icon
التغطية الحية

بعد الحمضيات.. خسائر بالمليارات لمزارعي البيوت البلاستيكية في الساحل السوري

2022.02.17 | 05:04 دمشق

plastic-greenhouse-1768070_960_720.jpg
تلفزيون سوريا - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

تتزايد أوجاع الفلاحين في الساحل السوري هذا العام مع جملة من الخسائر المتلاحقة التي بدأت مع موسم الحمضيات وما تبعها من تمزق مئات البيوت البلاستيكية من جراء العواصف الهوائية التي تأثرت بها المنطقة والصقيع، دون أن تعوض حكومة النظام خسائر هؤلاء الفلاحين التي تجاوزت مليارات الليرات.

وقبل أيام قليلة ذكر المهندس باسل ديوب رئيس دائرة زراعة جبلة أن إجمالي عدد البيوت المتضررة مؤخراً من جراء الصقيع وصل إلى 827 بيتاً بلاستيكياً في العديد من القرى بريف جبلة، منها 39 بيتاً من جراء "التنين البحري".

وأضاف "ديوب" في تصريح نقلته وسائل إعلام النظام أن الخسائر الأولية تقدر بملايين الليرات مع تخريب عدد كبير من البيوت البلاستيكية ومنها بنسبة 90 في المئة في مواقع متفرقة من سيانو والعسالية وحميميم ودوير الخطيب بريف جبلة.

كما أعلنت كل من محافظتي طرطوس واللاذقية عن تضرر مئات البيوت البلاستيكية قبل أيام بفعل التنين البحري الذي ضرب المنطقة في 4 شباط الماضي حيث تراوحت نسبة الأضرار في بعض المناطق بين 60 و90 في المئة.

ونقلت صفحة مديرية الزراعة في طرطوس عن مدير الزراعة في المحافظة علي يونس قوله إن نحو 130 بيتاً بلاستيكاً تضرر نتيجة العواصف، يضاف إليها نحو 100 بيت بلاستيكي في قريتين بريف المحافظة.

من جانبه قال مدير صندوق التخفيف من آثار الجفاف والكوارث الطبيعية في مديرية زراعة طرطوس حيدر شاهين إن البيوت البلاستيكية المزروعة بمحصول البندورة، وصلت نسبة الضرر في بعض المناطق إلى 100 في المئة.

وأضاف أن عدد البيوت المتضررة خلال العام الحالي 2022 بلغ 950 بيتا محميا نتيجة عاصفة (التنين) الذي أصاب ست قرى بمنطقة بانياس.

ويعتمد عدد كبير من سكان ريفي محافظة اللاذقية وطرطوس على محاصيل البيوت البلاستيكية شتاء لتحصيل رزقهم، وتنتشر آلاف من هذه البيوت على طول الطريق الساحلي.

هل من تعويضات؟

وفي هذا الصدد قال المزارع أبو سامي المقيم في مدينة جبلة لموقع "تلفزيون سوريا" إن تكلفة كل بيت بلاستيكي وصلت إلى 10 ملايين ليرة بفعل ارتفاع تكاليف النايلون والحديد والأسمدة والشتل اللازمة للزراعة، مضيفا أن 15 بيتا بلاستيكيا خسرها بشكل كامل من جراء التنين البحري الذي ضرب المنطقة في بداية شباط وبلغت خسارته نحو 150 مليون ليرة سورية.

وأضاف "معظم المزارعين هنا استدانوا على أمل السداد وقت جباية المحصول ولا خيار لنا سوى الزراعة فهي مصدر عيشنا الوحيد لكن هذا العام تحطمت آمال عدد كبير وكانت هذه الضربة بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير بحسب وصفه.

وحول إمكانية تعويض حكومة النظام لهم أوضح أبو سامي أن "لجانا تابعة للمحافظة عاينت الأضرار وسجلتها لكن وفق تجارب سابقة لا يتم التعويض إلا بمبلغ بسيط لا يعادل أبدا مقدار الضرر الحاصل".

