اعترفت وزارة الداخلية البريطانية بأن رواندا ما تزال تعاني من مشكلات تتصل بسجل حقوق الإنسان لديها وذلك بسبب طريقة معاملة نظامها للمعارضين السياسيين.
كما أقرت الوزارة أيضاً بأن ترحيل أول دفعة من المهاجرين إلى ذلك البلد الإفريقي قد تستغرق شهوراً، على الرغم من تعهد ريشي سوناك بإرسال تلك الدفعة خلال الربيع القادم.
هذا وقد نشرت وزارة الداخلية البريطانية يوم الخميس الماضي مجموعة من الوثائق التي قدمتها كأدلة على أن العمل القائم بين الحكومتين البريطانية والرواندية قد تطرق إلى معالجة المخاوف التي أثيرت عند الطعن القضائي بسياسة ترحيل اللاجئين إلى رواندا وهذا ما دفع المحكمة العليا لإصدار حكم يقضي بعدم قانونية هذا الإجراء في شهر تشرين الثاني الماضي.
أما هذه الوثائق فقد ذكرت بأن المحكمة توصلت إلى هذه النتائج بناء على أدلة أثبتت قبل شهر أيلول من عام 2022، وبأنها لم تراع التقدم الحاصل منذ ذلك الحين.
دولة آمنة لن تحاسب اللاجئين على رأيهم السياسي
كما أرسل وزير الداخلية البريطاني جيمس كليفرلي مجموعة الأدلة إلى مجلس النواب ولنظرائه في الحكومة وطلب منهم دعم مشروع قانون الترحيل إلى رواندا قبل جولات التصويت الحاسمة على القوانين التي ستجري خلال الأسبوع المقبل، وذلك لأنّ بيان هذه السياسة قد وُضع ليعالج المشكلات التي طرحها أعضاء معتدلون من حزب المحافظين في مجلس النواب ومجلس الأعيان، ولقد أثبت هذا البيان بأنه يمكن اعتبار رواندا اليوم "دولة آمنة".
ولكن هذه الوثائق تشتمل على اعتراف جاء بالصيغة التالية: "في الوقت الذي أصبحت فيه رواندا اليوم دولة آمنة نسبياً تحترم حكم القانون، ما تزال هنالك مشكلات تتصل بسجل حقوق الإنسان لديها وذلك بالنسبة للمعارضة السياسية للنظام الحالي، ولحرية الكلام والتعبير".
وعلى الرغم من الاعتراف بهذه المخاوف التي تتصل بحقوق الإنسان، أوضحت وزارة الداخلية البريطانية السبب الذي يدفعها للاعتقاد بعدم تضرر المهاجرين الذين سيجري ترحيلهم إلى هناك بموجب هذه الخطة، فقد ذكرت بأن معظم المزاعم التي تتصل بانتهاكات لحقوق الإنسان في رواندا تتعلق بمواطني البلد أنفسهم ممن انتقدوا وعارضوا حكومة بلدهم إذ برأي وزارة الداخلية لا أدلة ضمن المصادر التي استشيرت حول هذا الأمر ولا وجود ما يظهر اهتمام الحكومة في رواندا بملاحقة طالبي اللجوء أو اللاجئين بناء على رأيهم السياسي بالبلد الذي أتوا منه.
كما ذكرت بأن مشروع قانون الترحيل إلى رواندا إلى جانب معاهدة جديدة قد تم التوقيع عليهما مع الحكومة الرواندية خلال الشهر الماضي، وقد ورد في هاتين الوثيقتين صراحة بأن هذه الخطة لن تطبق على حملة الجنسية الرواندية.
حادثة منفصلة
بيد أن وزارة الداخلية رفضت المخاوف التي أثارتها المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة وذلك بالنسبة لمقتل 12 لاجئاً في احتجاجات خرجت في مخيم كيزيبا للاجئين في عام 2018، وأعلنت بأن هذه الحادثة منفصلة مع عدم وجود معلومات حول حوادث مشابهة منذ عام 2018، كما ذكرت بأن المهاجرين الذين سيجري ترحيلهم من المملكة المتحدة إلى رواندا لن يقيموا في مخيم للاجئين، ولهذا لن يتعرضوا للظروف التي أدت إلى قيام اضطرابات في كيزيبا.
وعلى الرغم من اعتراف وزارة الداخلية البريطانية باحتمال تعرض أفراد مجتمع الميم لشيء من التمييز في رواندا، أعلنت بأن الحماية القانونية في رواندا لحقوق المثليين تعتبر عموماً أكثر تقدماً مما هي عليه في الدول المجاورة، وأضافت بأن دستور رواندا يشتمل على منع شامل لأشكال التمييز، كما لا يوجد في قانون وسياسة رواندا ما يجرم أي توجه جنسي أو يميز ضده.
وأعلنت وزارة الداخلية البريطانية بأن المسؤولين في المملكة المتحدة تعاونوا عن قرب من الحكومة في رواندا لضمان ترحيل الأفراد بموجب الاتفاقية بشكل آمن وحماية حقوقهم، وذكرت بأنها وضعت آليات رقابية مشددة لضمان تطبيق تلك الالتزامات بصورة عملية.
امتيازات مقدمة للاجئين بمجرد ترحيلهم!
