وجه الجيش الأميركي تهمة للرقيب الفني ديفيد واين ديزوان، وهو فني متخصص بعمليات التخلص من الذخائر المتفجرة، بتدبير هجوم استهدف جنودا أميركيين في سوريا خلال شهر نيسان الماضي.
إذ أعلن سلاح الجو الأميركي يوم الخميس الماضي بأن ديزوان مجند نشيط لدى السرب 775 للهندسة المدنية بقاعدة هيل المخصصة للقوات الجوية، وقد خدم منذ مدة قريبة كضابط صف مسؤول عن معدات تفكيك الذخائر المتفجرة لدى سربه، إلا أنه اتهم بارتكاب عدة خروقات للقانون الموحد للعدالة العسكرية، من بينها: التقصير في أداء الواجب، وإتلاف ممتلكات عسكرية، وانتهاك حرمة الآخرين، واستخدام جهاز حاسوب حكومي من دون إذن، وحيازة معلومات سرية، والاعتداء الجسيم.
سبق أن نقلت شبكة سي إن إن بأن مجرماً قام بوضع عبوات متفجرة من النوع العسكري والتي تتفوق قوتها التدميرية على قوة قنبلة يدوية بالقرب من مستودع للذخيرة وحمامات في منطقة غرين فيليدج، وهي نقطة عسكرية أميركية صغيرة تقع في الشمال السوري. فتسببت تلك التفجيرات بإصابة أربعة مجندين خضعوا للعلاج بسبب إصابات طفيفة في الرأس، ثم عادوا للعمل بعد مدة قصيرة في شهر نيسان.
يذكر أن نحو 900 جندي أميركي ظلوا في سوريا ليقدموا المساعدة والمشورة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد".
إلا أن سلاح الجو لم يتطرق لذكر المدة التي بقي خلالها ديزوان في سوريا عند وقوع الهجوم، وذلك لأنه اعتقل في الولايات المتحدة في 16 من حزيران وحبس قبل أن تجري محاكمته، لكن الناطق الرسمي باسم نقطة هيل رفض الكشف عن المكان الذي احتجز فيه ذلك الجندي.
ومن المزمع أن يخضع ديزوان لجلسة استماع بموجب المادة 32 يوم 23 من آب، حيث سيقرر القاضي العسكري إن كانت الأدلة تكفي للمضي في المحاكمة العسكرية، إذ تمثل هذه الدعوى ما يعادل جلسة استماع أولية تأتي قبل المحاكمة في محكمة مدنية وذلك في النظام العدلي العسكري.
تفاصيل الهجوم
في 7 من نيسان الماضي، تعرضت قاعدة "القرية الخضراء" الأميركية شمال شرقي سوريا للهجوم، واعتقد المسؤولون في البداية بوجود نيران غير مباشرة تستهدف القاعدة، بطريقة شبيهة لهجمات الصواريخ وقذائف الهاون التي تنفذها المجموعات المسلحة في المنطقة.
لكن بعد تحقيقات استمرت لمدة أسبوع، بات لدى المسؤولين اعتقاد أن الهجوم نتج عن وضع عبوات ناسفة من قبل شخص، أو أشخاص، مجهولين، في منطقة لتخزين الذخيرة ومنشأة للاستحمام، مشيرين إلى أن المتفجرات ليست ضئيلة ولها قوة تفجير أكبر من القنبلة اليدوية، وذات طبيعة عسكرية.
ولا يعرف المسؤولون ما إذا كان اختيار توقيت الهجوم في منتصف الليل، من أجل عدم التسبب بخسائر كبيرة، أم لأنه يتيح الفرصة للابتعاد بهدوء وسرعة.
من أفغانستان إلى سوريا
انضم ديزوان لسلاح الجو الأميركي في تشرين الأول 2007، بعد عامين على تخرجه من الثانوية في غربي ميتشيغان، بحسب مقالة نشرت في صحيفة هولاند سينتينيل عام 2010.
