يستعد وفد من كبار المسؤولين الروس لزيارة العاصمة السورية دمشق، للقاء نظام الأسد، وتحمل هذه الزيارة، وفق مراقبين، دلالات عديدة تضعها في إطار "الزيارات الهامة" التي تجمع الطرفين، إذ سبقتها تحركات روسية مختلفة على علاقة بالملف السوري.
لافروف يلتقي غير بيدرسون غير المرتاح لنتائج الجولة الأخيرة من "اللجنة الدستورية"
لعل اللقاء الأخير الذي جمع بين وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، والمبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، يعد من التحركات اللافتة التي أجرتها موسكو خلال الأيام الماضية.
فاللقاء جاء بعد انتهاء الجولة الثالثة من اجتماعات "اللجنة الدستورية" في العاصمة السويسرية جنيف، وقد جاء بعد تصريحات لبيدرسون أعرب فيها عن خيبة أمله من هذه الجولة.
بيدرسون أكد خلال مؤتمر صحفي عقده، في 29 من آب الفائت، في مدينة جنيف، عمق الخلافات في وجهات النظر بين وفدي نظام الأسد والمعارضة، لكنه أقر بوجود عدد من النقاط المشتركة التي يمكن البناء عليها مستقبلاً.
وتحفّظ بيدرسون عن إعطاء تفاصيل حول نقاط الاتفاق والخلاف بين الوفدين، ولفت إلى أنه قد يكون من الصعب التنبؤ بمستقبل المحادثات، لكنه عبّر عن ثقته بالتمكن من بناء الثقة بين الأطراف، كما أبدى بيدرسون أسفه من عدم إحراز أي تقدم فيما يخص ملف المعتقلين السوريين، مؤكداً أكد أن هذا الموضوع يشكل أولوية بالنسبة له.
وانطلقت الجولة الثالثة من اجتماعات "اللجنة الدستورية" في جنيف، في 24 من الشهر الحالي، بعد تسعة أشهر من الجولة السابقة والتي انتهت بخلاف بين الوفود المشاركة حول الاتفاق على جدول الأعمال.
اقرأ أيضاً: ما هي "ولاية" و"مرجعية" اللجنة الدستورية؟
وعقب تصريحات المبعوث الأممي، عقد لافروف لقاء مع بيدرسون، أكد فيه وزير الخارجية الروسي، "التزام بلاده بالحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها، وإطلاق عملية سياسية لتسوية الأزمة".
كما أشاد لافروف خلال اللقاء بنتائج اجتماعات "اللجنة الدستورية"، موضحاً أن موسكو ستواصل دعم الجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق سوري – سوري، بشأن المسائل المتعلقة بالإصلاح الدستوري والعملية السياسية.
موسكو ترعى اجتماعاً لـ"مسد" مع حزب "الإرادة الشعبية" المدعوم روسياً
في 31 من آب الفائت، وبعد أيام قليلة من انتهاء اجتماعات "اللجنة الدستورية"، وقع "مجلس سوريا الديمقراطية" (مسد) وحزب "الإرادة الشعبية"، الذي يترأسه قدري جميل، وهو أيضاً رئيس "منصة موسكو" المنضوية ضمن هيئة "التفاوض العليا السورية"، مذكرة تفاهم في العاصمة الروسية موسكو.
جميل تلا نص الاتفاق، بحضور الرئيسة المشتركة لـ"مسد" إلهام أحمد، وتضمن عدة بنود حول شكل الحكم والحل السياسي.
و"مسد" هي الذراع السياسية لـ "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تشكلت في تشرين الأول 2015، وهي مدعومة من الولايات المتحدة الأميركية.
في حين تُتهم "منصة موسكو"، التي يقودها قدري جميل، بتنفيذها أجندات روسيا تحت اسم المعارضة، وعرقلت أكثر من مرة جهود "هيئة التفاوض"، إذ ترفض الحديث عن مصير الأسد، الأمر الذي تعتبره "الهيئة" أساساً في أي مرحلة انتقالية.
