عين العرب وتل رفعت "ولا نزال نعمل على منبج وذلك بالتنسيق مع الجانب الروسي"، وفق تعبيره.
وتطرق عبدي إلى اتفاق تشرين الأول 2019 بين "قسد" من جهة وقوات النظام السوري برعاية روسية من جهة أخرى، وقد جرى هذا الاتفاق على وقع عملية "نبع السلام" التركية، وقد أدى في وقتها إلى وقف الهجوم التركي.
وزعم "عبدي" في تصريحات نقلتها وكالة "هاوار"، أن "قسد" التزمت ببنود الاتفاق، ومنها تراجع قواته عن الحدود السيادية السورية مع تركيا بمسافة 30 كم، وفتح الطريق أمام قوات النظام السوري للتمركز في المناطق الحدودية، وهو أمر تنفيه تركيا بشكل قاطع وتؤكد وجود عناصر "قسد" وعناصر "حزب العمال الكردستاني" (PKK) على حدودها.
وهدد مظلوم عبدي الجيش التركي بعملية شاملة سماها "معركة الشمال السوري أجمع"، وقال "لم يبق أمامنا مكان ننسحب إليه، ستكون معركة الشمال السوري أجمع ولن تبقى محدودة. الـجيش الـتركي والـفصائل المدعومة منه سيواجهون أولاً قوات الحكومة السورية والسوريين أجمع في هذه الحرب".
وساطة موسكو بين "قسد" والأسد
وكان قد وصل مئات الجنود الروس إلى مطار القامشلي بريف الحسكة لتعزيز وساطة موسكو بين "قسد" والنظام السوري، وتعزيز ثقة الأولى بروسيا التي تعمل على استغلال توافق دول حلف شمال الأطلسي الذي يضم في صفوفه تركيا والولايات المتحدة لإثارة مخاوف "قسد" ودفعها لعقد صفقة مع النظام بالمناطق الحدودية، وبالتالي تنفيذ الاتفاق الثنائي بين أنقرة وموسكو على إبعاد "قسد" عن حدودها.
تزامن ذلك مع تصريحات غير مسبوقة من قادة "قسد" وذراعه السياسي "مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)"، وحزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" صبت في اتجاه تحسن العلاقة مع النظام وضرورة توليه حماية سوريا من "التهديدات التركية".
لكن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أكد الأحد 10 تموز تمسك أنقرة بإجراء العملية العسكرية المخطط لها في شمال سوريا، إذ أكد أنها "لن تؤجل".
وأشار أكار في معرض رده على سؤال حول ما إذا كانت تركيا قد تلقت نصيحة في قمة حلف شمال الأطلسي بمدريد بتجنب أو تأجيل العملية العسكرية المخطط لها في شمال سوريا: "في الاجتماعات الثنائية التي أجريناها على هامش قمة الناتو في مدريد، لم يتم التطرق إلى هذا الأمر".
وجود النظام والروس ليس جديداً بالمنطقة
الوجود الروسي في مناطق تل رفعت والجزيرة السورية ليس جديداً، فالروس والنظام انتشروا في منطقة الجزيرة السورية على جبهات منطقة العمليات التركية "نبع السلام" بموجب تفاهم مع بين موسكو وأنقرة.
كما أن الوجود الروسي في تل رفعت أقدم من ذلك، فمن المعروف أن "قسد" سيطرت على تل رفعت وأجبرت فصائل المعارضة إلى التراجع إلى مدينة اعزاز بدعم روسي في العام 2016، كما يقول الصحفي نوار الرهاوي العامل في موقع الخابور المحلي.
ويضيف الرهاوي، بتصريح لموقع تلفزيون سوريا، أن هذا الوجود لا يعني بطبيعة الحال تنفيذ الاتفاق مع أنقرة حول انسحاب "قسد" من منطقة الـ 30 كيلومتراً، فالتحرشات من طرف "قسد" والقصف للمناطق المدنية وإرسال الملغمات ومحاولات التسلل لم تتوقف طيلة السنوات الماضية".
