بادرت مؤسسة عين الزمان الخيرية في السويداء لافتتاح عدد من التعاونيات الإنتاجية، قوامها مجموعات من النساء العاملات في تصنيع وإنتاج المواد الغذائية الأكثر شيوعاً وطلباً لدى الشريحة الأكبر من المستهلكين، وبرأسمال يقارب 145 مليون ليرة سورية لكل تعاونية، مقدمة من أبناء المحافظة المغتربين في دول الخليج العربي وغيرها.
هل تحقق التعاونيات في السويداء الاكتفاء الذاتي؟
موقع تلفزيون سوريا جال على بعض هذه التعاونيات واستطلع آراء العاملات حول العمل التعاوني وإمكانية نجاحه في ظل هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة.
"أم وسام" النازحة مع عائلتها من بلدة النشابية في غوطة دمشق إلى السويداء منذ عشر سنوات، قالت: إن "العمل التعاوني يساهم في تخفيف تكلفة الإنتاج وتكامل الخبرة والجهد، ولكنه في نفس الوقت لايمكن أن يحقق وحده الاكتفاء الذاتي للعاملات المشاركة، أو مقدار من الربح يفي بحاجات الأسرة والعيش".
وتوضح أن عدد العاملات في كل تعاونية هو خمس عاملات ومسؤولة حسابات شريكة، وهذا العدد هو زائد عن حد التسويق والربح وبالتالي الإنتاج. وترى "أم وسام"؛ أن العمل والإنتاج سيكون أفضل لو كان قوام كل تعاونية ثلاث عاملات شريكات فقط.
وفي تعاونية أخرى تقول "رولا جعفر" مسؤولة الحسابات لموقع تلفزيون سوريا: "بدأنا منذ حوالي الشهرين، حيث ننتج كل أنواع الألبان والأجبان والحلويات الناشفة والمعجنات، بالإضافة إلى الطلبات الخاصة من المأكولات الشعبية المعروفة في بيئتنا المحلية مثل (الملاحية والكبة وخبز اللزاقيات) وغيرها.
وأشارت إلى أن الإقبال جيد، والنتائج مقبولة لحد الآن. مرجعة ذلك إلى روح التعاون وتكامل الخبرة بين العاملات، وإلى الإصرار على إنجاح هذا المشروع وعدم هدر الفرصة التي لا تعوّض في هذه الظروف الصعبة.
وتضيف "رولا "؛ مازلنا في بداية الطريق وبدأنا نكتشف بعض المعوقات الناتجة عن ساعات تقنين التيار الكهربائي الطويلة وفقد مواد الطاقة الغاز والمازوت خاصة العمل، وارتفاع أسعارها.
في حين استطاعت "أم جميل" النازحة من ريف إدلب إلى السويداء، نقل بعض الأكلات والحلويات المعروفة من إدلب إلى تعاونية "ستات الجبل" في السويداء مثل أكلات (الكسيب والكبة المشوية على الصاج، والكرابيج مع الناطف).
وتشير إلى، أن الأصناف الجديدة وجدت إقبالاً جيداً في السويداء مع بداية شهر رمضان، موضحة أن تجربتها في العمل التعاوني هي الأولى، بعد تجربة عمل فردي بمنحة صغيرة من نفس المؤسسة استمرت لأكثر من عام وواجهت مصاعب في تأمين التجهيزات الأولية، من براد وعجانة وفرن بالإضافة لمكان العمل ونافذة البيع والتسويق.
إيجابيات العمل التعاوني
وعن محاسن العمل التعاوني، تقول "أم جميل" إنها تبدأ من دراسة المنحة المناسبة لتأمين تجهيزات العمل والمكان ونافذة البيع بالإضافة إلى تكامل العمل بين الإنتاج والمشتريات والتسويق ونظام المحاسبة.
من جهته يرى "زيد عبد السلام" المهندس المشرف على برنامج "سبل العيش التعاوني"، أن هذه التعاونيات التي بلغ عددها 15 جاءت باقتراح ودراسة من المانحين وهم المغتربين من أبناء السويداء، وبإشراف وتدريب من مؤسسة عين الزمان الخيرية، وهي طريقة لخلق فرص عمل وإنتاج تعاوني، بعد تجربة عمل فردي بمنح صغيرة تناولت حوالي 450 مشروع صغير في المحافظة.
ويتابع "من خلال هذه المنح نسعى لحد مدروس من التوازن بين تكاليف الإنتاج ورأسمال العمل إلى جانب خبرة العاملات، والهدف الأسمى هو دائماً التقليل من نسب البطالة والعوز لدى العديد من الأسر، وفي نفس الوقت اختبار إمكانية نهج وتسويق نموذج العمل التعاوني لما نرى فيه من فائدة أكبر في تركيز رأس المال والمجهود في تجمعات إنتاجية".
مبادرات العمل المدني في مختلف المجالات تجعل من السويداء أنموذجاً سورياً جيداً، حيث أن هذه المبادرات ليست الأولى من نوعها على مستوى المحافظة على الرغم من أنها الأكبر من حيث رأس المال، حيث تنشط مجموعات وفرق عمل مدني كثيرة في المحافظة لتسهم في تعويض تهميش النظام السوري للمحافظة خدمياً واقتصادياً بشكل ممنهج طيلة عقود.