أطلق متطوعون وناشطون في المجال التعليمي حملة جمع تبرعات قبيل انطلاق العام الدراسي القادم، تستهدف الطلاب المنقطعين دراسياً والمعلمين المتطوعين، من خلال افتتاح معاهد خاصة تستقبل هاتين الفئتين، لتدارك التدهور في العملية التعليمية من جراء تراجع المنح بشكل كبير في القطاع التعليمي في منطقة شمالي غربي سوريا.
وتأتي المبادرة من ضرورة أن يكون "الملف التعليمي ملفاً مجتمعياً قائماً على الفعاليات المجتمعية والمؤسسات الأهلية والفرق التطوعية، في وقتٍ تراجع فيه دعم الدول والمانحون الدوليون، وبعد الوصول لقناعة أنّ هذا الملف يجب أن يكون على عاتق المعنيين بملف التعليم فقط"، وفقاً للقائمين على المبادرة.
وتسعى المبادرة لجمع سهم مالي يبلغ 100 ليرة تركية شهرياً، وهي موجّهة لطلاب الشهادتين الإعدادية والثانوية العامة بفرعيها الأدبي والعلمي.
الطلاب والمدرّسون
يوضح بلال جبيرو وهو مدير المنصة السورية للتدريب التطوعي ومدير مكتب التعليم في مجموعة "هذه حياتي" التطوعية، أنّ "المبادرة التعليمية بدأ نشاطها منذ سنتين عبر التدريب والتعليم عن بعد إلى جانب التعليم الفيزيائي، وتستهدف الطلاب المنقطعين والمدرسين المتطوّعين على حدّ سواء".
ويضيف "جبيرو" وهو المشرف على المبادرة، في حديث لموقع تلفزيون سوريا: "الطلاب المنقطعون هم الطلاب المهجّرون الذين لم تسنح لهم فرصة التعليم بسبب التهجير من مختلف المناطق السورية وغياب عامل الاستقرار للقدرة على إكمال تعليمهم، إذ واجهتهم عقبتان، الأولى أعمارهم المتقدمة نتيجة الانقطاع، إضافةً إلى عدم إمكانية استقبالهم في المدارس العامة لتجاوزهم السن القانونية في التعليم، وبالتالي ليس لديهم خيار إلا المعاهد التعليمية الخاصّة".
ويتابع: "بينما المدرّسون المشاركون، فهم الفئة غير المكفولة من المدرّسين وهذا شرط أساسي ألا يكون المدرّس تابعاً لمنظمة أو جهة تعليمية يتقاضى أجراً من خلالها، وبدورها تعمل المبادرة على تأمين راتب بديل عن تطوعهم".
وتنطلق المبادرة في الوقت الحالي من مدينتي إدلب وأريحا، وتهدف في مراحل أخرى إلى الوصول لمجتمعات النزوح في ريف إدلب الشمالي، حيث تتركز المخيمات، وريف حلب الغربي، ومدينة اعزاز والباب وجرابلس بريف حلب الشمالي والشرقي.
وتضع المبادرة، وفقاً لـ"جبيرو"، قرابة 1000 طالب ضمن خطّتها التعليمية، وترتبط توسعة العدد بشكل أساسي بزيادة كمية الدعم والتبرعات الشعبية.
تأثير التبرعات والجهود الفردية
ويشير محدّثنا إلى أن "بعض المناطق ما زالت المبادرة معلّقة فيها، بسبب غياب التمويل عنها، مثل مدينة اعزاز".
المدرّس جهاد الإبراهيم، وهو مدرّس في مركز "حياة" التعليمي أحد المراكز التابعة للمبادرة، يعتبر أنّ "الجهود الشخصية والتبرعات عملت على إنجاح المبادرة التي استهدفت الطلاب المنقطعين، وكان ذلك من خلال نسبة نجاح تجاوزت الـ 80 في المئة".
ويضيف "الإبراهيم" المتطوع منذ نحو 3 سنوات، لموقع تلفزيون سوريا أن "المبادرة أمنت له راتباً شهرياً كباقي الكادر المتطوّع، وجميعهم من المدرّسين المتطوعين"، آملاً أن تستمر المبادرة لتدعم المدرسين المتطوعين منذ سنين طويلة".
ولفت جبيرو في تتمة حديثه، إلى أنّ "المبادرة تعمل بشكل رئيسي على تكاتف جهود مختلف الجهات والمؤسسات التعليمية والمنظمات، إذ استفادت سابقاً من مساهمات من منظمات "اليوم التالي ومؤسسة بنا، وفريق ملهم التطوعي والمنصة السورية للتدريب ومجموعة هذه حياتي التطوعية".
مدارس متطوعة
يعاني القطاع التعليمي في محافظة إدلب من أزمة تطوع كبيرة بعد تراجع المنح الدولي منتصف عام 2019 وتوقف أجور مئات المدرسين.
وبلغت أعداد المدارس المتطوعة في محافظة إدلب وجزء من ريف حلب الغربي، خلال العام الدراسي (2021 ـ 2022) نحو 284 مدرسة من الحلقتين الأولى والثانية من أصل 944 مدرسة، أما المدارس الثانوية المتطوعة فقد بلغت 65 مدرسة من أصل 86 مدرسة، بحسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم التابعة لحكومة "الإنقاذ" السورية.
بينما تبلغ أعداد المدرسين المتطوعين نحو 4800 مدرّس ومدرّسة، وفقاً لذات الإحصائية.
وأثّرت أزمة التطوع على سويّة التعليم في المنطقة، الأمر الذي دفع بالطلاب للاتجاه نحو التعليم الخاص المأجور أو الممول من منظمات وجهات إنسانية.