ملخص:
- تأخير صرف الرواتب وتدني قيمتها دفع موظفي "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا للعمل في وظائف إضافية شاقة لتأمين لقمة العيش.
- ارتفاع نسبة استقالات الموظفين بسبب تدني الأجور وازدياد الأعباء الاقتصادية، مع توجه العديد منهم للعمل في القطاع الخاص أو وظائف غير رسمية.
دفع تأخير صرف رواتب موظفي الإدارة الذاتية وتدني قيمتها إلى لجوء آلاف الموظفين للأعمال الإضافية الشاقة لتأمين لقمة العيش لعوائلهم وسط ما تشهده مناطق شمال شرقي سوريا من تدهور اقتصادي ومعيشي.
وقال "أبو ياسر" وهو موظف في بلدية الحسكة لموقع تلفزيون سوريا إن "رواتب العاملين في البلدية لم تصرف لغاية العشرين من الشهر الجاري وهذه المشكلة متواصلة منذ أشهر، الأمر الذي دفع العديد منا للتوجه إلى العمل الإضافي لتأمين لقمة العيش لأطفالنا وسداد ما يترتب علينا من ديون".
ويعمل "أبو ياسر" وزميله في البلدية كعمال لنقل وتحميل مواد البناء لقرابة 6 ساعات يومياً بعد انتهاء دوامهم في البلدية قرابة الساعة الثانية ظهراً.
ويتقاضى وسطياً موظفو مؤسسات الإدارة الذاتية والعاملون فيها رواتب شهرية لا تتجاوز قيمتها مليوناً و50 ألف ل.س أي أقل من 68 دولاراً أميركياً وفق سعر الصرف حاليا.
ويضيف "أبو ياسر" الأب لثلاثة أطفال" استأجرت منزلاً في أطراف الحسكة بمبلغ 300 ألف ليرة سورية واضطر يومياً إلى الوقوف على الطريق العام بعد الانتهاء من عملي في العتالة لغاية أن يقلني أحد المواطنين لموقع قريب من قرية تل طويل حيث أسكن.
وإلى جانب أبو ياسر يعمل العديد من سائقي وعمال سيارات القمامة إلى جمع القطع البلاستيكية والمعادن في أثناء تفريغ حاويات القمامة لبيعها لتجار مواد الخردة والقابلة للتدوير لكسب مبالغ يومية إضافية تساهم في تحسين وضعهم الاقتصادي.
مشيراً إلى أن "السيارة تقل السائق وعاملين على الأقل ولا يجنون من هذه العملية أكثر من 10 آلاف ليرة سورية يومياً لكل شخص في أفضل الأحوال".
ويبدي الرجل الأربعيني استغرابه من "استمرار ارتفاع أسعار جميع المواد والبضائع وأجور النقل وكذلك قيمة الرسوم والضرائب في حين أن رواتب الموظفين لا تزال في أدنى قيمة لها منذ أعوام رغم مناشداتنا المستمرة لمسؤولينا بتحسين قيمة الرواتب"، بحسب قوله.
استقالات بالجملة تواجهها "الإدارة الذاتية" بالرفض
وكشفت مصادر إدارية في عدة مؤسسات مدنية ضمن الإدارة الذاتية عن ارتفاع نسبة استقالات الموظفين خلال الشهرين الماضيين لأكثر من 25% من مجمل عدد الموظفين من جراء توجههم للعمل في القطاع الخاص.
وقالت "سلمى السعيد" وهو اسم مستعار لإدارية في مواصلات الحسكة لموقع تلفزيون سوريا إن "راتب العاملين في القطاع الخاص أصبح يعادل 100 دولار أميركي مقابل 8 ساعات عمل، في حين أن رواتب الإدارة الذاتية انخفضت بشكل تدريجي إلى أقل من 70 دولاراً بسبب انخفاض قيمة الليرة السورية وعدم زيادة الرواتب لتتوافق مع الظروف الاقتصادية وارتفاع الأسعار".
وتشير السعيد إلى أن ما سبق دفع بكثير من الموظفين إلى تقديم استقالاتهم والعمل في القطاع الخاص وبعض الموظفين أصبحوا يعملون في بيع الخضر أو القهوة على الأرصفة كونها مربحة أكثر من مرتبهم الشهري".
وتُرفض معظم طلبات الاستقالة لعدم توفر كوادر بديلة لدى الإدارة الذاتية التي أصبحت تعاني خلال العامين الماضيين من موجة استقالات واسعة لأسباب إدارية وأخرى متعلقة بقلة الرواتب وطبيعة وظروف العمل بحسب السعيد.
دعوات لزيادة قيمة الرواتب
أطلق ناشطون وصفحات عامة حملة على صفحات التواصل الاجتماعي تطالب الإدارة الذاتية بزيادة قيمة رواتب موظفيها مع استمرار تراجع قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية.
ودعت صفحة "ملتقى موظفي الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" على موقع الفيس بوك الصحفيين والصفحات العامة إلى المشاركة في حملة هاشتاغ بعنوان #أرفعوا_الرواتب
وقال موظفون إن "الحملة جاءت نتيجة استياء كبير داخل مؤسسات الإدارة الذاتية من جراء منح وعود للموظفين بتحسين قيمة الرواتب من مطلع العام الجاري ولم تطبق، ما أفقد الثقة بين الموظفين ومسؤوليهم".
واتجه الموظفون إلى صفحات التواصل الاجتماعي للتعبير عن هذا الاستياء ومطالبتهم بزيادة الرواتب وغالباً بأسماء غير صريحة خشية تعرضهم للمحاسبة وحتى الاعتقال لانتقادهم تدني قيمة الرواتب.
وتشهد مؤسسات "الإدارة الذاتية" عموماً حالة من الغضب والسخط بين الموظفين والعاملين فيها، من جراء تدهور وضعهم المعيشي بشكل كبير لتدني قيمة رواتبهم مع استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات وتراجع الخدمات من كهرباء ومياه وسوء نوعية الخبز .
وكانت "الإدارة" قد رفعت في آب 2023 الراتب الشهري المقطوع لجميع عامليها بنسبة 100 في المئة، حيث بلغ الحد الأدنى للرواتب مليوناً و40 ألف ليرة سورية.