في استمرار لمسلسل حصر عائدات قطاع الاتصالات بجهة واحدة، أكدت عدة محال لبيع الهواتف المحمولة بدمشق، أنهم مُنعوا من بيع وشراء الأجهزة المستعملة التي ليس عليها لصاقة شركة إيماتيل التي تملكها أسماء الأسد.
ولأنه لا توجد شركات تبيع الأجهزة بلصاقة كفالة غير إيماتيل التي احتكرت سوق بيع الأجهزة الجديدة وحدها، حيث تزامن بدء عملها مع حصر شركة "مابكو" بأمور صيانة الهواتف والاكسسوارات المحدودة وإخراج البراق عن المنافسة تماماً، تكون إيماتيل بهذه الحالة احتكرت سوق الأجهزة الجديدة والمستعملة في السوق في آن واحد.
وأكد تجار في دمشق لموقع تلفزيون سوريا، أن شراء وبيع الهواتف المستعملة التي لا تحمل لصاقة كفالة شركة ( الهواتف المهربة والمعاد جمركتها) يترتب عليهم مخاطر العقوبات مثل الإغلاق ودفع غرامات ضخمة بحجة بيع المهربات، حتى لو كانت تلك الأجهزة مجمركة عبر منافذ سيريتيل وإم تي إن.
وأشار التجار إلى أن المنع الأخير سببه زيادة لجوء السوريين لشراء الهواتف المهربة ثم جمركتها وتوفير بعض المبالغ التي كانت تذهب لإيماتيل.
محال كسرت احتكار إيماتيل
وأكد أصحاب بعض المحال، أن كثيرا من محال الموبايلات في دمشق، قامت بكسر احتكار "إيماتيل" مؤخراً، واستوردت تهريباً أجهزة هواتف محمولة من الأنواع التي تباع في صالات إيماتيل، وقامت بجمركتها وعرضها للبيع بأسعار أرخص من إيماتيل بمئات الآلاف، لكن يبدو أن ذلك لم يعجب من يتحكم بقطاع الهواتف النقالة بسوريا، حيث منع القرار الأخير عرض وبيع تلك الأجهزة حتى لو لم تكن مستعملة بحجة دعم التهريب.
العام الماضي، شهدت أسعار الهواتف النقالة في صالات إيماتيل تخفيضات أكثر من مرة بنسب لا تقل عن 30% تحت شعارات مثل "كسرنا الأسعار"، وعرضت الشركة الأجهزة مراراً وتكراراً في سبيل الترويج لبيعها بسعر مخفّض، وأكد أصحاب محال حينذاك، أن السبب هو عدم قدرة إيماتيل على منافسة أسعار الأجهزة المهربة التي تجمرك محلياً، والتي أضرت بمبيعاتها نتيجة سعرها الرخيص.
سلسلة من القرارات
ويتزامن القرار الأخير غير العلني، وغير الموثق، والذي وصل لمحال بيع الهواتف النقالة بشكل مباشر عبر زملائهم من محال أخرى تعرضت للمساءلة، أو بشكل مباشر عبر دوريات الجمارك، مع صدور مرسوم من الرئيس بشار الأسد يشدد العقوبة على من يلجأ لكسر آيمي الهاتف المهرب ليعمل على الشبكة من دون دفع ضريبة الجمركة لسيريتيل وإم تي إن.
وأصدر الأسد مؤخراً المرسوم التشريعي رقم (40) لعام 2023 الذي يقضي بتعديل المادة 67 من قانون الاتصالات رقم (18) لعام 2010، وتعديلاته عبر زيادة العقوبة والغرامة على من ساعد أو مكن بوسائل احتيالية من الحصول على خدمة من خدمات الاتصالات، بقصد التهرب من دفع الأجور والرسوم المستحقة.
وقسّم المرسوم العقوبات على من حصل على الخدمة ومن ساعد ومكن مع تشديد العقوبة على الأخير، حيث نص المرسوم على أن يعاقب بغرامة من 4 ملايين ليرة سورية إلى 8 ملايين ليرة، كل من حصل على خدمة من خدمات الاتصالات بوسائل احتيالية مع علمه بذلك، بينما يعاقب بالحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات وبغرامة من 20 مليون ليرة سورية إلى 40 مليون ليرة سورية كل من ساعد أو مكّن في ذلك، مع تقدير التعويض لجبر الضرر وفق القواعد الناظمة لأجور التصريح المعتمدة من قبل الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد.
سوق سوداء جديدة
بعد تلك القرارات، سيكون هناك سوق سوداء لبيع وشراء الهواتف النقالة المهربة الجديدة في سوريا، وفي ذات السوق تباع وتشترى الأجهزة المستعملة من دون لصاقة إيماتيل، وتقدم فيها خدمات تعتبرها "الحكومة" غير شرعية، مثل كسر الآيمي (عمل على الشبكة من دون جمركة)، وبذلك تصبح كما سوق المحروقات والذهب والعملات وغيرها من أسواق خلقتها القرارات "الحكومية".
وصلت الرسوم الخاصة بجمركة الهواتف المهربة أخيراً قبل صدور المرسوم الجديد بخصوص العقوبات إلى أرقام ضخمة قد تساوي سعر الهاتف تقريباً أو أقل بقليل في بعض الأحيان، فقد رفعت الهيئة الناظمة للاتصالات قبل أيام من المرسوم الرسوم الجمركية.
وقبل رفع الرسوم الجمركية وصدور المرسوم الأخير، كانت تجارة الهواتف المحمولة المهرّبة منتعشة بشكل كبير، خاصةً عبر مجموعات "فيس بوك" مع خدمة التوصيل إلى باب المنزل، حيث تُعرض الهواتف وميزاتها عن طريق حسابات بأسماء مُستعارة في المجموعات، ويجري التواصل مع الزبائن بشكل خاص والاتفاق على السعر ومكان التسليم.
ووجد الزبائن حينئذ، أن شراء الهواتف المهربة وجمركتها يبقى أرخص من شرائها من صالات إيماتيل بنحو 350 ألف ليرة على الأقل، في حين اتجه آخرون إلى حيل أخرى للهروب من الجمركة والعقوبات الخاصة بكسر الإيمي، عبر شراء جهاز لا يعمل (سكراب) لاستخدام رمزه أو استخدام رمز هاتف قديم في المنزل لتفعيل الهاتف المهرب، ليظهر أمام الشبكة أن الهاتف القديم هو الذي يعمل وليس الجديد، ومن الصعب اكتشاف هذه الحيلة لأن الجهاز القديم لن يعمل على الشبكة وبالتالي لن يعمل هاتفان برمزين متطابقين معاً.