icon
التغطية الحية

بين "حذف الأصفار" وتعويم الدولار.. إلى أين تتجه الليرة السورية؟

2023.08.06 | 09:37 دمشق

عملة ورقية من فئة 1000 ليرة سورية - AFP
عملة ورقية من فئة 1000 ليرة سورية - AFP
تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

سلطت وسائل إعلام النظام الضوء بشكل متزايد على قضية تعويم الدولار وحذف الأصفار من الليرة السورية، وخاصة خلال الأسابيع الماضية، مع الانهيار المتسارع في سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، مما أثار حالة من الترقب بين المواطنين، لاكتشاف مدى تأثير هذه الإجراءات إن صحت على الاقتصاد والحياة المعيشية في البلاد.

وانضمت صحيفة الوطن المقربة من النظام إلى قائمة وسائل الإعلام النظامية التي وجهت اهتمامها نحو موضوع الليرة وتطوراتها، فنشرت تحليلاً اقتصادياً، صباح الأحد، عن إمكانية تطبيق تلك الإجراءات.

كيف يتحدد سعر الصرف؟

الباحثة الاقتصادية رشا سيروب، فالت لصحيفة الوطن، إن تحديد سعر الصرف يكون بناء على نظام الصرف الذي تتبعه الدولة. وتشير اﻟﺘﺠﺎرب الدولية إﻟﻰ أنه ﻻ يوجد معيار ﻣﺤدد لعملية ﺗﺒﻨﻲ ﺳﻌﺮ اﻟﺼﺮف ﻣﻦ الدول.

وفي هذا السياق، يوجد عدد ﻣﻦ الأنظمة اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ التي تتراوح بين ﻧﻈﺎم ﺳﻌﺮ اﻟﺼﺮف المرن وﻧﻈﺎم ﺳﻌﺮ اﻟﺼﺮف الثابت، وﻟكل ﻧظام بيئته الاقتصادية اﻟﺨﺎﺻﺔ.

ففي نظام الصرف المرن، تلعب آلية السوق دوراً ﻓﻲ تحديد ﺳـﻌﺮ اﻟﺼـﺮف، وينقسم هذا النظام إلى فرعين:

  1. نظام الصرف العائم (Floating) وفيه يتحدد سعر الصرف بناء على العرض والطلب وكأن العملة سلعة، عندما يزداد الطلب على العملة يرتفع سعرها، وهو النظام الذي تطبقه معظم الدول المتقدمة (ليس جميعها).
  2. نظام الصرف الموجه أو المدار، أيضاً يكون سعر الصرف فيه محدد بناء على العرض والطلب، لكن يُسمح لسعر الصرف التقلب في هوامش معينة (السماح بتحرك سعر الصرف إلى قيمة توازنية جديدة)، وعندما يتجاوز تذبذب سعر الصرف هذه الهوامش يتدخل المصرف المركزي كبائع أو شارٍ للعملة، كي يعيد سعر الصرف إلى قيمة توازنية جديدة تضمن اﻻﺳﺘﻘﺮار وﺗﺠﻨﺐ اﻟﺘﻀﺨﻢ اﻟﻤﻔﺮط ﻗﺪر اﻹﻣﻜﺎن.
  3. أما نظام الصرف الثابت ((Fixed أو Pegged)) فيسيطر عليه المصرف اﻟﻤﺮﻛﺰي ﺑﺪرﺟﺔ كبيرة، ويُحدد سعر الصرف بقرار من السلطة النقدية بصرف النظر عن العرض والطلب، حيث يتم ربط سعر الصرف الرسمي للعملة المحلية بعملة دولة أخرى، وتعتبر ﻋﻤﻠﺘا اﻟﺪوﻻر الأميركي واليورو ﻣﻦ أﻛﺜﺮ اﻟﻌﻤﻼت اﻷجنبية اﻟﺘﻲ يتم ﻣﻘﺎﺑلها تثبيت ﻋﻤﻼت دول اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﺧﺮى، أو مقابل سلة من العملات (تتحدد بحسب الشركاء التجاريين)، أو مقابل حقوق السحب الخاصة (وهي عملة حسابية أصدرها صندوق النقد الدولي وتشمل عملات جميع الدول المساهمة في الصندوق).

