ملخص:
- السوريون في مصر يواجهون تحديات جديدة بعد قرارات حكومية صعبة، تؤثر بشكل خاص على المراهقين الذين ترعرعوا في البلاد.
- تزايدت حملات التحريض الإلكتروني ضد السوريين، مما أثر نفسياً على المراهقين رغم عدم تغير المعاملة على أرض الواقع.
- صعوبة العودة إلى سوريا تُشكل صدمة للمراهقين الذين اندمجوا في المجتمع المصري ويعتبرون مصر وطنهم الثاني.
- قرارات جديدة تحرم بعض المراهقين السوريين من الدراسة في المدارس الحكومية بسبب مشاكل الإقامة.
- التحديات الاقتصادية وارتفاع تكاليف التعليم تزيد من الإحباط لدى المراهقين وتؤثر على قدرتهم على تحقيق أحلامهم.
تغيرت حياة عدد كبير من السوريين في مصر خلال العام الجاري، بعد سلسلة من القرارات الحكومية الجديدة كانت تحمل صعوبات وتقيدات وإلغاء استثناءات سابقة.
يعد المراهقون السوريون الذين ترعرعوا في مصر هم الأكثر تأثرا من التغييرات التي طرأت على أوضاع السوريين، خصوصا بعد اندماجهم في المجتمع المصري لمدة تجاوزت عقد من الزمن.
وتعتبر حملات التحريض الإلكتروني ضد السوريين، وصعوبة تقبل فكرة العودة إلى سوريا، وحرمان فئة منهم من الدراسة، أبرز الأسباب التي أثرت على الاستقرار النفسي لهؤلاء المراهقين.
يعيش في مصر حوالي مليون ونصف المليون سوري بحسب آخر إحصائية من الحكومة المصرية، وجدوا في مصر الملجأ من الحروب وما تبعها من ظروف اقتصادية ونفسية صعبة.
الخوف من التحريض الإلكتروني
تزايدت حملات التحريض الإلكتروني في مصر، التي تطالب بترحيل جميع اللاجئين من مصر، ومقاطعة محالهم التجارية وعدم التعامل معهم.
وعلى الرغم من أن الحملات لم تتجاوز مواقع التواصل الاجتماعي، ما يزال السوري يتلقى نفس المعاملة الجيدة على أرض الواقع، إلا أنها أثرت نفسيا على السوريين، وخصوصا المراهقين الذين يرتادون هذه المواقع أكثر من غيرهم.
يقول عز الدين الحلاق (16 عاما)، مراهق سوري يقيم في مصر، أشعر بالحزن في كل مرة أشاهد فيها منشورات تطالب بترحيلنا عن مصر، أنا قضيت جميع مراحل حياتي فيها، وجميع أصدقائي مصريون.
ويضيف عز الدين، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، لم أرَ أي تعامل سيء من جميع من أعرفهم، ولكن المنشورات تسيء لنا كثيرا، وأخاف أن تنجح في تأجيج مشاعر الكره نحونا مثلما يحدث في تركيا ولبنان.
كما أثارت الحملات الخوف لدى أولياء الأمور، من أن تنتقل الحملات إلى أرض الواقع بعد سماعهم أخباراً لما يتلقاه السوريون في بعض دول اللجوء الأخرى.
في حين يستبعد حسام علاء، أخصائي اجتماعي سوري، انتقال الحملات إلى أرض الواقع، ويرى أن ذلك غير متوقع لأن الشعب المصري كان على مر الزمان يحتضن جنسيات عديدة، وداعما ومساعدا لهم.
ويضيف، هذه ليست المرة الأولى التي تنطلق فيها مثل هذه الحملات، ولكن الحكومة المصرية والشعب دائما ما يقفان بوجه العنصرية.
