أقدمت الحكومة الألمانية على سحب عضوية الناشط السوري، معتصم الرفاعي، من "المجلس الاستشاري للشباب" الذي يشغل عضويته منذ قرابة شهرين، بسبب موقفه الداعم للفلسطينيين وتنديده بالعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة والممارسات الوحشية بحق أهالي القدس والضفة الغربية.
وقال الرفاعي، عبر بيان نشره على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، باللغات: العربية والألمانية والإنكليزية والفرنسية، إن رئاسة الوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، سحبت تعيينيه كعضو في المجلس الاستشاري للشباب، من جراء ضغوطات مارسها ضده "اللوبي الصهيوني في ألمانيا".
وأوضح أن الضغوطات جاءت نتيجة مواقفه المعلنة في تضامنه مع حقوق الإنسان بصورة عامة، ورفضه للانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل بحق "الإنسان الفلسطيني، وليس آخره ما يحدث اليوم في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
أول لاجئ في مجلس ألماني
الرفاعي، وهو من مواليد محافظة درعا (1998)، كان قد وصل ألمانيا في العام 2016 قادماً من الأردن التي لجأ إليها وهو بعمر الـ14، هرباً من الحرب التي شنها نظام الأسد على مدينته وعلى جميع مدن السوريين.
وتمكن خلال السنوات الخمس التي قضاها في ألمانيا، من إتقان لغة البلاد ومواصلة دراسته الأكاديمية، فضلاً عن تطوعه في العديد من الفعاليات، ما أهّله ليكون أول لاجئ متدرّب في مجلس مدينة نورنبيرغ التي يقيم فيها، ومن ثم نيل عضوية "المجلس الاستشاري للشباب" في آذار 2021.
كما انخرط الرفاعي في الأحزاب السياسية الألمانية، حيث انتسب للحزب "الديمقراطي الاجتماعي" الألماني قبل أن ينتقل إلى حزب "الخضر" في بدايات هذا العام. وعبر تواصله مع مسؤولين من حزب الخضر في ألمانيا وممثلين عنه في البرلمان الأوروبي، تمكن من تحريك قضية اللاجئين السوريين المهددين بالترحيل في الدنمارك، حيث صدر بيان إدانة بهذا الخصوص.
إسرائيل ونظام الفصل العنصري
وحول بيانه المتضمن تفاصيل وأسباب سحب عضويته، يتابع الرفاعي موضحاً أن السبب الرئيس يتمثّل في كتابته لمنشور اعتبر فيه أن "سياسات إسرائيل الحالية هي سياسات ناتجة عن طبيعة نظامها القائم على التمييز والفصل العنصري، وشبيهة لحد التطابق مع نظام الأبارتايد الذي كان قائما في جنوب أفريقيا".
ويشير إلى أن "اعتبار إسرائيل بمنزلة نظام فصل عنصري هو أمر يجمع عليه عدد كبير من منظمات ومؤسسات حقوق الانسان، وسبق وذكرته هيومن رايتس ووتش في تقريرها الأخير حول حقوق الإنسان في إسرائيل".
ويختم الرفاعي بيانه بالقول إنه يأسف لرضوخ الوزارة لـ "ضغوطات اللوبي الصهيوني في ألمانيا، ونضالي هو نضال مفتوح ضد جميع منتهكي حقوق الانسان، من نظام الأسد إلى نظام الأبارتايد في إسرائيل"، مؤكداً أن مواقفه "العلنية" كان لها الأثر البالغ في توضيح طبيعة الصراع القائم في فلسطين، وهذا ما دفع "اللوبي الصهيوني" لشن حملته الممنهجة إعلامياً وسياسياً ضده.
ضغوطات "اللوبي الصهيوني"
وفي الـ11 من الشهر الجاري، أبلغ معتصم الرفاعي عبر منشور على صفحته في فيس بوك، عن "حملات تشهير وشيطنة" بدأ بشنها "الصهاينة" بسبب انزعاجهم من منشوره الذي "يعري دولة الفصل العنصري في إسرائيل على حقيقتها، ومن مدافعتي عن حقوق الشعب الفلسطيني".