وفي مثال أوردته عن ذلك، ذكرت وزارة الداخلية بأن الأفراد بمجرد أن يتم ترحيلهم سيتمتعون بحرية الحركة، ولن يتعرضوا لخطر الفقر والعوز كما سيجري تأمين سكن لهم مع إعالتهم مادياً طوال خمس سنوات، وسيحصلون على خدمات الاندماج التي تساعدهم على الدراسة ومزاولة العمل، إلى جانب حصولهم على رعاية صحية مجانية على مدار خمس سنوات.
وورد في وثائق وزارة الداخلية أيضاً بأن شهوراً قد تمضي قبل أن تطبق خطة الترحيل على الرغم من أن سوناك أعلن بأنه يأمل أن تجري أول عملية ترحيل إلى كيغالي بحلول الربيع القادم، وذلك لأنه ينبغي على حكومة رواندا أن تقر قانوناً جديداً للجوء خلال الأشهر القادمة، حتى تتمكن من تنفيذ التزاماتها المنصوص عليها في المعاهدة، ومنها تعزيز وتبسيط الجوانب الأساسية من نظام اللجوء، وعمليات إصدار القرار والاستئناف. وقد تضمنت المعاهدة التي التزمت بها رواندا وضع آليات وتشكيل هيئات للإشراف على ضمان التزام الحكومة في رواندا بما تعهدت به في الاتفاقية.
بريطانيا لا تلتزم بتعهداتها
وفي سياق منفصل، كشف تقرير صادر عن مجلس اللاجئين بأن الحكومة البريطانية أعادت توطين نصف عدد اللاجئين الذي تعهدت به والبالغ خمسة آلاف لاجئاً وذلك عندما أطلقت خطتها العالمية لإعادة التوطين في حزيران من عام 2019.
إذ كشف هذا التقرير بأن الحكومة البريطانية لم توطن بموجب خطتها لإعادة التوطين سوى 766 لاجئاً فقط وذلك حتى شهر أيلول من العام الفائت، وقد تزامنت هذه الفترة مع رقم قياسي جديد سجلته المراكب الصغيرة التي تحمل مهاجرين عبر بحر المانش، إذ تجاوز عدد الواصلين منهم 40 ألفاً.
بيد أن وزارة الداخلية البريطانية نشرت تقريرها الخاص حول التقدم الذي حققته في فتح طرق جديدة آمنة وقانونية، بعد تعهدها بذلك بموجب قانون مكافحة الهجرة غير القانونية الذي سنته في العام المنصرم، بالرغم من أن الحكومة البريطانية لم تقدم أي طريق آمن جديد، ولم تجر أي تحسينات على خططها الحالية، كما لم تتعهد بزيادة الموارد المخصصة لذلك.
من جانبه، أعلن مجلس اللاجئين بأنه فضح خطة الحكومة التي وصفها بأنها غير كافية على الإطلاق لمنع عمليات عبور بحر المانش وذلك إثر عدم تمكنها من تأمين مزيد من الطرق القانونية للسفر إلى المملكة المتحدة أمام طالبي اللجوء.
وناشد مجلس اللاجئين في تقريره الحكومة البريطانية لزيادة عدد اللاجئين الذين يجري إعادة توطينهم عبر طرق آمنة مع إصلاح السياسات الموجودة حالياً فيما يتصل بعمليات لم الشمل العائلي بالنسبة للاجئين، وأوصى على وجه الخصوص بالتعهد وبشكل طموح على مدار عدد من السنين بزيادة عدد اللاجئين الذين سيتم توطينهم بالاستعانة بالخطة الحالية بوصفها برنامجاً عالمياً حقيقياً بدلاً من الخروج بخطط مخصصة لمواجهة تلك الأزمات.
كما أوصى التقرير بالاستثمار في تمويل الجاليات وإزالة الحواجز التي تمنع اللاجئين الأطفال من لم شمل أسرهم في المملكة المتحدة، وتبسيط القواعد حتى تتيح للأطفال اللاجئين الذين بلغوا سن الرشد وهم ما يزالون يعتمدون على غيرهم أن ينضموا لأهلهم في المملكة المتحدة. كما اقترح التقرير المبادرة بتجربة "تأشيرة اللاجئ" بحيث تمنح لعشرة آلاف لاجئ من الدول التي ترتفع معدلات منح اللجوء لمواطنيها وعلى رأسها أفغانستان وأريتريا وإيران والسودان وسوريا، بما يساعدهم على السفر بأمان إلى المملكة المتحدة حتى يطلبوا اللجوء هناك.
يرى مجلس اللاجئين بأن زيادة الطرق الآمنة أمر ضروري لتقديم بدائل عن الحالات الخطرة لعبور بحر المانش ولتخريب العمل الذي يزاوله مهربو البشر.
وعن ذلك يعلق إنفر سولومون، المدير التنفيذي لمنظمة مجلس اللاجئين بالقول: "ثمة حاجة ماسة للخروج بخطة طموحة تهدف إلى زيادة الطرق الآمنة عبر تحسين عمليات إعادة التوطين ولم الشمل العائلي بالإضافة إلى تجربة التأشيرات الإنسانية، وذلك لأن خطط الحكومة غير كافية على الإطلاق، مع عدم وجود التزام حقيقي بزيادة الطرق الآمنة أمام اللاجئين القادمين من دول مزقتها الحروب مثل السودان وسوريا، واللاجئين الهاربين من الأنظمة القمعية في دول مثل إيران. غير أن الحكومة عبر اكتفائها بالتركيز على الخطط المحدودة الحالية، تتغاضى عن الحاجة الماسة للحد من حالات العبور الخطرة للمانش وذلك عبر تأمين ممر آمن يصل إلى شواطئها".
المصدر: The Times