يشارك العدد من السوريين في فرنسا، لأول مرة، في التصويت بالانتخابات الرئاسية، بعدما حصلوا على الجنسية الفرنسية، وذلك بهدف اختيار رئيس يقود البلاد لمدة 5 سنوات.
وكان الرئيس الفرنسي الحالي المرشح لولاية ثانية، إيمانويل ماكرون ومرشحة "التجمع الوطني" اليمينية مارين لوبان، صعدا إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في فرنسا.
وشهد لاجئون سوريون في فرنسا الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017 من دون أن يكون لديهم الحق في المشاركة لعدم حصولهم وقتئذ على الجنسية، وبعد انقضاء أربعة أعوام حصل كثير منهم على الجنسية، وأصبح لديهم حق الانتخاب والمشاركة الديمقراطية.
واختبر السوريون الذين شاركوا في الاقتراع، هذا العام، مشاعر مختلطة، فهم قادمون من بلاد خاضعة لسلطة نظام الأسد الديكتاتوري الذي ينتهك الحقوق والحريات قسراً، ولم يتح لهم المشاركة في انتخابات ديمقراطية قط، وفقاً لموقع "مهاجر نيوز".
"صوتي يحدث فرقا"
وتقول السيدة السورية أمل (39 عاماً): "لم أصدق، كان إحساسا فظيعا. للمرة الأولى أصبح في إمكاني الانتخاب. كانت سعادتي لا توصف لأنني سأنتخب وانتخبت". كانت تلك المرة الأولى التي اختبرت فيها معنى المشاركة الفاعلة في انتخابات ديمقراطية. حرصت على القراءة والمتابعة للتعرف أكثر قبل موعد الانتخابات "ثقّفت نفسي لمعرفة من سأختار وكيف سأصوّت ومن هي الأحزاب المشاركة".
وكانت تجربة التصويت غريبة بالنسبة إلى الشابة السورية مها (29 عاماً) حيث عبرت عن ذلك قائلة: "غريب أن يكون لي صوت وأن أؤمن بأن صوتي يحدث فرقاً وأن أذهب بإرادتي للإدلاء به"
مضيفة: "عندما قالت لي موظفة استلمت مغلف الاقتراع مني: تم التصويت، غمرني شعور غريب جداً كانت لحظة لا تنسى بالنسبة إلي، لا أستطيع وصفها".
"مارست للمرة الأولى، حقاً منتهكاً في بلدي الأم"
على الرغم من سعادة أمل قبل التصويت وفي أثنائه ، فإنها أصيبت بخيبة عقب نتائج الجولة الأولى من الانتخابات وذلك لاقتصار الجولة الثانية على مرشحين من اليمين.
وتتابع أمل: "مع اهتمامي بمواضيع العمل والتعليم وما يخص الحياة اليومية، يبقى ملف الهجرة والتعامل مع المهاجرين أولوية عند النظر إلى برامج المرشحين، لا سيما أن هنالك تيارا عالميا يغلق الأبواب في وجه المهاجرين".
رجّحت أمل التصويت لإيمانويل ماكرون في الجولة الثانية لأنه "ليس هنالك حل آخر"، بحسب وصفها.
أما الشاب السوري فراس (35 عاماً) فليس لديه حق الانتخاب بعد، ويعبر عن هذا قائلاً: "راودني شعور سيئ وخيبة لأنني مشاهد غير فاعل. أي عندما أشارك وأتبنى برنامجاً سياسياً وأختار مرشحّاً وأصوت وتكون النتائج سلبية، سأتقبل الأمر على نحو طبيعي جداً. ولكنني حتى الآن مراقب فقط، مع العلم بأنني سأتأثر بالانتخابات على نحو مباشر".
كانت النتائج متوقعة بالنسبة إلى مها لهذا لم تشعر بالخيبة أبداً: "موضوع التصويت لا يقتصر على الانتخابات الرئاسية، فالمشاركة الديمقراطية تعني أيضاً المشاركة في الانتخابات التشريعية والانتخابات البلدية وغيرها، إذ إنها انتخابات تؤثر في الحياة اليومية والعملية. المهم أنني شاركت في الانتخابات وأدليت بصوتي ومارست حقاً للمرة الأولى، حق منتهك في بلدي الأم". ومثل أمل ستدعم مها إيمانويل ماكرون في الجولة الثانية خوفاً من وصول لوبان إلى سدة الرئاسة.
المحيط مؤثر في مشاركة البعض وامتناع آخرين
أدلت مها بصوتها رغم معرفتها بأن فرص المرشح الذي دعمته ضئيلة جداً وتوضح أسباب دعمها له قائلة: "قرأت برامج المرشحين واخترت شخصاً أعجبني برنامجه، خضت نقاشات مع أصدقاء سألوني لماذا ستختارين هذا المرشح؟ لن ينال أصواتا كثيرة، كنت أجيبهم بأنني حرة وسأصوت وإن لم يفض الأمر إلى نتائج ملموسة الآن".
في حين لم تشارك الشابة السورية ناديا (31 عاماً) في الجولة الانتخابية الأولى بسبب تأثرها بكلام المحيط عن الحزب والمرشح الذي أرادت دعمه: "كنت كلما أخبرت أحدا عن الحزب والشخص الذي سأصوّت له أخبرني أن نسبة فوزه ضئيلة جداً ولن يصل إلى الجولة الثانية، وهذا ما وجدته في الإعلام أيضاً. شعرت أن الآراء والمرشحين معدّون مسبقاً وأن صوتي بطبيعة الحال لن يحدث فرقاً كبيراً، كانت هذه أحد أسباب امتناعي عن التصويت".
بين انتخابات عام 2017 وعام 2022
يعتبر اللاجئ السوري طارق (39 عاما) أن "تأهُل إيمانويل ماكرون ومارين لوبان يعيد إلى الأذهان الدورة الثانية من انتخابات عام 2017 وهو أمر مخيب للآمال بالنسبة له.
ويشير طارق إلى أن "وراء هذه الصورة المكررة أحداث سيئة حصلت، مثل ارتفاع نسبة التصويت لليمين وتشتت اليسار وغيرها"، إلا أنه يؤكد أن سعادة كبيرة غمرته لأنه مارس حق الانتخاب.
دفعت انتخابات عام 2017 اللاجئ السوري سعد إلى سؤال أصدقاء عن السياسة في فرنسا، فور وصوله إلى فرنسا، حيث علم بوجود أحزاب وأن لكل حزب فرصة المشاركة والفوز، وبدأ حينذاك بالسؤال والاستفسار للتعرف أكثر، فتوجه إلى صديقه وتابع وقرأ على الرغم من عدم مشاركته في الانتخابات لأنه يعرف جيدا أنه سيشارك حالما يحصل على الجنسية فالمشاركة الديمقراطية عموما واجب وحق، بحسب وصفه.
ويقول: "ما همني في عام 2017 ويهمني اليوم على نحو أساسي هو موقف المرشحين من الموضوع السوري إضافة إلى ملف الهجرة والمهاجرين وأهمية الحفاظ على حقوقهم وضمان حمايتها".
تتفق السورية سارة (29 عاماً) مع الشاب فراس (32 عاماً) في فكرة أهمية المشاركة وحقوق المهاجرين، كانت بدأت بتعميق فهمها منذ انتخابات عام 2017. إذ واظبت الشابة على حضور المناظرات الرئاسية والقراءة عن المرشحين.
ومن المقرر أن يتنافس ماكرون ولوبان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 24 نيسان الجاري.