وأوضح أبو سامي أن هذا العام كان ثقيلا على مزارعي الساحل السوري فمن لم يتضرر بالعاصفة الهوائية تأثرت مزروعاته بالصقيع وهو أمر كان يحصل نادرا وترافقت الموجة مع انقطاع الكهرباء وقلة المحروقات.

الأسعار تتأثر بالكارثة

وتقوم الزراعات البلاستيكية على زراعة نباتات ومحاصيل وخضار صيفية في فصل الشتاء ضمن ظروف اصطناعية قريبة من الظروف المطلوبة لنمو النباتات صيفاً وأهمها البندورة والباذنجان والكوسا والفليفلة، من خلال تغطية وتدفئة وتأمين رطوبة وحرارة عاليتين.

وأثرت الخسائر الأخيرة وتراجع الإنتاج على الأسعار في السوق بحسب مصادر مطلعة في الساحل والتي أوضحت أن سعر كيلو البندورة وصل إلى 2400 ليرة سورية، فيما بلغ سعر كيلو الخيار نحو 1800 ليرة سورية، والكوسا 3000 آلاف ليرة سورية، والباذنجان نحو 2800 ليرة سورية، مضيفة أن هذه الأسعار تاريخية ولم يسبق تسجيلها من قبل.

من جانب آخر قال الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي في حديث لموقع تلفزيون سوريا  إن مستقبل الزراعة في الساحل السوري "مهدد بشكل فعلي بسبب تراكم خسائر المزارعين وعدم دعمهم من قبل حكومة النظام واستعاضتها عن المنتج المحلي بالاستيراد".

وأوضح "جبلاوي" أنه رغم التطبيل الكبير الذي قامت به حكومة النظام من دعم مزارعي الحمضيات والزيارات الحكومية من أعلى الوزراء، إلا أن الحقيقة على الأرض خلاف ذلك، بحيث تم شراء بعض المنتجات لصالح المؤسسات الحكومية بسعر التكلفة على المزارع، فيما بقيت كميات كبيرة لم يتم شراؤها حتى الآن.

وأضاف"الكارثة الحالية لمزارعي البيوت البلاستيكية لم يتم التعامل معها لليوم واقتصر الأمر على بعض اللجان لمعاينة الأضرار، أما التعويضات فهناك تجارب سابقة تؤكد أن الأمر سيطول لشهور طويلة ولن يحصل المزارعون على أكثر من مجرد من تسهيلات وقروض".

ما هي الحلول؟

وحول الحلول الممكنة لإنقاذ الزراعة بالساحل السوري رأى المهندس الزراعي عمار طوقتلي في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن هناك فجوة كبيرة بين التكاليف المرتفعة والأسعار لا سيما أن معظم السوريين هم من الفقراء.

وأوضح أن الارتفاع الكبير لسعر الأسمدة والمستلزمات الزراعية كالنايلون والشتل والمازوت وتراجع حكومة النظام عن دعم الفلاحين بالأسمدة أدى لسلسلة خسائر متراكمة، دفعت العديد من المزارعين للتخلي عن مهنتهم، والاتجاه لمجالات جديدة. مضيفا أن الحل الأسهل الذي اتخذته حكومة النظام مؤخرا هو الاعتماد على الاستيراد بدل دعم الفلاحين.

وأكد "طوقتلي" المنحدر من مدينة اللاذقية والمقيم حاليا في تركيا أنّ إنقاذ الزراعة يحتاج لسلسلة قرارات جريئة من الحكومة أهمها إعادة دعم أسعار الأسمدة، وتوفير الكهرباء والمحروقات لاسيما في أوقات الصقيع، وتفعيل صندوق الطوارئ ودعم الفلاحين، وتشجيع المشاتل على العمل، وتأمين مستلزماتها وتخفيض الضرائب، ووضع خطط استراتيجية سنوية لدعم المحاصيل وليس كما حصل مؤخرا مع موسم الحمضيات.

وختم الخبير بالقول:" مشكلة الزراعة في الساحل السوري هي امتداد لسنوات طويلة من الإهمال، وليست المشكلة وليدة الأشهر الأخيرة، فالأراضي في الساحل السوري من أخصب المناطق واهمالها ستكون له عواقب وخيمة على الأسواق لاحقا".