الاندماج وصعوبة العودة
ساعدت الحاضنة الشعبية في مصر السوريين على الاندماج خلال سنوات وجودهم فيها، وتربى فيها عدد كبير من المراهقين الذين درسوا في مدارسها، وتأثروا بالعديد من عادات وتقاليد شعبها، ونشأ بينهم وبين أقرانهم المصريين صداقات.
يشعر المراهقون الذي تربوا في مصر أنها بلدهم الثاني، خصوصا أنهم تركوا بلادهم وهم صغار ولا يملكون سوى ذكريات الحرب والتهجير.
يقول علي صالح (17 عاما)، مراهق سوري مقيم في مصر، لا أذكر سوى بيتنا في سوريا، فقد جئت إلى مصر في سن 6 سنوات، وجميع أصدقائي مصريون، ولا أعتقد بأني أستطيع العيش أو الاندماج في مكان آخر.
تشكل فكرة العودة إلى سوريا صدمة بالنسبة إليهم، والتي بدأت تطرأ بعد القرارات الجديدة المتعلقة بزيادة رسوم الإقامات، وصعوبة التسجيل في المدارس وارتفاع تكاليف المعيشة.
وتأثر المراهقون السوريون بالعادات، والموسيقا، وحتى بطريقة الكلام واللهجة، ومعظمهم يتحدثون باللهجة المصرية بين بعضهم بعضا.
تقول سلمى حمدان (51 عاما) عندما لجأنا إلى مصر كان ابني في سن الخامسة، وبسبب أصدقائه في المدرسة وجيراننا، اندمج في مصر، حتى إنه يسألني عن معنى بعض الكلمات السورية التي لم يعلم معناها، وأشرحها له بالمصري.
الحرمان من الدراسة
يعاني عدد من المراهقين من سن الثالث عشرة وحتى السادس عشرة، والذين هم في بداية المرحلة الإعدادية والثانوية، من مشاكل تتعلق بتسجيلهم في المدارس، وحرمانهم من إكمال مسيرتهم التعليمية، بسبب بعض القوانين التي تتعلق بالإقامة واللجوء.
وكانت الحكومة المصرية أصدرت قرارا بمنع السوريين غير الحاصلين على بطاقة لجوء، من التسجيل في المدارس الحكومية وتسجيلهم فقط في المدارس الخاصة.
في حين تسببت أزمة الإقامات بحرمان العديد منهم من الدراسة بسبب عدم قدرتهم على التسجيل من دون الحصول على إقامة، وتأخير مواعيد تجديدها التي قد تصل إلى سنتين.
بدوره براء أحمد (16 عاما) يقول، أعيش في حالة إحباط كبير، لأن مستقبلي مجهول، وأهلي يتحدثون دائما عن صعوبات المعيشة، وعدم القدرة حتى على العودة إلى سوريا، وأحيانا تراودني أفكار بأن جميع الأماكن ترفضنا.
وينشغل طلاب الثانوية العامة بالتفكير حول كيفية تأمين المبالغ الكبيرة التي يتم دفعها من أجل الدخول إلى الجامعة والتي قد تصل إلى حوالي 150 ألف جنيه (3 آلاف دولار أميركي)، موزعة بين رسوم القيد الجامعي والمصاريف الإدارية والجامعية.
راما العاصي (17 عاما)، مراهقة سورية تقول، تراكم الأزمات في هذه السنة يمنعني من التركيز في الدراسة، ولا أعلم أن كنت سأستطيع دخول الجامعة، بسبب غلاء المعيشة وراتب أبي لا يسد احتياجاتنا.
حسام علاء، الأخصائي الاجتماعي السوري، يرى أن تراكم الأزمات، والشعور بأن المستقبل مجهول، يؤثر على المراهقين ويمنعهم من تحقيق أحلامهم، وخصوصا أنهم غير مستعدين نفسيا لكل هذه التغيرات.
ويضيف، يجب على الأهالي أن يدعموهم ويزيدوا من شعورهم بالأمان لكي يتمكنوا من تحمل الأزمات والتقلبات التي تحدث لهم.