تسود حالة من الاستياء الشعبي في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، على خلفية اكتشاف مقتل شخص على الأقل، إثر التعذيب في سجون "هيئة تحرير الشام"، بعد اعتقاله قبل أشهر بتهمة "العمالة لصالح جهات خارجية".
ويوم أمس، أكد مصدر خاص لموقع تلفزيون سوريا، من داخل "جيش الأحرار"، بقيادة "أبو صالح طحان"، أن الجيش تأكد من مقتل أحد عناصره المدعو "عبد القادر الحكيم" الملقب "أبو عبيدة تلحدية" إثر التعذيب داخل سجون الهيئة، في شهر أيلول 2023، من دون إعلام فصيله أو ذويه بنبأ موته.
وقال المصدر: "بعد اجتماع مع الهيئة، أبلغونا رسمياً بمقتله بعد مماطلة لأشهر بإخبارنا عن حاله، في حين رفض أهله إقامة بيت عزاء حتى يتم تسليم الجثة لهم.. مطلبنا الأول ومطلب أهله بالوقت الحالي، تسليم الجثة، لكن الهيئة تماطل حتى الآن، ومطلبنا الثاني، تشكيل لجنة شرعية مستقلة يُسلّم المحققون لها، وتحكم بالأمر لنعلم من المتسبب بمقتله ومن أمر باعتقاله".
وضِع داخل كيس ودُفن بمكان مجهول
وأثارت الحادثة جدلاً واسعاً، خاصة في ظل التفاصيل التي ترافقت معها، إذ أشارت مصادر محلية، إلى أن هيئة تحرير الشام دفنت "عبد القادر الحكيم" في مكان مجهول، بعد أن وضعته داخل كيس بدون تكفين، ومن دون إبلاغ ذويه بأي معلومات عن موقع قبره.
وأشارت المصادر إلى أن "جيش الأحرار" ضغط من أجل معرفة موقع القبر، وتبين أنه في منطقة الشيخ بحر في ريف إدلب، ما دفع عناصر من الجيش للتوجه إلى الموقع وإخراج جثة "الحكيم" من القبر، من أجل دفنه في المكان الذي يريده أهله.
ونشرت صفحات محلية فيديوهات للحظة إخراج الجثة من القبر، إذ ظهرت داخل كيس "نايلون"، من دون تكفين، وبحسب الصفحات، فإن عدة قبور مشابهة تحيط بقبر "الحكيم" لا تُعرف هوية أصحابها.
بيان لـ جيش الأحرار
من جهته، نشر فصيل جيش الأحرار، التابع للجبهة الوطنية للتحرير، بياناً، جاء فيه: "ببالغ الأسى والحزن تلقينا نبأ وفاة الأخ المرابط المجاهد عبد القادر الحكيم تحت التعذيب على أيدي بعض المجرمين الظلمة الذين فرغت رؤوسهم من أي مبادئ ثورة وجهاد ودين وتحت تهمة العمالة زوراً وبهتاناً وافتراء".
وأضاف البيان: "لم يشفع له أنه سلّم نفسه بكامل إرادته واثقاً ببراءته رافضاً الهروب بعد إلصاق هذه التهمة به وما كان جزاؤه إلا مزيداً من الضرب والتعذيب حتى وافته المنية مظلوماً".
وطالب الفصيل "بمحاسبة الظلمة الذين ارتكبوا هذه الفعلة الشنيعة"، في حين قال قائد جيش الأحرار، أبو صالح طحان، في تغريدة على منصة "إكس": "إن ما يعصف بالمحرر من أحداث تدعو كل عاقل إلى مراجعة حساباته مع ربه أولاً ثم مع نفسه والآخرين، فمهما بلغ إعدادنا العسكري مبلغه، فلا نصر يرتجى وقد شاعت بيننا المظالم".
استنفار أمني بعد أنباء عن خروج مظاهرة
واستنفرت "هيئة تحرير الشام" في مدينة سرمدا شمالي إدلب، اليوم الأحد، بعد تداول أنباء عن عزم السكان الخروج بمظاهرة، تطالب بالكشف عن مصير المعتقلين في سجون الهيئة، ومحاسبة المحققين الذين أقدموا على قتل محتجزين تحت التعذيب، ومن أعطاهم الأمر بذلك.
واستنكر عشرات الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي إقدام الهيئة على قتل أشخاص تحت التعذيب في سجونها، حيث قال القائد السابق لحركة أحرار الشام، جابر علي باشا، في منشور على حساباته، إنّ "كل ما جرى ويجري في الساحة من خسارة المناطق، وظلم وبغي، وتعذيب للمدنيين والعسكريين، وقتل تحت التعذيب على يد هيئة تحرير الشام يتحمل وزره مع الهيئة مشايخ السوء، ودعاة التغلب، الذين مكنوا لهذه الجماعة، وبرروا لها ضرب الفصائل، واستباحة دمائها، وسلب سلاحها، باسم الوحدة والاعتصام، وغير ذلك من الشعارات التي كذبوا بها على الله وعلى الناس".
وأشار إلى أن "النتيجة كانت انفرد هؤلاء بالساحة، وحصل ما رآه ويراه سكان المحرر وغيرهم كل يوم، كما يتحمل وزر ذلك أيضاً كل مرقع لهم، ومطبل لمشروعهم الذي كشفت سوءته، وبانت عورته للقاصي والداني، وما أكثر المرقعين ممن باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم"، بحسب وصفه.
وأردف: "بعد أن دمر الجولاني قوة الفصائل، وأذهب ريحها لصالح أعداء الثورة أعلن انفراده بالعمل بالأمني والقضائي، ففاح نتن جهازه الأمني، وعمّ ظلمه المدنيين والعسكريين، وأثبت أنه لا يؤتمن على ثورة ولا دين، فقد سلخ جلود أتباعه قبل غيرهم، وسامهم من أنواع البطش ما لم يذوقوه على يد غيره"، وفق المنشور.
يشار إلى أن "هيئة تحرير الشام"، أعلنت في شهر كانون الثاني الماضي، عن انتهاء التحقيقات الخاصة بما وصفتها "دعوى الخلية الأمنية"، أو ما يعرف محلياً بـ"ملف العملاء" داخل الهيئة لصالح جهات خارجية، بالتزامن مع إطلاق سراح عشرات المحتجزين وعلى أجسادهم آثار تعذيب وكسور، مع أنباء عن مقتل عدد من الأشخاص داخل السجن بسبب التعذيب.