بسبب سنوات من الانقطاع المستمر والمعاناة اليومية، باتت الكهرباء في سوريا واحدة من أكبر التحديات التي تواجه المواطنين، فسياسات النظام السابق برئاسة بشار الأسد أسهمت في تدهور هذا القطاع الحيوي، إذ عانى السوريون من ساعات طويلة من التقنين وشبكات متهالكة، وسط غياب خطط جدية لإصلاح البنية التحتية التي تأثرت بشكل كبير بسبب قصف النظام وحلفائه.
اليوم، ومع تشكيل الحكومة السورية الجديدة، بدأت جهود حثيثة لإعادة إعمار القطاع الكهربائي، معلنة عن خطط طموحة لإنعاش هذا الملف، ومتعهدة بتخفيض ساعات التقنين بشكل تدريجي وزيادة ساعات التشغيل لتلبية احتياجات المواطنين.
واقع الكهرباء في سوريا
قال مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء المهندس خالد أبو دي إن أسباب زيادة ساعات التقنين بعد إسقاط نظام الأسد تعود إلى توقف تدفق الغاز والنفط من المناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، إضافة إلى توقف العمل بالعقود المبرمة مع إيران لإمداد سوريا بالنفط الخام.
وأضاف أبو دي في حديث مع موقع تلفزيون سوريا أن وزارة الكهرباء تبحث عن الحلول البديلة ضمن خطط الطوارئ التي وضعتها لتخفيض ساعات التقنين.
وأشار إلى أن "النظام البائد كان يتعمد عدم تطوير هذا القطاع، ما أدى إلى تراجعه بشكل كبير، فغالب المحطات الرئيسية والخطوط مدمرة".
خطط الحكومة الجديدة
وذكر المهندس أن الوزارة وضعت خططاً قصيرة الأمد وطويلة الأمد لتحسين واقع الكهرباء. الخطط القصيرة تعتمد على جهود الطوارئ لزيادة حصة الأهالي من التيار الكهربائي، وتم التواصل مع بعض الدول مثل تركيا وقطر، ومن المقرر أن ترسو بوارج خاصة بتوليد الطاقة الكهربائية (عددها 2 مبدئياً) في بانياس وطرطوس خلال الفترة المقبلة، لتولد 800 ميغاواط، وهو ما يعادل 33 بالمئة من التوليد الحالي.
وأضاف أن الوزارة تجهز خطوط النقل الرئيسية لنقل الطاقة من أماكن التوليد إلى محطات التحويل، وكذلك سيتم استجرار الكهرباء عبر خطوط دولية من تركيا والأردن، لكن ذلك يحتاج إلى مدة تتراوح بين 7 أشهر إلى سنة، ريثما يتم إصلاح خطوط الكهرباء الرئيسية المدمرة.
وشرعت الوزارة بعمليات صيانة طارئة لبعض الخطوط الرئيسية ومحطات التوليد والتحويل، بعضها يتم عبر كوادر الوزارة، وبعضها عبر التعاقد مع شركات مختصة.
ولفت أبو دي إلى عدد من التحديات بهذا الخصوص، منها عدم توفر قطع الغيار اللازمة، وقلة الموارد المتاحة للوزارة، التي تحتاج إلى دعم بكل أشكاله.
وختم: "المحروقات مثل الفيول يمكن للدولة توريده لنا، لكن الغاز يحتاج إلى خطوط ربط مع الدول ولا توجد خطوط غاز صالحة لتوريده، لذلك الغاز الخاص بتوليد الطاقة الكهربائية هو من الآبار التي تقع تحت سيطرة قوات قسد، وفي حال عودة الفيول والغاز من مناطق قسد إلى محطات التوليد الكهربائية، قد ينخفض التقنين إلى أدنى مستوى وأعتقد أن ساعات وصول التيار الكهربائي للناس ستصبح أكثر من 16 ساعة".
ويوجد في سوريا العديد من محطات توليد الطاقة الكهربائية، إلا أنها حتى الآن لا تعمل بشكل كامل بسبب العديد من الأسباب، في مقدمتها البنية التحتية المتدهورة، ونقص قطع الغيار والصيانة، وتراجع القدرة التشغيلية إلى أقل مستوياتها، ونقص الوقود التشغيلي للمحطات على اختلاف أنواعه.