وأردف: "لن تشكل التعزيزات العسكرية الحالية من طرف النظام وروسيا أي ضامن بالنسبة لأنقرة لا لحدودها الجنوبية إلى المناطق المحررة التي تشرف عليها بالشمال السوري".
علاقة قديمة ومتجددة
يقول الباحث والكاتب مهند الكاطع، إن الاتصال بين النظام و"قسد" لم ينقطع، لكن الجديد هناك محاولة من قبل النظام وروسيا استغلال المأزق الذي تشعر فيه، بعد إدراكها أن العملية التركية الجديدة ستكون بمباركة من قبل دول الناتو.
ويضيف "الكاطع" بحديثه للموقع، أن "قسد" تقوم في تضخيم الاتفاق لأنها تعتقد بأن ذلك سيشكل ضغطاً على بعض اللوبيات في الداخل الأميركي، وبالتالي يدفع أميركا للدفع باتجاه الضغط على تركيا لتخفيف أثر العملية أو نطاقها.
ويشير إلى أن تحركات الروس والنظام تجري في القامشلي والحسكة بشكل أساسي، أي في خارج نطاق العمليات التي تنوي تركيا شنها في تل رفعت ومنبج. لذلك لن تكون هناك أي صدامات بين روسيا وتركيا ولا بين تركيا وأميركا من أجل العملية العسكرية التركية التي أعتقد بأنها ستكون قريبة جداً.
عبد الله كدو، عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري، يقول لتلفزيون سوريا إن مراهنة "قسد" على تخويف تركيا وردعها أو حتى تطمينها من خلال السماح لقوات النظام في الانتشار بالمناطق المستهدفة بالعملية العسكرية فاشلة ولن توقف أنقرة.
ويوضح "كدو"، وهو ممثل "المجلس الوطني الكردي" في "الائتلاف"، أن تركيا تدرك أن التفاهمات بين النظام و"قسد" قديمة، كما أن النظام هو الذي سلح الأذرع العسكرية التابعة "لحزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD) وكذلك استعان بعناصر "العمال الكردستاني"، الأمر الذي أكدته تصريحات مسؤولي "قسد" الذين طالما افتخروا بالتعاون معهم حول إخراج (داعش) من عين العرب (كوباني)، فإن تركيا تطرح الخروج النهائي لمنظومة "قسد" من حدودها، الأمر الذي لا يضمنه النظام حسب أنباء اتفاقاته مع المنظومة.
تهديد جدي
مصدر مقرب من "الجيش الوطني السوري" قال لتلفزيون سوريا، إن العملية العسكرية التركية قادمة من دون شك، ولن توقفها تعزيزات النظام و"قسد" على جبهات القتال، مشيراً إلى أن ما سماه "استجداء (قسد) بالنظام في عفرين" لم يوقف "غصن الزيتون"، وكذلك فتركيا خاضت عملية "درع الربيع" العسكرية في 2020 ضد النظام في إدلب.
ويشير المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن العملية التركية الجديدة مختلفة عن العمليات السابقة، في أن أنقرة تمارس جهوداً دبلوماسية كبيرة من أجل الحصول على قبول دولي لها، يمول فيما بعد عملية إنشاء المنطقة الآمنة، وهذا ما أجلها إلى الآن.
طريقة واحدة لوقف العملية
السبيل الممكن لتجنب سكان تلك المنطقة المستهدفة العملية العسكرية هو انسحاب عناصر "حزب العمال الكردستاني" من سوريا، وقيام "حزب الاتحاد الديمقراطي" بمراجعة سياسته إزاء تركيا وعلاقتها "بالعمال الكردستاني" الذي تراه تركيا عدواً لها، وتدرجه أطراف دولية أخرى على لائحة الإرهاب، وبذلك يمكن "للاتحاد الديمقراطي"، بعد أن ينطلق من الأرضية الوطنية السورية بوضوح، أن يجنب المنطقة التي تديرها "الإدارة الذاتية" تهديدات تركيا ومخاطر العملية المرتقبة، بحسب كدو.