كشفت صحيفة ألمانية تفاصيل من تسريبات بيانات بنك "Credit Suisse" (كريدي سويس) ثاني أكبر بنوك سويسرا، بينها حسابات بأموال طائلة لمسؤولين عرب وأجانب بينهم الملك الأردني عبد الله الثاني، ورئيس وزراء العراق السابق إياد علاوي والرئيس الجزائري الراحل عبد العزيز بوتفليقة وآخرون.
وذكرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية اليومية أمس الأحد، (اطلع عليها موقع تلفزيون سوريا)، أن تسريباً من بنك "كريدي سويس" كشف تفاصيل حسابات أكثر من ثلاثين ألف عميل، حيث إن البيانات وصلت إلى الصحيفة من مصدر مجهول.
وأشارت الصحيفة إلى أن "تسريبات سويسرا السرية" كشفت أن خمسة رؤساء دول وحكومات سابقين أو حاليين من العالم العربي يمتلكون حسابات في "بنك سويس كريدي".
كما تضمنت رؤساء تجسس وآخرين مرتبطين بوكالات المخابرات (العمود الفقري للعديد من الدول العربية) من اليمن والأردن والعراق ومصر وسوريا، وقد كانت بعض الحسابات مرتبطة بشخصيات أعمال بارزة متهمة بالعمل كواجهة للأنظمة العربية.
الملك عبد الله الثاني
وأوضحت الصحيفة أن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يمتلك حسابات في البنك السويسري منذ عام 2008، وبعضها ما يزال قائماً حتى اليوم.
ويدير مكتب محاماة بتكليف من الملك إدارة أصول تزيد قيمتها على 164 مليون فرنك سويسري من خلال حساب واحد فقط.
ويُنظر إلى الملك عبد الله الثاني دولياً على أنه دعامة الاستقرار في الشرق الأوسط، حيث كان الرجل البالغ من العمر 60 عاماً من عائلة هاشم على رأس النظام الملكي الوراثي الأردني منذ عام 1999.
وقالت الصحيفة إنه "كانت هناك احتجاجات في جميع أرجاء البلاد منذ سنوات، في حين أن السكان أفضل حالاً من أولئك الموجودين في العديد من البلدان المجاورة، إلا أنهم يعانون من إجراءات التقشف الحكومية وارتفاع أسعار الطاقة والوقود.
ويتلقى الأردن مساعدات تنموية واقتصادية بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي.
في الوقت نفسه، كشفت الأبحاث الدولية مثل أوراق باندورا، وهو بحث عن الملاذات الضريبية بتنسيق من الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) ونشر في تشرين الأول 2021، عن ثروة عبد الله الشخصية، والتي بلغ مجموعها مئات الملايين من الدولارات. ومن بين أمور أخرى، اشترى عقارات فاخرة في لندن والولايات المتحدة.
عبد العزيز بوتفليقة
وفي الجزائر، كان الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة يملك حساباً في "كريدي سويس" منذ آذار 1999 إلى تشرين الأول 2011، وبلغت الودائع عام 2005 أقل بقليل من 1.5 مليون فرنك سويسري.
وبعد شهر من فتح الحساب، تم انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيساً للجزائر في انتخابات مثيرة للجدل، بعد الحرب الأهلية في التسعينيات، حيث اتبع سياسة المصالحة مع الإسلاميين.
ولفتت الصحيفة إلى أن الفساد كان مستشرياً أيضاً في ظل حكمه، حيث يُقال إنه قام بنفسه بإدارة مليارات الدولارات من الدولة الواقعة في شمال أفريقيا لسنوات إلى الولايات المتحدة وسويسرا.
وحتى اليوم، يبدو أن الحكومة الجديدة تبحث عن هذه الأموال في جميع أرجاء العالم، حيث استقال بوتفليقة في نيسان 2019، بينما تظاهر مئات الآلاف من الجزائريين في جميع أرجاء البلاد ضد ولاية خامسة محتملة للحاكم الذي يعاني من مرض خطير بالفعل. بعد إصابته بسكتة دماغية، ونادراً ما كان يظهر علناً، إلى أن توفي في أيلول 2021 عن عمر يناهز 84 عاماً. ولم يرد محاميه على عدة استفسارات، بحسب الصحيفة.
إياد علاوي
وفتح إياد علاوي رئيس وزراء العراق السابق، حساباً في البنك، في أوائل الثمانينيات وآخر بمنتصف التسعينيات، وفي بعض الأحيان كان يمتلك أصولًا تزيد على خمسة ملايين فرنك سويسري. وقد ظلت الحسابات نشطة حتى صيف 2016 على الأقل.
ووصفت الصحيفة رجل الأعمال والطبيب ورئيس الوزراء العراقي (2004-2005) بـ "المستفيد في أعقاب الغزو الأميركي للعراق".
وكان علاوي ذات يوم من رفقاء صدام حسين، لكنه قد غادر العراق عام 1970 لاستكمال دراسته الطبية في لندن. وفي أوروبا ابتعد عن حزب البعث العراقي الاشتراكي، حيث لم يكن محبوباً مع صدام ونجا من هجوم، ثم أصبح جهة مطلوبة لأجهزة المخابرات الغربية لأنه كان دائماً يحتفظ بصلات مفيدة في العراق.
