تتصاعد جرائم فلاديمير بوتين وتزداد يوماً بعد يوم، إذ لم يكتف من دماء الشعب الأوكراني التي تلطخت بها يداه بسبب حربه على أوكرانيا التي لا يمكن لأحد أن يبررها، بل أيضاً بات مسؤولاً عن تجويع الناس في مناطق مختلفة من العالم، وذلك لأن أوكرانيا تعدّ سلة الخبز بالنسبة لكثير من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلا أن بوتين يحرم تلك الدول اليوم من الحبوب الأوكرانية التي يمنعها من مبارحة ميناء أوديسا، كما يمنع مرورها ونقلها عبر طرق رئيسية تمر بالبحر الأسود.
وترتّب على ذلك ارتفاع غير مسبوق بأسعار الغذاء عالمياً، وحرمان 276 مليون شخص من الأمن الغذائي، أي أن من يعانون من انعدام الأمن الغذائي ارتفع عددهم اليوم عما كانوا عليه في عام 2019 بنسبة فاقت الضعف.
تعدّ سيرلانكا آخر مثال على ما آلت إليه حال الأزمة الغذائية العالمية المدمرة التي أحدثها بوتين، وذلك لأنه لم يعد يتوفر بين أيدي الشعب السيرلانكي أي غذاء أو وقود، كما أخذ الناس يصطفون في أرتال وطوابير تمتد لأيام من أجل الحصول على أقل قدر متاح من تلك المواد، إذ يتحدث أحد الآباء المعيلين عن الوضع هناك فيقول: "لا مناص من الموت إن بقينا بلا طعام". إذ بعدما ارتفعت أسعار الأغذية بشكل جنوني منذ غزو بوتين لأوكرانيا، لم يعد بوسع السيرلانكيين تحمل تلك التكاليف المرتفعة، كما لا تمتلك الدولة ما يكفي من المال لدعم شعبها، وهذا ما أدى إلى تعثر البلاد عن سداد ديونها لأول مرة في تاريخها.
بيد أن تحركات بوتين التالية هي من سيقرر عدد الدول النامية التي ستشهد حالة جوع شاملة قد تصل حد المجاعة خلال هذه السنة والسنة المقبلة. ولذلك يطالب قادة العالم الرئيس الروسي بأن يقوم على الأقل بالسماح لشحنات الحبوب بأن تخرج من أوكرانيا لتسهم في إطعام ملايين البشر في دول تعتمد على الأغذية المستوردة بشكل كبير، وعلى رأسها سيرلانكا وبوركينا فاسو، واليمن، والسودان، ولبنان، وتنزانيا، وأوغندا، ومصر وتونس والكاميرون.
وقد تحدّث عن الوضع ديفيد بيزلي مدير برنامج الغذاء العالمي التابع لهيئة الأمم المتحدة، فقال مخاطباً بوتين: "إن كنت ذا قلب وتشعر بأي تعاطف تجاه بقية دول العالم، بصرف النظر عن مشاعرك تجاه أوكرانيا، فعليك أن تفتح تلك الموانئ، لأن ملايين البشر في مختلف أرجاء العالم سوف يموتون بسبب إغلاق تلك الموانئ"، ثم إن فريق بيزلي يحصل بالعادة على نصف مخصصاته من الحبوب عن طريق أوكرانيا.
ولكن تبيّن أن بوتين لا يقوم بمنع الشحنات من مغادرة البحر الأسود فحسب، بل إنه أيضاً يسرق الحبوب من أوكرانيا على متن سفن روسية وبعدها يحاول بيعها لدول أخرى بحسب ما أوردته قناة سي إن إن. إلا أن الكثير من الدول رفضت شراء تلك السلع المسروقة، ولكن يبدو أن تلك الحبوب قد حطت رحالها في سوريا في نهاية الأمر، بما أنها تعدّ من الدول القليلة التي ما تزال متحالفة مع بوتين.
هذا ويحسب لبعض الدول الأخرى محاولتها للتدخل وبذل مزيد من المال والغذاء، فقد تبرعت الولايات المتحدة بـ2.6 مليار دولار لمنع تحول أزمة الغذاء إلى مجاعة كبرى، كما وافق النواب على زيادة قدرها خمسة مليارات دولار تقريباً على هذا المبلغ من أجل دعم الاحتياجات الغذائية والإنسانية وذلك بموجب مشروع قانون المساعدات المخصصة لأوكرانيا.
ولكن بوجود 20 مليون طن متري من الحبوب والذرة ما تزال مخزنة في الموانئ الأوكرانية حتى اللحظة، بات يترتب على عاتق بقية دول العالم كثيرٌ من الأمور التي يجب عليها فعلها، وذلك لأن حرب بوتين توشك على التحول إلى مجاعة عالمية على يديه.
المصدر: واشنطن بوست