انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير عملية تعديل قيمة المهر، بسبب انخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية وضعفها أمام الدولار، لتبدأ بعض الزوجات بالمطالبة بتعديل مهورهنَّ مقابل الليرات الذهبية أو "غرامات" الذهب، للحفاظ على قيمته.
كما يعتبر موضوع ارتفاع المهور في سوريا، من المواضيع الإشكالية التي يقع فيها الشاب عند رغبته بالزواج، فالعديد من العائلات تعتبر المهر هو ضمان للزوجة في حال وقع الطلاق بين الشريكين، وعائلات أخرى تعتبره جزءًا من "البريستيج" أمام المجتمع والأصدقاء.
ونقلت صحيفة "تشرين" الموالية عن القاضي الشرعي الثالث في دمشق خالد جندية قوله "باتت الناس تلجأ لوضع المهر بالذهب (ليرات أو غرامات)، وأن السبب وراء هذا التباين هو التفاوت الطبقي بشكل عام".
التفاوت في قيمة المهور
وأضاف أن "المحاكم السورية تشهد تسجيل مهور فلكية وأخرى قيمتها متدنية، حيث إن أقل مهر تم تسجيله هو عشر ليرات سورية كمقدم ومثلها كمؤخر، في حين كان المهر الأعلى في إحدى معاملات الزواج هو 15 ألف ليرة ذهبية".
وأشار جندية إلى عدم وجود حد أعلى أو أدنى للمهر، وفي قانون الأحوال الشخصية السوري لا يوجد نص قانوني يحدد قيمة معينة للمهر في عقد الزواج، لذا يمكن أن يكون مرتفعاً جداً أو منخفضاً جداً.
وأكد أن القاضي لا يتدخل في قيمة المهر طالما لا يوجد إرهاق ويوجد اتفاق بين الطرفين، لكنه يتدخل في حال وجود إخلال، وذلك خلال الحوار مع العروسين.
لا انخفاض في عدد حالات الزواج
ورفض جندية ما يشاع عن عزوف الشباب عن الزواج، حيث إن الإحصاءات الموجودة لعدد حالات الزواج في المحاكم الشرعية لا توحي بذلك، مشيراً إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة تلعب دوراً في تأخر الزواج عند البعض.
وأوضح القاضي الشرعي أن حالات الزواج والطلاق متقاربة من حيث الإحصاءات ولاسيما في السنوات الأخيرة، حيث وصل عدد الزيجات إلى 30 ألف حالة و10 آلاف حالة طلاق سنوياً.
تعديل قيمة المهور في سوريا
من جهته أكد المحامي إبراهيم الأيوبي لصحيفة "تشرين" أن تعديل المهر يعد إجراءً شائعاً مؤخراً، وذلك نتيجة انخفاض القيمة الشرائية للمهور المتفق عليها في عقد الزواج، والذي تسبب بحدوث مشكلات عائلية لفقدان المهر قيمته المادية، وصدور قانون الأحوال الشخصية لعام 2019 شجع العديد من الأزواج على تعديل المهر رضائياً صوناً لحقوق الزوجة المادية.
وأضاف أن "هناك حالات عديدة تكرر فيها تعديل المهر أكثر من مرة لتصبح بالليرة الذهبية، وأن عامل التقليد والمباهاة بين العائلات يلعب دوراً كبيراً في ذلك، وجاء التعديل الجديد ومكّن الزوجة من تعديل مهرها بعد مدة معينة على زواجها قرابة 10 سنوات، لأن قيمته السابقة لم تعد مناسبة للقوة الشرائية الحالية، مع الالتزام بشرط القانون وهو ألّا يتجاوز مهر المثل عند الاستحقاق، وأن يكون برضا الطرفين وتقديم طلب إداري للقاضي الشرعي".
وأشار الأيوبي إلى أن التعديل ارتبط بمكانة المخطوبة ومستواها الاجتماعي وتحصيلها العلمي، وأن العائلات المرموقة وجدت في القانون الجديد مجالاً للتنافس والتفاخر في رفع قيمة المهور وهو ظاهرة اجتماعية غير حميدة.
وأضاف الأيوبي أن "قيمة المهر تختلف من منطقة إلى أخرى، ويمكن أن يكون أثاثاً منزلياً أو ممتلكات على سبيل المثال، وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للسوريين خارج القطر اضطرهم للجوء إلى الملاذ الآمن، وهو تسجيل المهر بالليرة الذهبية لضمان الحفاظ على قيمته، ولعدم القدرة على تثبيت العقد بالعملات العائدة لدول الاغتراب ما يسبب حرجاً لهم، وخاصة أن أغلبية عقود الزواج يتم تثبيتها إما في سوريا أو في سفاراتها في الخارج".
2000 ليرة ذهبية مهر في مدينة جلب
وفي كانون الأول الماضي كشف رئيس المحكمة الشرعية الأولى القاضي مروان حاج حمود لإذاعة "المدينة إف إم" عن تسجيل أعلى مهر في محافظة حلب بمقدار 1000 ليرة ذهبية للمقدم، ومثلها للمؤخر.
وسبق أن كشف القاضي الشرعي الأول في اللاذقية أحمد قيراطة عن قيام أحد المواطنين بتسجيل معجل مهر غير مقبوض قدره 100 مليار ليرة ومعجل غير مقبوض قدره 100 مليار ليرة سورية، في عقد زواجه المسجل لدى المحكمة الشرعية الأولى في اللاذقية خلال العام الماضي.