وأضاف أنهم "بدؤوا بالدفع باتجاه فصلي من المجلس الاستشاري للشباب بالوزارة الاتحادية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية، وحزب الخضر" كما طالبوا أيضاً "عبر منصات السوشال ميديا، بتدخل الموساد لحمايتهم من الكراهية الموجهة ضد اليهود!" بحسب ما جاء في المنشور الذي أعرب في نهايته عن حاجته إلى توكيل محامٍ بهدف رفع قضايا على "المشهّرات والمشهّرين".
تعرية الإعلام الألماني
ولم يكتف الرفاعي بمنشوراته المنددة بنظام إسرائيل العنصري، بل انتقد أيضاً وسائل إعلام ألمانية "عريقة" بسبب تعاطيها المنحاز كلياً إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي في سياسته الاستيطانية خلال أحداث حي الشيخ جراح والأقصى في القدس وما لحقه من عدوان على غزة.
وكتب الرفاعي في عبر سلسلة تغريدات على تويتر: "القصة التي يرويها الأسد (فلسطين) مختلفة عن تلك التي يرويها الصياد (إسرائيل)، والقصة التي تنقلها وسائل الإعلام الألمانية هي قصة الصياد!".
Die Geschichte, die der Löwe erzählt, ist eine andere als die der Jäger erzählt und die Geschichte, die deutschen Medien vermittelt, ist die Geschichte des Jägers!
— Mouatasem Alrifai (@Mo_Alrifai) May 8, 2021
So heucheln #die_deutschen_Medien: (1/5)@derspiegel @BILD @tagesschau @welt pic.twitter.com/RFqbNCapSl
وأكمل: "هكذا تنافق أكبر وسائل الإعلام الألمانية للاحتلال الإسرائيلي"، ثم راح يعرض ما تبثّه كل من "دير شبيغل" و"بيلد" و"تاغزشاو" و"فيلت"، من روايات تناقض الواقع والحقيقة.
دير شبيغل: "أمام مسجد الأقصى في الحرم القدسي، هاجم (المؤمنون) قوات الأمن بالحجارة يوم الجمعة، فيما أطلقت الشرطة الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية على المهاجمين."
@derspiegel: “Vor der Aksa-Moschee auf dem #Tempelberg attackierten Gläubige am Freitag die Sicherheitskräfte mit Steinen, während die #Polizei Gummigeschosse und Blendgranaten auf die Angreifer abfeuerte.” (2/5) pic.twitter.com/d7McIO0G5r
— Mouatasem Alrifai (@Mo_Alrifai) May 8, 2021
صحيفة بيلد: "المتحدث باسم الشرطة وسيم بدر صرح لوكالة فرانس برس أن الضباط تدخلوا ضد (اضطرابات عنيفة). وبحسب الشرطة، التي تحرس مداخل الحرم القدسي، تعرض الضباط للرشق (بالحجارة والزجاجات وأشياء أخرى) من قبل (المئات من المشاغبين)".
تاغزشاو: "بعد صلاة العشاء التي اجتمع من أجلها عشرات الآلاف من المسلمين في الحرم الشريف، بحسب الشرطة، ألقى مئات الأشخاص الحجارة والزجاجات وأشياء أخرى على الشرطة".
صحيفة فيلت: "بحسب الشرطة، بدأت الاشتباكات عندما انطلقت حجارة ومفرقعات من بين (المؤمنين)".
@welt: „Nach Angaben der #Polizei begannen die Auseinandersetzungen, als aus Reihen der Gläubigen Steine und Feuerwerkskörper flogen.“ (5/5)
— Mouatasem Alrifai (@Mo_Alrifai) May 8, 2021
Bitte teilen!!! pic.twitter.com/E9F798IbVq
وأثار قرار سحب عضوية الرفاعي من المجلس الاستشاري للشباب، والضغوطات التي مورست عليه نتيجة موقفه من السياسة الإسرائيلية، استهجان الكثيرين من السوريين والعرب والألمان، الذين عبروا عن استيائهم تجاه سلوك الحكومة الألمانية التي يفترض أنها تمثل واحدة من أهم دول العالم "الديمقراطية" والمعادية للممارسات العنصرية، من جراء الويلات التي لحقت بها بسبب (النازية) ومخلفاتها.