بأكثر من 20 عملية جراحية في عامين، نجح أطباء أتراك في إعادة النظر لأم سورية فقدت بصرها جراء هجوم بالبراميل المتفجرة شنه نظام الأسد.
وتمكنت الأم السورية فاطمة نحاس (35 عاما) من رؤية طفليها، بعد أن حرمت التواصل البصري معهما إثر فقدان بصرها وإصابتها بحروق متفرقة في الوجه والجسم.
وأصيبت نحاس بقصف لقوات النظام على ريف حلب ونقلها زوجها مازن خديجة (41 عاماً) عبر سيارة إسعاف تركية إلى مستشفى في ولاية هاتاي (جنوبي تركيا)، قبل أن يجري نقلها فيما بعد إلى مدينة أضنة (جنوب).
دموع النور
اضطر الزوجان لترك طفليهما محمد الفاتح ويبلغ من العمر 4 سنوات، وزكريا يبلغ من العمر 3 سنوات، لدى جدتهما رافدة كرازون في ريف حلب، من أجل مواصلة مسيرة العلاج في المستشفيات التركية.
وخلال هذه الفترة، انتقلت الجدة كرازون من ريف حلب إلى مدينة عفرين، شمال غربي سوريا، فيما واصلت نحاس تلقي العلاج في المستشفى الوطني بمدينة أضنة (جنوبي تركيا).
وقبل ذلك خضعت فاطمة نحاس لعدة عمليات جراحية في مستشفيات بمدينة إسكندرون في ولاية هاتاي وعثمانية.
وعقب عامين من المعاناة مع الظلام، التقت نحاس وزوجها مازن للمرة الأولى طفليهما، بعد حصولهما على إذن دخول من معبر "باب الهوى" الحدودي مع تركيا لإحضار طفليهما إلى تركيا في 8 كانون الثاني الجاري.
لم تتمكن الأم السورية من السيطرة على دموعها عندما رأت طفليها بعد فراق استمر نحو عامين، فيما عانق الطفلان أمهما في مشهد عاطفي يجسد معانيَ كثيرة للمأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري.
قالت فاطمة نحاس بتصريحات لوكالة الأناضول التركية "وصلت إلى تركيا قبل نحو عامين لبداية رحلة علاج طويلة وسلسلة من العمليات الجراحية لإعادة النور إلى عينيي ورؤية أطفالي مجددا".
وأضافت نحاس: "كنت أحلم بعودة نظري لأرى أطفالي بعد أن حرمت منهما طوال عامين، في ظل مشاعر مختلطة يغلب عليها الخوف من عدم القدرة على رؤيتهما مرة أخرى".
وأوضحت: "طوال عامين كنت أتحدث مع أطفالي عبر الهاتف النقال، وكنت أشعر بالتوتر والحزن الشديد لأنني لا أتمكن من رؤيتهما واحتضانهما".
وتابعت: "الحمد لله الآن بدأت أرى بشكل جزئي بعد سلسلة من العمليات الجراحية. سأخضع لمزيد من تلك العمليات لأستعيد بصري بشكل تام وكامل".
لافتة إنسانية
وفي لافتة إنسانية من الأطباء الأتراك، قالت فاطمة: "كان حزني على أطفالي ينعكس على حالتي الصحية بالسلب، ما استدعى الأطباء المعالجين إلى طلب إحضارهما إلى أضنة (جنوب) لتحسين حالتي النفسية والصحية".
وقالت: "تحقق حلمي أخيرا برؤية أطفالي بعد طول غياب. أنا سعيدة جدًا لوجودهما معي. أحاول أن أنسى معاناة العامين الماضيين، وأحاول التفكير في تعليمهما".
بدوره، قال زوجها مازن خديجة، للأناضول، إن الأطباء في المستشفى الوطني بأضنة بذلوا جهودًا كبيرة من أجل إعادة البصر لزوجتي.
ولفت مازن خديجة أن زوجته ستخضع لـ 6 عمليات جراحية أخرى قبل أن تستطيع الرؤية بشكل جيد.
وسبق أن تمكنت عائلة سورية من لمّ شملها مجدداً بعد نحو سنة من الفراق، إذ اضطرت الأم إلى دخول تركيا مع طفلتها بهدف معالجتها من مرض السرطان، لتبقيا بعيدتين لمدة عام تقريباً عن بقية أفراد العائلة في الداخل السوري.
وبحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن دائرة الهجرة التركية، بلغ عدد اللاجئين السوريين على الأراضي التركية، 3.627.481 لاجئاً سورياً، 59.785 منهم يقيمون في المخيمات. ويقدّر عدد العاملين السوريين في مختلف المجالات بنحو مليون عامل، لا تتجاوز نسبة الحاصلين على إذن العمل منهم الـ10%.