وزارة الخارجية الروسية، باركت اجتماع "مسد" مع "الإرادة الشعبية"، وجاء في بيانها، أن لافروف أعلن استعداد بلاده لـ"مواصلة تعزيز حوار شامل وبنّاء بين السوريين، وتهيئة الظروف للتعايش المتناغم والتنمية لجميع المكونات العرقية والدينية في المجتمع السوري".
اقرأ أيضاً: اتفاق "مسد" مع قدري جميل في ميزان مكاسب موسكو وتحفظ أنقرة
اجتماعات تركية- روسية في موسكو
في خضم التحركات الروسية، التقى المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين في موسكو، مع وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية، سادات أونال، مطلع أيلول الجاري.
الطرفان أجريا مناقشة "تفصيلية" لمجموعة كاملة من القضايا المتعلقة بـ"التسوية السورية"، مع التركيز على "مهام الحفاظ على الاستقرار على الأرض"، ودفع العملية السياسية إلى الأمام.
وتبادل الجانبان الآراء حول الوضع الحالي في إدلب، والخطوات الأخرى في إطار تنفيذ الاتفاقات الروسية- التركية القائمة.
كما تم النظر في الوضع في منطقة ما وراء الفرات، وشددا على أنه لا بديل عن "العملية السياسية"، على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ودعما عمل "اللجنة الدستورية" في جنيف.
الطرف التركي لم يفوت فرصة وجوده في موسكو كي يبدي للروس، امتعاض تركيا من تبني روسيا اتفاقاً بين حزب "الإرادة الشعبية" و"مسد" التي تعتبرها تركيا أداة بيد حزب "العمال الكردستاني" الذي تضعه أنقرة على لوائح الإرهاب.
بدورها خرجت وزارة الخارجية التركية، ببيان قُرِئ بين سطوره انتقادٌ لاذعٌ لموسكو، وتلويحٌ بخرقها التفاهمات مع أنقرة.
ودعت الخارجية التركية، روسيا إلى تجنب اتباع أي خطوات تخدم أجندات أطراف مرتبطة بتنظيم "PKK"، قائلة "نتوقع من روسيا أن تتصرف وفقاً لمسار أستانا حول سوريا، والالتزامات التي تم التعهد بها في اجتماعات المسار، وتجنب الخطوات التي تخدم أجندة التشكيلات التابعة لتنظيم إرهابي".
تركيا أشارت إلى أن جميع البيانات المشتركة الصادرة عن مسار أستانا عقب اجتماعات مع مسؤولين رفيعي المستوى، "تعهدت بمكافحة جميع أشكال الإرهاب والتصدي للأجندات الانفصالية التي تهدد وحدة الأراضي السورية، والأمن القومي للبلدان المجاورة لسوريا".
تدريبات عسكرية مشتركة بين روسيا وتركيا في إدلب
تأتي زيارة الوفد الروسي غداً إلى دمشق، في ظل هدوء حذر تشهده محافظة إدلب التي تعيش وقفاً هشاً لإطلاق النار، منذ 5 من آذار الفائت، بعد اتفاق روسي- تركي.
إلا أن الشهرين الأخيرين شهدت تصعيداً ملحوظاً من قبل قوات نظام الأسد على مناطق متفرقة في إدلب، في محاولة لإعادة المعارك إلى المنطقة، تخلل هذا التصعيد توتر على طريق "M4" حيث تعرضت دوريات روسية تركية لعدة استهدافات من قبل جماعات مسلحة مجهولة.
لكن الحدث الأبرز في إدلب والذي يمكن وضعه ضمن إطار التحركات الروسية، هو تعزيز روسيا شراكتها مع تركيا في الحفاظ على "الهدوء" في إدلب، عبر إجراء تدريبات مشتركة بين الطرفين في إدلب.
التدريبات شملت، بحسب مسؤولين روس "عمليات الاستهداف الناري المشترك للجماعات التخريبية التابعة للعصابات المسلحة التي ترفض المصالحة، وسحب المعدات العسكرية المتضررة، وتقديم المساعدة الطبية للمصابين".