استدعت هيئة تحرير الشام القيادي العراقي في صفوفها "أبو ماريا القحطاني" للتحقيق معه واتهمته بإجراءات عمليات تواصل مشبوهة، وذلك تأكيداً لتقرير نشره "تلفزيون سوريا" أمس الأربعاء.
وقالت "تحرير الشام"، في بيان رسمي نشرته اليوم الخميس، إن القيادة العامة شكلت لجنة تحقيق خاصة بشأن "أبو ماريا القحطاني"، والتي استدعت الأخير على الفور.
وأضاف البيان، استدعت اللجنة القحطاني لمساءلته بكل شفافية ووضوح تقديرا منا لدرء الشبهات وإزالة اللبس.
وتوصلت لجنة التحقيق إلى أن القحطاني قد أخطأ في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من هذا التواصل، وفقاً للبيان.
وأوصت اللجنة، بتجميد مهام القيادي العراقي وصلاحياته، من دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وكان موقع "تلفزيون سوريا" نشر، أمس الأربعاء، تقريراً خاصاً يشير إلى الخلافات الداخلية التي تعيشها هيئة تحرير الشام، من بينها توقيف المدعو أبو ماريا القحطاني بتهمة التواصل والتنسيق مع التحالف الدولي.
مصادر خاصة لـ "تلفزيون سوريا": اعتقال القحطاني بتهمة العمالة
نقل موقع "تلفزيون سوريا" عن مصادر خاصة، أن الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام أقدم يوم الإثنين الماضي، على توقيف "القحطاني" بتهمة التنسيق مع التحالف الدولي، وذلك عقب إلقاء القبض على خليةٍ اعترفت بتورّطه.
وأفادت المصادر بأنّ التهمة المعلنة ليست هي السبب الحقيقي الذي دفع هيئة تحرير الشام لاعتقال "القحطاني"، إنما المخاوف من تحركاته من دون تنسيق مع قيادة الهيئة، والتي سبّبت قلقاً لقيادات متنفذة مثل نائب القائد العام "أبو أحمد حدود"، وقيادي آخر متنفذ يدعى "المغيرة البدوي" وهو صهر أبو محمد الجولاني.
وبحسب المصادر، عمل "القحطاني" طوال الأشهر الماضية على تكثيف التواصل مع قيادات ضمن الجيش الوطني السوري، وقادة سابقين في "حركة أحرار الشام"، وجميع الأطراف الناقمة على الهيئة، وحاول إقناعهم في فتح صفحة جديدة والتنسيق المشترك.
وبدأ "القحطاني" بالاتصال مع ناشطين سياسيين مناهضين للهيئة، واعداً إيّاهم بعملية إصلاحية، لكن القيادات المتنفذة الرافضة لهذه الخطوات حرّضت "الجولاني" وأقنعته بأنّ ما يفعله "القحطاني" من أجل مصالحه الخاصة، وبهدف زيادة نفوذه في الشمال السوري، موضحين له أنّ لديهم معلومات أمنيّة تفيد بنيته التحضير لـ"انقلاب".
وبعد عملية الاعتقال دخلت بعض القيادات وعلى رأسهم القاضي في الهيئة مظهر الويس، من أجل إقناع القيادة العامة بإطلاق سراح "القحطاني" واستجابت بشكل جزئي، حيث وافقت على إحالته إلى الإقامة الجبرية والحد من تنقلاته وحركته، لكنها مصرة على محاكمته بتهمة التنسيق مع التحالف الدولي والتخطيط لاستهداف قيادة الهيئة، بالإضافة إلى قضايا إدارية ومالية أخرى.
ملف التواصل مع التحالف الدولي
أفادت مصادر متقاطعة لـ موقع تلفزيون سوريا، بأنّ مسألة تواصل "القحطاني" مع التحالف الدولي أمر مؤكّد، حيث حصلت على مدار السنوات الماضية اتصالات بين الجانبين، لكنها ازدادت كثافة، منذ مطلع العام الحالي، بعد مخاوف هيئة تحرير الشام من اتجاه تركيا للعمل على تفكيكها بموجب تفاهمات أستانا.
وأكّد المصدر أن التواصل جرى بعلم قيادة الهيئة، وليس صحيحاً أن "القحطاني" أقدم عليه بشكل منفرد ومن دون تنسيق، كما أنّه عرض على التحالف الدولي وبموافقة "الجولاني" فكرة المشاركة في أي عملية محتملة قد تنطلق من قاعدة التنف ضد الميليشيات الإيرانية، كما عرض الزج بما يُعرف بـ"القطاع الشرقي" من الهيئة في العملية المحتملة.
الجولاني والقحطاني.. حكاية بدايتها القاعدة ونهايتها تهم بالعمالة
— تلفزيون سوريا (@syr_television) August 18, 2023
تقرير: عبد القادر ضويحي @Abood_Dwehe#تلفزيون_سوريا pic.twitter.com/iiRqWgPzJr
الخلافات وأثرها على نفوذ الهيئة خارج نطاق إدلب
من المتوقّع أن تؤدي الخلافات الحالية إلى تأثير سلبي على النفوذ الذي عملت هيئة تحرير الشام على توفيره خارج إطار إدلب، وتحديداً في مناطق انتشار الجيش الوطني بالشمال السوري، حيث أدار "القحطاني" بالإضافة إلى القيادي الآخر في الهيئة جهاد عيسى الشيخ (أبو أحمد زكور)، ملف التواصل مع مجموعات داخل الجيش الوطني، بهدف توسيع نفوذ الهيئة هناك.
وأكّدت المصادر التي استند إليها موقع تلفزيون سوريا في تقريره، أنّ التيار الذي يمثله "المغيرة البدوي وأبو أحمد حدود" غير مرتاحين أيضاً لنشاط جهاد عيسى الشيخ، والأخير متخوف من احتمالية استهدافه لاحقاً من قبل قيادة الهيئة وبتحريض من خصومه.
وفي حال تطورت الخلافات بشكل أكبر، وجرى اتخاذ إجراءات قضائية بحق "القحطاني"، فقد تبدأ عمليات الضغط على "الشيخ" الذي أصبح حالياً هو المتنفذ الوحيد في مناطق انتشار الجيش الوطني السوري، بحكم خلفيته العشائرية وقدرته على التواصل.
وسبق أن تورّطت مجموعات داخل هيئة تحرير الشام في التواصل مع قاعدة حميميم الروسية بريف اللاذقية، وسرّبت معلومات حصل على إثرها غارات روسيّة ضد مواقع تتبع للهيئة، وعموماً يمكن القول: إنّ صورة الهيئة تتعرض بشكل مستمر لهزات أمام الحاضنة الشعبية والفصائل الأخرى.
من جهتها نفت مصادر من هيئة تحرير الشام جميع المعلومات المتداولة عن اعتقال "القحطاني" ووصفت كل ما نشر بالشائعات، مؤكّدةً أن "القحطاني مصاب بمرض شديد -رفضت تحديده- وهذا سبب غيابه عن المشهد خلال الفترة الماضية".