وبحسب سيروب، يشير التقرير الاقتصادي العربي الموحد إلى أن عدد الدول العربية التي تتبع نظام الصرف الثابت هي 13 دولة من بينها سوريا ولبنان والأردن، وبالنسبة لسوريا فإنها تثبت الليرة مقابل حقوق السحب الخاصة.

تعويم الليرة السورية وشروطه

أما تعويم الليرة السورية أو تحريرها، فيعني تطبيق نظام الصرف المرن كما أكدت سيروب، بحيث يتحدد سعر الصرف بناء على العرض والطلب. لكن للتعويم متطلبات من أهمها وجود وفرة في الاحتياطي الدولي من العملات الأجنبية والذهب كي يتمكن المصرف المركزي من التدخل كبائع للعملات الأجنبية (ضخ حاجة السوق من القطع الأجنبي) عند حدوث تذبذب غير مقبول في سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية.

بالإضافة إلى ذلك فإن التعويم يتطلب وجود سوق للنقد الأجنبي على درجة كافية من السيولة والكفاءة تسمح باستجابة سعر الصرف لقوى السوق، ويعمل على تخفيض عدد موجات التقلب المفرط. ويتألف سوق النقد الأجنبي من سوق لتداول العملة بالجملة بين الوسطاء المعتمدين (عادة المصارف والمؤسسات المالية)، وسوق للتداول بالتجزئة حيث تتم المعاملات بين الوسطاء المعتمدين والعملاء النهائيين (الأفراد والشركات)، وفقاً لسيروب.

وحالياً، باعتبار أن الطلب على الدولار الأميركي مرتفع جداً ولا توجد قدرة على ترميم المستنزف من الاحتياطي نتيجة ضآلة الصادرات وضعف السياحة وعدم القدرة على الاقتراض من المؤسسات الدولية أو الدول بسبب العقوبات الدولية، وفي ظل فقدان الثقة بالليرة السورية، كل ذلك أفقد مصرف سورية المركزي السيولة الدولارية التي يحتاج إليها لمواجهة المضاربة على الليرة السورية، بالتالي فإن التعويم يعني مزيداً من انهيار سعر صرف الليرة السورية إلى مستويات لن يتمكن النظام السوري من ضبطها.

هل يفيد حذف الأصفار من الليرة السورية؟

حذف الأصفار ليس سياسة اقتصادية، بل هو مجرد إجراء فني تقني يتمثل بالتخلي عن عملة قديمة وظهور عملة جديدة، بحسب سيروب، وبالتالي نجاح تطبيقه مرهون بـنجاعة السياسات الاقتصادية التي تترافق أو تسبق هذا الإجراء الفني.

وأظهرت التجارب الناجحة للدول التي لجأت لهذا الإجراء -رغم ضآلتها مقارنة مع التجارب الفاشلة- بأن أفضل وقت للتنفيذ هو بداية النمو الاقتصادي بعد معالجة مسببات التضخم المتمثلة في زيادة الإنتاج المحلي والصادرات واستقرار سعر الصرف والحد من المستوردات، ودون ذلك سيعود التضخم أقسى من السابق وستظهر مشكلة الأصفار من جديد.

وباعتبار أن الاقتصاد السوري لم يبدأ بعد بالتعافي مع ارتفاع مستمر ومزمن في الأسعار وعدم استقرار في سعر صرف الليرة السورية، إضافة إلى الإفراط في المعروض النقدي الناجم عن سياسة التمويل بالعجز، فضلاً عن غياب وضعف الثقة في أي قرار صادر من حكومة النظام، لهذا لن يكون قرار إزالة الأصفار من الليرة السورية غير فعال فقط، بل سيكون مجازفة خطيرة للاقتصاد، وسيتفاقم الوضع الاقتصادي ليصبح أكثر سوءاً.

انهيار متسارع لليرة السورية

وتشهد قيمة الليرة السورية تراجعاً ساعياً أمام الدولار الأميركي، ليصل سعر صرفها إلى 11700 ليرة مقابل الدولار الواحد، في حين رفع مصرف سورية المركزي سعر صرف الدولار في نشرة الحوالات والصرافة بتاريخ 18 من تموز الماضي إلى 9900 ليرة.