سعى البشر على مر التاريخ لتحصيل العلم والمعرفة من شتى بقاع العالم، بل حتى من أصغر الأجزاء فيه، فبعض منا تحدوه رغبة باكتشاف حضارات قصية، في حين يفضل آخرون السير في طريق لم يسلكه أحد قبله وقهر كل ما يصادفه في أثناء ذلك. وعلى فترات زمنية مختلفة، مضى هؤلاء المستكشفون العظام نحو البر والبحر والجو بل حتى في الفضاء وذلك في سعيهم لتوسيع أفقنا، وأهم هؤلاء الرحالة:
-
ابن بطوطة (1304-1369)
في عام 1325 وعندما لم يكن عمره يتجاوز 21 عاماً، انطلق ابن بطوطة من الغرب في رحلة حج إلى الديار المقدسة بمكة، وهكذا بدأت رحلته التي قطع خلالها 75 ألف ميل زار فيها بلاد العالم الإسلامي وما وراءها وذلك على مدار عقدين كاملين، حيث مر بسوريا، ومنها إلى تركيا، ثم توجه إلى الساحل الشرقي لأفريقيا، وبعدها للهند، ليصل أخيراً إلى إندونيسيا والصين.
وبعد انتهاء رحلاته، كتب ما تذكره من تلك المغامرات في كتاب رحلات أسماه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار، وصف فيه الكثير من الأماكن والشعوب والثقافات، ولكن ثمة من يجادل بأن ابن بطوطة لم يزر تلك الأماكن حقاً، غير أن رحلته والكتاب الذي ألفه حولها يعتبر أحد المصادر المهمة للمعلومات حول العالم في القرن الرابع عشر الميلادي.
-
أمريغو فيسبوتشي (1451-1512)
على الرغم من الشهرة التي حققها كريستوفر كولومبوس، فإن أمريغو فيسبوتشي هو من منح اسمه للأميركيتين. فقد أبحر هذا التاجر الإيطالي ليصل إلى أميركا الجنوبية بعد سبع سنوات على وصول كولومبوس إليها، فنسب إليه الاعتراف بتلك اليابسة على أنها قارة جديدة، وليست جزءاً من جزر الهند.
ولد أمريغو في فلورنسا عام 1453، وتحول إلى رجل أعمال يعشق المغامرة، إلا أنه كان يعشق الخرائط أيضاً، إذ بدأ اكتشافه للقارتين الجديدتين يرسم شكل خرائط العالم وذلك بعد مرور فترة قصيرة على تصميم رسام الخرائط الألماني مارتن فالدسميلر لأول خريطة تظهر فيها أميركا في عام 1507، والتي حملت اسم أمريغو فيسبوتشي ذلك الرجل صاحب الشخصية المتبصرة.
-
جيمس كوك (1728-1779)
في عام 1768، وبعد سنوات في خدمة البحرية البريطانية، تولى جيمس كوك الذي تنحدر أصوله من اسكتوتلاندا قيادة بعثة عملية وهو في الأربعين من عمره، فانطلق على متن سفينته التي تعرف باسم Endeavour بحثاً عن الأرض المزعومة التي تعرف باسم تيرا أوستراليز. وبعد انطلاق رحلته من تاهيتي، استطاع طاقمه رؤية نيوزيلندا ورسم خريطة لها. وعندما أبحروا نحو الشرق، وصلوا إلى سواحل أستراليا. لقد جمع العلماء الذين كانوا موجودين على متن تلك السفينة المئات من أنواع النباتات والحيوانات التي لم تكن معروفة من قبل في أوروبا، فحققوا شهرة واسعة بفضل تلك الاكتشافات. ومن استكشافاتهم اللاحقة الدورة الكاملة الثانية حول الأرض، واكتشاف جزر كاليدونيا الجديدة وجورجيا الجنوبية. إلا أن كوك توفي في آخر رحلة بحرية له عام 1776، وذلك في نزال مع سكان الجزر على شاطئ هاواي.
وبما أن شهرته أتت من نجاحه، لذا فقد أسست بعثات كوك لفكرة ارتحال العلماء على متن سفن كبيرة تابعة للقوات البحرية، كما اشتهر بعدم خسارته لأي رجل من رجاله بسبب داء الإسقربوط الذي كان يصيب المستكشفين عبر البحار في ذلك الزمن.
