لم يستغرق الأمر أكثر من أسبوعين ليحول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بلاده إلى الدولة التي فرضت عليها أكثر عقوبات في العالم، متجاوزة بذلك إجمالي العقوبات الكبيرة التي فرضت على دول من أمثال إيران وكوريا الشمالية وسوريا، ويرجع الفضل في كل ذلك إلى الغزو الروسي لأوكرانيا.
تظهر البيانات الموجودة على موقع Castellum.ai وهو عبارة عن قاعدة بيانات عالمية تقوم بتعقب العقوبات، بأن روسيا كانت بالأصل ثاني دولة من حيث حجم العقوبات المفروضة عالمياً عليها قبل 22 شباط، وذلك بوجود 2754 عقوبة مفروضة عليها، أي أن روسيا أتت في المرتبة الثانية بعد إيران التي عوقبت بـ3616 عقوبة.
إلا أن الوضع تغيّر بعدما أمر بوتين القوات الروسية بدخول شرقي أوكرانيا خلال الشهر الماضي، إذ منذ ذلك الحين تعرضت روسيا لـ2778 عقوبة جديدة من قبل الولايات المتحدة ودول أخرى في العالم، ما رفع إجمالي عقوباتها إلى 5532 عقوبة.
المرتبة الأولى من حيث العقوبات
تحتلّ روسيا المركز الأول اليوم ضمن فئة الدول التي لا يرغب أحد في أن يكون فيها، إذ تفوق العقوبات المفروضة على روسيا ضعف العقوبات المفروضة على سوريا والتي بلغ عددها 2608 عقوبات، كما تجاوز عدد عقوباتها العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية البالغ عددها 2077 عقوبة.
المرتبة الأولى من حيث إصدار العقوبات
هذا وتتصدر الولايات المتحدة الدول التي فرضت عقوبات على روسيا بوجود 1194 عقوبة فرضتها عليها بحسب ما ورد في بيانات الموقع المذكور آنفاً، في حين فرضت سويسرا التي عُرفت عبر التاريخ بحياديتها، 568 عقوبة على روسيا منذ 22 شباط، لتسبق في ذلك كل الدول والمنظمات من حيث عدد العقوبات المفروضة في هذه الفترة، كما فرض كل من الاتحاد الأوروبي وفرنسا وكندا وأستراليا والولايات المتحدة مئات العقوبات على روسيا خلال فترة لا تزيد على أسبوعين اثنين.
لن ينتصر بوتين في أوكرانيا
أتى صعود روسيا لتحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث عدد العقوبات المفروضة عليها عندما أعلن الرئيس بايدن يوم الثلاثاء الماضي أن الولايات المتحدة تخطط لحظر واردات النفط والغاز الطبيعي القادمة من روسيا، في خطوة اعتبرت واحدة من الإجراءات البعيدة المدى التي اتخذتها واشنطن لمعاقبة موسكو على غزوها لأوكرانيا. وعندما سئل عن سبب حظره لتلك الواردات والتبعات الجيوسياسية الهائلة المترتبة على ذلك، ردّ بايدن بالقول: "لقد تظاهر الأميركيون دعماً للشعب الأوكراني وأوضحوا بأننا لسنا على استعداد لنشارك في دعم بوتين في حربه، ثم إن بوتين لن يحقق أي انتصار مطلقاً في أوكرانيا".
تحول الحظر إلى أمر واقع بعد الجهود التي بذلها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وهو يناشد النواب في الولايات المتحدة ومختلف بقاع العالم حتى يتخذوا مزيداً من الإجراءات ضد روسيا. حيث جددت أوكرانيا اتهامها لروسيا بقصف ممرات الإخلاء المخصصة لخروج المدنيين من مناطق الحرب، بعدما أعلنت روسيا أن جنودها سيلتزمون بهدنة مؤقتة لوقف إطلاق النار وذلك للسماح للمدنيين بالخروج بسلام من العديد من المدن الأوكرانية المحاصرة.
يذكر أن ما يزيد على مليوني أوكراني فرّوا من بلادهم منذ بداية الغزو بحسب ما أوردته الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي.
عقوبات تاريخية
فرضت الولايات المتحدة وغيرها من الدول في مختلف بقاع العالم عقوبات واسعة وتاريخية على روسيا على أمل أن يسهم ذلك في عزل تلك الدولة والضغط على بوتين حتى يوقف الحرب. وقد تم توجيه بعض تلك الضغوط نحو المصرف المركزي الروسي والطبقة الأوليغارشية الروسية التي تعدّ حليفة لبوتين.
أصبح الاقتصاد الروسي يعاني تحت وطأة الإجراءات التي اتخذها المجتمع الدولي بحق روسيا، لدرجة أن بوتين دعا لتطبيع العلاقات مع دول أخرى خلال الأسبوع الماضي، حيث ذكر بأن موسكو "ليست لديها نيات خبيثة تجاه جيرانها بكل تأكيد".
ولكن بعد أن قال ذلك، لم تعد هنالك حاجة لتصعيد الأمور أو فرض مزيد من العقوبات على روسيا، إذ صرّح بوتين يوم السبت الماضي بأن العقوبات ووقوف قادة العالم ضدّه رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا يهدد "مستقبل الدولة الأوكرانية" على حد تعبيره. كما زعم بأن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ترقى إلى "وسيلة للحرب ضد روسيا".
وأضاف: "إن العقوبات التي تم فرضها ما هي إلا إعلان للحرب".
عقوبات سابقة
إلا أن العقوبات ليست بغريبة على روسيا، إذ في عام 2014، ورداً على ضم الكرملين للقرم، فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات على قطاع المال والدفاع والنفط في روسيا، وبالرغم من فرض تلك العقوبات، زادت الحكومة الروسية من الاحتياطي لديها، بحيث قفز من 430 مليار دولار في أيار 2014 إلى 640 مليار دولار، وذلك بعد حصولها على الأموال عبر بيع النفط والغاز.
عندما فرضت تلك العقوبات على روسيا قبل ثماني سنوات تقريباً، تكاتفت الدولة الروسية مع الدول الأخرى التي فرضت عليها آلاف العقوبات، فمعظم العقوبات التي فرضت على إيران كانت بسبب برنامجها النووي ودعمها للإرهاب، في حين أن العقوبات المتكررة التي فرضت على كوريا الشمالية أتت بسبب تطويرها لأسلحة نووية.
ولكن مع استمرار الغزو واحتدام القتال، أصبحت روسيا تتصدر كل الدول الأخرى بعدما نالت حصة الأسد من العقوبات.
المصدر: واشنطن بوست