بعد عُزوف العرب عن دعمه.. الأسد يلهث خلف الصين

2023.09.22 | 07:43 دمشق

آخر تحديث: 22.09.2023 | 07:43 دمشق

بعد عُزوف العرب عن دعمه الأسد يلهث خلف الصين
+A
حجم الخط
-A

أنهى نظام الأسد أي فرصة للحصول على دعم عربي ينقذ اقتصاده المنهار بعد أن قوض كل الجهود والمحاولات العربية، والتي أرادت إعادة دمجه بالمنظومة الإقليمية من بوابة تقديم بعض الدعم الاقتصادي مقابل وقف إغراق المنطقة بالمخدرات، وتقديم بعض التنازلات السياسية، وما قول الملك الأردني قبل يومين في الأمم المتحدة وفي اللقاءات التي عقدت على هامش القمة العالمية إلا دليل دامغ على يأس العرب المطبعين مع الأسد من الحصول على أي شيء منه، العاهل الأردني قال بكل وضوح لا أفق لعودة اللاجئين السوريين قريباً بل إنه حذر من موجة لجوء جديدة بعد أن وصلت الأزمة المعيشية في مناطق سيطرة النظام إلى مستويات غير مسبوقة تقترب من حد المجاعة.

يريد الأسد إيجاد طريق لحل أزمته الاقتصادية من خلال عبور سور الصين المرتفع، فرغم أن الصين كانت داعما حقيقيا للنظام طوال عمر الثورة واستخدمت حق النقض الفيتو ثماني مرات لصالح الأسد وهو ما يفوق عدد مرات الفيتو الصيني منذ أن أصبحت الصين عضواً دائماً في مجلس الأمن، لكن المعروف عن الصين أنها تعطي الكثير من الوعود للدول والقليل من الأفعال.

وإن كان ما يريده الأسد من الصين معروفاً للقاصي والداني لكن في المقابل ماذا تريد الصين من النظام ولماذا استدعته في هذا التوقيت؟ يجب أن لا نغفل توقيت هذه الزيارة الذي تزامن مع إعلان الهند عزمها إقامة طريق تجاري ضخم يمتد من سواحلها وصولاً لأوروبا عبر الخليج والأردن ودولة الاحتلال، دولة البهارات والتي تريد استعادة اسمها القديم بدلاً من الهند تريد أن تستعيد معه مكانتها التجارية العالمية عبر فتح أسواق جديدة وتغذية الأسواق الحالية بالمزيد من البضائع بعد أن ينتهي هذا المشروع، وبغض النظر عن إمكانية تنفيذه من عدمها لكنه موجّه بالدرجة الأولى للصين والتي تريد أميركا الداعمة للمشروع الهندي من خلاله تقليل نفوذ الصين في المنطقة والعالم، الصين التي سبق أن أعلنت عن إحياء طريق الحرير القديم عبر إطلاق مشروع ضخم سمته "مبادرة الحزام والطريق" وجزء من مسار إنشاء هذا المشروع يتم عبر تقديم القروض للدول التي سيمر منها، وأيضا إنشاء بنى تحتية مناسبة، نظام الأسد انضم لهذا المشروع بداية عام ٢٠٢٢ بعد زيارة وزير الخارجية الصيني عام ٢٠٢١ ولقائه برأس النظام حينذاك.

ليس بعيداً عن الحرب الدائرة شرق أوروبا أن  الصين تريد استغلال انشغال بوتين في أوكرانيا لملء الفراغ الروسي المحتمل في سوريا وشمال إفريقيا

وكانت إيران قد سبقت النظام ووقعت مع الصين عقد إنشاء سكة حديدية يقترب طولها من الألف كيلومتر بين مدينة مشهد والعاصمة طهران، وتريد إيران والصين إكمال هذا الطريق الحديدي لاحقا إلى البحر الأبيض المتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان. سياسياً؛ وليس بعيداً عن الحرب الدائرة شرق أوروبا أن الصين تريد استغلال انشغال بوتين في أوكرانيا لملء الفراغ الروسي المحتمل في سوريا وشمال إفريقيا، الصين التي استطاعت استثمار الجفاء الحاصل بين إدارة بايدن والمملكة العربية السعودية لعقد مصالحة بين إيران والمملكة أعجبها هذا الدور وتريد تثبيت نفوذها في المنطقة لحماية مصالحها ولتأمين تنفيذ مشروعها العملاق.

يمكن أن نسميها بالزيارة الاقتصادية بالدرجة الأولى وما إرسال الصين لوزير تجارتها لاستقبال الأسد في المطار إلا رسالة واضحة تحمل سؤالاً واحدا فقط لا غير: ماذا لديك لتبيعنا إياه؟ لأن الصين عينها على كعكة أموال إعادة الإعمار وهي لم تتوقف عن إرسال المئات من شركاتها للمشاركة في المعارض والفعاليات التجارية التي أقامها النظام في السنوات الأخيرة، وهي تراقب كيف تحصل روسيا وإيران على منشآت سيادية وتريد أن يكون لها حصة من هذه المنشأت والتي سيتخلى عنها النظام تباعاً، والنظام يريد أموال الصين لأجل إنقاذه بعد أن فشل في الحصول على أموال عرب الخليج المطبعين معه، ويريد أيضا الحصول على الشرعية.

يشكك الملك الأردني خلال قمة الشرق الأوسط العالمية التي انعقدت في نيويورك على هامش القمة الأممية ويقول إنه غير متأكد من أن الأسد لديه مسؤولية وقدرة كاملة على التحكم بالبلاد

ترتيب زيارة الصين جاء ثالثاً بترتيب زيارات الأسد الخارجية منذ بداية الثورة هو زار روسيا أولاً ثم إيران والآن توجه للصين، وهذا الترتيب يعكس نفوذ كل دولة من الدول الحليفة والداعمة له، وإن كان انشغال بوتين في أوكرانيا وانشغال إيران بأزماتها الداخلية والاقتصادية منعهما من تقديم الدعم الاقتصادي اللازم لمنع انهيار نظام الأسد اقتصادياً فإن السؤال المطروح اليوم عن قدرة الصين على إنعاش شرايين اقتصاده المنهكة. فالصين ليس لها قوات في سوريا بالشكل الذي تستطيع فيه مجاراة النفوذ الروسي والإيراني، ويجب أن لا نغفل عامل العقوبات الغربية المستمرة والمتصاعدة ضد نظام الأسد، وهناك شكوك حول قدرة رأس النظام بإعطاء الصين كل ما تريده أو بعضا منه، لأن الجميع يعلم أن تحكم الأسد بمفاصل الدولة يتراجع بشكل متواتر لصالح قوى عسكرية واقتصادية مرتبطة بروسيا وإيران كل على حدة.

فعندما يشكك الملك الأردني خلال قمة الشرق الأوسط العالمية التي انعقدت في نيويورك على هامش القمة الأممية ويقول إنه غير متأكد من أن الأسد لديه مسؤولية وقدرة كاملة على التحكم بالبلاد، وأنه مسيطر على الأمور فهذا يعني أن محاولات الصين سيكون مصيرها نفس مصير محاولات العرب المطبعين.. ستنتهي إلى لا شيء.