-
ألكساندر فون هومبولت (1769-1859)
كان عالم الطبيعة والجغرافيا الألماني هذا يتمتع بمواهب متعددة، إذ بعدما أمضى ردحاً طويلاً من حياته في العمل بمجال التعدين والمناجم، اكتشف بأن لديه هوساً بجمع النباتات، فسافر إلى جنوب أفريقيا في عام 1799، ثم قطع مع رفيقه عالم النبات إميه بونبلان أكثر من ستة آلاف ميل على مدار خمس سنوات، استكشفا خلالها مساحات شاسعة من الغابات المطيرة، وتسلقا الكثير من الجبال والبراكين.
ومن بين مآثره العلمية الكثيرة، نذكر أنه أول من عزا داء المرتفعات إلى نقص الأوكسجين، وأول من اكتشف موقع خط الاستواء المغناطيسي، وأول من تحدث عن الأضرار التي يخلفها النشاط البشري على النظم البيئية والمناخ المحلي، لذ لا عجب أن يسمى باسمه تيار هومبولت في أميركا الجنوبية ولا دهشة في أن تحمل اسمه المئات من أنواع الكائنات.
-
روال أموندسن (1872-1928)
كان هذا الرحالة النرويجي مغامراً منذ صغره، إذ سافر بالبحر عندما بلغ الخامسة عشرة، وعلى الرغم من تفكيره بالانطلاق برحلة بحرية إلى القطب الشمالي، فإن تحقيق المستكشف الأميركي روبرت بيري لتلك المأثرة جعله يغير مخططاته، ولهذا توجه نحو القطب الجنوبي، بعدما أخفى خطته لبعض الوقت عن الناس، إذ كتب بعدما ساورته الشكوك: "لو أعلنت عن نياتي في تلك المرحلة، فستصبح محل نقاش الصحافة، وهذا ما قد يخنق المشروع في مهده".
في كانون الأول من عام 1911، شرع أموندسن هو وفريقه المؤلف من أربعة أشخاص في رحلة إلى القطب الجنوبي، فوصلوا إلى هناك أخيراً قبل أن ينتزع منهم ضابط البحرية البريطاني روبيرت فالكون سكوت ذلك الشرف، إلا أن أموندسن اختفى في عام 1928 عندما شرع في رحلة ضمن المهمة الساعية لإنقاذ من فقدوا على متن منطاد كان متوجهاً نحو القطب الشمالي.
-
جاك كوستو (1910-1997)
وهو من الأشخاص القلائل الذين ارتبط اسمهم بالمحيط بشكل وثيق، وكذلك اسم سفينته كاليبسو (بما أن كلمة كاليبسو تشير إلى حورية البحر في الأساطير اليونانية كما أنها تمثل أعمق نقطة في البحر الأيوني قبالة سواحل اليونان)، إذ بعد تعرضه لحادث سيارة تسبب بكسر ذراعيه، أصبح هذا الطيار البحري الفرنسي مولعاً بالبحر والغوص خلال فترة إعادة تأهيله. بعد ذلك انطلق لاكتشاف المحيطات وأعماق البحار عبر تطوير معدات الغوص، وتصنيع رئة للتنفس تحت الماء، فضلاً عن الكاميرات والأدوات التي تعمل تحت الماء. وخلال العقود التي أمضاها في أعالي البحار برفقة فريقه، الذي أصبح اسمه: "فرسان البحر" أخذ كوستو يصور أفلامه التي ظهرت فيها عجائب المحيطات والحياة الموجودة في أعماقها، فعرضت تلك الأفلام في مختلف بقاع العالم.
-
يوري غاغارين (1934-1968)
في 12 نيسان، 1961، أصبح يوري غاغارين أول إنسان يخاطر بنفسه ليصل إلى الفضاء، إذ في خضم سباق الفضاء بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، استغرقت رحلة رائد الفضاء الروسي حول كوكب الأرض على متن مركبة الفضاء فوستوك 1 أقل من ساعتين. كان غاغارين يتمتع بسمات جسدية استثنائية، فضلاً عن رجاحة عقله، إلا أن قصر قامته كان من الأسباب التي جعلت الاختيار يقع عليه. لكنه توفي بعد سبع سنوات فقط على تحقيقه لذلك الإنجاز، أي في عام 1968، وذلك عندما خرج في رحلة تدريبية، فخسر بذلك فرصة مشاهدة رواد الفضاء الأميركيين (وبينهم نيل أرومسترونغ) وهم يهبطون على سطح القمر.
المصدر: ديسكفر