وبعد سقوط صدام، عاد علاوي إلى العراق من المنفى وأصبح عضواً في مجلس الحكم الذي عينته الولايات المتحدة عام 2003، ثم رئيساً للوزراء عام 2004 ليبقى في السلطة عاماً واحداً.
وعاد سياسياً في عام 2009 عندما خرج منتصراً من الانتخابات البرلمانية لعام 2010، ومع ذلك، بسبب العديد من المعيقات السياسية لم يتمكن من تشكيل حكومة.
وبعد الانتخابات العامة 2014، أصبح نائب رئيس الوزراء حتى تم إلغاء المنصب في عام 2016. وفي نفس العام، ظهر اسم علاوي مع شركتي بريد إلكتروني في أوراق بنما، وهو تحقيق دولي تضمن استقصاءات صحفية.
ولدى سؤاله، لم يعلق علاوي على الحسابات السويسرية.
رئيس وزراء أردني سابق
يمتلك سمير الرفاعي رئيس الحكومة الأردنية السابق، ما مجموعه ثلاثة حسابات في "كريدي سويس" منذ عام 2008، وتم إيداع أصول بأكثر من 15 مليون فرنك سويسري فيها في وقت واحد. ولدى سؤاله، قال الرفاعي إن "جميع الحسابات مغلقة اليوم".
وترأس الرفاعي حكومة بلاده بقرار ملكي، في ظل وصول حركة الربيع العربي الاحتجاجية إلى العاصمة الأردنية عمان في ربيع 2011 وجال المتظاهرون في الشوارع.
وفي خضم المظاهرات، أجبر الملك عبد الله رئيس الوزراء الرفاعي على الاستقالة كبيدق. واتهمت الحركة الاحتجاجية رئيس الوزراء بالفساد.
ويبدو أن رئيس الحكومة (السابق الآن) لم يسقط بشدة، حيث كشفت التسريبات السويسرية أنه فتح حساباً جديداً في البنك بعد بضعة أشهر فقط، وكان لديه سابقاً واحداً في البنك وافتتح لاحقاً ثالثاً.
ولدى سؤاله، قال الرفاعي إنه يستطيع دحض تهمة اختلاس الأموال "بشكل كامل، وبطريقة لا لبس فيها ودون تحفظ"، مؤكداً أن ما يملكه جاء من بيع الأراضي الموروثة والعقارات.
وبشأن مزاعم الفساد قال الرفاعي: "خلال ما يسمى بالربيع العربي، كان من الصعب للغاية العثور على شخص يعمل في الحكومة ولم يتم اتهامه بالفساد".
وزير دفاع جزائري سابق
حوكم وزير الدفاع الجزائري السابق خالد نزار بارتكاب جرائم ضد الإنسانية بينها التعذيب، ولكن بخصوص صلته بالبنك السويسري، فقد فتح حساباً واحداً في كل من عامي 2004، و2005، وكلاهما استمر نشطاً حتى 2013، وفي غضون ذلك كانت هناك أصول تزيد قيمتها على مليوني فرنك سويسري في الحسابات.
واندلعت حرب أهلية دموية في الجزائر بين عامي 1991 و2002. وكان الجنرال خالد نزار وزيراً للدفاع منذ عام 1990، وفي العام التالي تقاسم المسؤولية عن انقلاب عسكري رد به الجيش على انتصار حزب إسلامي في الانتخابات. ثم اندلع القتال الذي استمر أكثر من عقد من الزمان.
واستخدمت الحكومة العسكرية التعذيب والقتل الوحشي ضد معارضيها، وفي عام 2001، نشر ملازم سابق هارب في جهاز نزار الأمني كتاباً يلوم فيه الأخير بشكل مباشر على تعذيب آلاف الأشخاص.
وتلقى الكتاب اهتماماً دولياً، ومع ذلك، بعد ثلاث سنوات ، تمكن نزار من فتح حسابه الأول في "كريدي سويس". تم القبض على نزار في جنيف عام 2011 ، لكن أطلق سراحه بعد ذلك بوقت قصير رهناً بشروط.
وتبع ذلك نزاع قانوني طويل الأمد في سويسرا حول مسألة ما إذا كان، بصفته وزيراً سابقاً ، يتمتع بالحصانة في أثناء أفعاله وما إذا كانت الحرب الأهلية نزاعاً مسلحاً.
وفي الآونة الأخيرة، قضت المحكمة الجنائية الفيدرالية في سويسرا عام 2018 بأنه يتعين على مكتب المدعي العام الفيدرالي مواصلة التحقيق.
في حين حكمت محكمة عسكرية جزائرية على نزار غيابياً بالسجن 20 عاماً في الوقت الذي ترك نزار أسئلة حول حساباته دون إجابة؛ ذكر محاموه أنه لم يرتكب جرائم حرب ولم يأمر بها أو ساعد أو تغاضى عنها عن عمد.