وخلال فرزه إلى قاعدة كادينا الجوية باليابان عام 2010، حصل ديزوان على ميدالية العمليات القتالية لسلاح الجو اعترافاً وتقديراً بمشاركته مع فيلق البحرية في ولاية هيلماند بأفغانستان قبل عام، حيث ذكر ديزوان بأنه حصل على تلك الميدالية بعد مهمة ساعد خلالها في إخلاء الطريق من المتفجرات وذلك بين قاعدتين للعمليات الأمامية في ولايتي ديلارام وغوليستان جنوبي أفغانستان، حيث ذكر في إحدى المقالات ما يلي: "بعد إخلاء الطريق وتنظيفه لمدة 12 ساعة، وصلنا لما يعرف بمعبر بوجي باست، فكان ذلك مدخلاً للمعبر الأسود، أي تلك المنطقة المعروفة بأنشطة المتمردين القاتلة والمتكررة".
إلا أن الطريق الفاصل بين جبلين كان السبيل الوحيد للوصول بين هاتين القاعدتين العسكريتين، ولذلك أتى من مشطوا الطريق قبل وصول الرتل العسكري، وهم يحملون أدوات الكشف المعدنية بحثاً عن أي عبوة ناسفة.
وعن ذلك يقول ديزوان: "عندما وصلنا لمنتصف معبر بوجي باست، تعرضت المركبة التي كنت أستقلها لتفجير بعبوة ناسفة، إذ انفجرت تلك العبوة التي تزن 40 رطلاً تحت الإطار الأمامي الأيمن للمركبة، فشلت حركتها تماماً",
وفي نشرة صحفية لسلاح الجو ظهرت عام 2010، ذكر ديزوان بأنه لم يدري ما حدث لأنه أصيب في رأسه بسبب هذا التفجير، وقد علق على ذلك بقوله: "تعرضنا لإصابات طفيفة فحسب، تتراوح بين بعض الرضوض إلى جروح وشق في شفة أحدنا".
انتظر الرتل 24 ساعة حتى وصل فريق الإنقاذ، وبعد ساعة من وصوله، تعرض الجنود لنيران رصاص وقذائف هاون غير مباشرة من الجبال المطلة عليهم.
اقرأ أيضا: السلطات الأميركية تعتقل طياراً على صلة بهجوم في سوريا
وعن ذلك علق ديزوان بالقول: "قمنا بالرد على النيران، وهذا ما دفع الإرهابيين للانسحاب، وعند وصول طواقم الإنقاذ الخاصة بنا، أصيبت مركبة فريق الدعم المتخصص بتفكيك الذخائر المتفجرة بعبوة ناسفة أخرى، تزن أيضاً 40 رطلاً ومؤلفة من مواد متفجرة محلية الصنع، وذلك على بعد 75 متراً من موقع إصابة سيارتنا التي تعطلت"، فشُلت حركة تلك المركبة هي الأخرى بالكامل، ويتابع ديزوان بالقول: "لقد تواصلوا مع رتلنا حتى يواصلوا المهمة، فانتظرنا وصول المزيد من فرق الإنقاذ".
يذكر أن ديزوان حصل على العديد من الميداليات والأوسمة العسكرية الأخرى، ومنها وسام إنجاز الخدمات المشتركة الذي يمنح على "الإنجاز المتميز أو الخدمة التي تستحق التقدير" بحسب ما ذكره سلاح الجو، بالإضافة إلى حصوله على سبعة أوسمة أخرى من قبل الجيش والبحرية وسلاح الجو، وذلك لقاء إنجازاته التي تستحق الثناء.
إلا أنه لم يتضح إن كان مكتب التحقيقات الخاصة لدى سلاح الجو مايزال يبحث مع قسم التحقيق الجنائي لدى الجيش الأميركي عن متهمين آخرين غير ديزوان، إذ قالت الناطقة الرسمية باسم سلاح الجو الأميركي، آن ستيفانيك، يوم الخميس: "يعتبر أي متهم من سلاح الجو بريئاً إلى أن تبثت إدانته".
المصدر: إير فورس تايمز