انتشر تسجيل مصور يظهر فيه الطفل الأسترالي وهو حي يرزق والذي قيل إنه قتل أو اختفى بعد هجوم تنظيم الدولة على سجن الصناعة مطلع عام 2022 في الحسكة والذي تحتجز فيه قوات سوريا الديمقراطية "قسد" آلاف المقاتلين السابقين في تنظيم الدولة.
كان الأسترالي يوسف ذهب في الحادية عشرة من عمره عندما سافرت أسرته إلى سوريا قبل نحو عقد من الزمان، وهناك أصبح شقيقاه مقاتلين لدى تنظيم الدولة .
بالرغم من عدم اتهامه بأي جريمة، عاش ذهب تجربة الحبس منذ أن بلغ الرابعة عشرة من عمره، ثم ظن بعضهم أنه قتل في هجوم نفذه مقاتلو تنظيم الدولة على سجن الصناعة بغية تحرير رفاقهم المسجونين هناك.
انتشر بعد ذلك مقطع فيديو يظهر شاباً عمره 19 عاماً تقريباً، يعتقد أنه "ذهب"، وأخذ يتحدث أمام الكاميرا، ويرى كثيرون بأن هذا الفيديو صُوّر داخل أحد سجون الحسكة بشمال شرقي سوريا.
يُعرّف الشاب في هذا الفيديو عن نفسه ويذكر اسم أبويه، ويحدد التاريخ بـ15 أيلول 2022 (بعد هجوم داعش بتسعة أشهر)، وهو يرتدي قميصاً خفيفاً، ويبدو بصحة جيدة نسبياً من دون أن تظهر عليه آثار أي إصابة.
وأرسل يوسف من داخل سجن الصناعة عندما وقع هجوم "داعش" رسائل صوتية لعائلته يقول فيها إنه يخشى على حياته بعد أن مات أصدقاؤه بجانبه.
وقال يوسف الذي أصيب برصاصة وتعرض رأسه لجراح في الرسالة الصوتية حينها: "أنا أسترالي ، عمري 17 عاماً"، مضيفاً "لا يوجد أطباء هنا يمكنهم مساعدتي، أحتاج إلى المساعدة من فضلكم، أنا خائف جداً. هناك كثير من القتلى أمامي، أنا خائف من أنني قد أموت في أي وقت".
فرحة وقلق
وبالرغم من أن الفيديو قد صُوّر قبل عام تقريباً، فإنه يؤكد نجاة ذهب من الهجوم الذي نفذه تنظيم الدولة على السجن الذي يقبع فيه.
وصل مقطع الفيديو هذا إلى السلطات الأسترالية، وعرض على أسرة ذهب في أستراليا، وحددت قوات سوريا الديمقراطية هوية الشاب بأنه ذهب فعلاً، كما أخذت جمعيات خيرية دولية تسعى للتحقق من هويته بشكل أكبر.
أما أسرة ذهب فقد صرحت بالقول: "تلقينا نبأ من عدة مصادر يفيد بأن ابننا الحبيب يوسف ما يزال حياً يرزق، ولقد غمرنا هذا الخبر بالفرحة والامتنان والأمل بلم شملنا معه قريباً. ولسوء الحظ، أتى هذا الخبر بعد سنة مؤلمة أبلغتنا خلالها مصادر عديدة بأن يوسف لقي حتفه، إلا أننا ما نزال قلقين للغاية بشأن بقائه بعيداً عن أسرته بعدما انقطعت به السبل في شمال شرقي سوريا حيث يعيش هناك محروماً من الأمان، فقد كان يوسف طفلاً صغيراً عندما سافر إلى سوريا، ولهذا بوسعنا أن نتصور الأهوال التي تعرض لها منذ ذلك الحين".
الأسترالي يوسف ذهب عندما كان طفلاً قبل قدومه إلى سوريا
يذكر أن والدة ذهب وشقيقته وأولادها الصغار ما يزالون محتجزين في الوقت الحالي في أحد مخيمات الاحتجاز بشمال شرقي سوريا، أما شقيقاه خالد ومحمد الذي جنده تنظيم الدولة بين صفوفه، فقد قتلا بالغارات الجوية التي استهدفت التنظيم.
وفي الرابعة عشرة من عمره، انفصل يوسف عن والدته وسُجن في سجن الرجال لأنه اعتُبر بلغ سناً غير مناسب لمخيم للنساء والأطفال.
تخبرنا أسرة ذهب بأن الحكومة الأسترالية حصلت على أدلة تفيد ببقاء يوسف ذهب على قيد الحياة، ولهذا تأمل الأسرة من الحكومة أن تعمل على إعادة يوسف إلى أستراليا، وفي هذا الصدد تقول أسرته: "نأمل أيضاً من الحكومة الأسترالية أن تعيد بقية الأطفال الأستراليين من شمال شرقي سوريا إلى بلدهم، بما أن بعضهم معرض لخطر الفصل عن أمهاتهم والتعرض لظروف مماثلة لتلك التي يعيشها يوسف، لذا فإن السبيل الوحيد لحماية سائر الأطفال هو إعادتهم مع أمهاتهم إلى بلدهم أستراليا على الفور، وذلك بموجب ما تعهدت به الحكومة في وقت سابق".
الجهود الأسترالية في إعادة المحتجزين
يذكر أن الحكومة الأسترالية بدأت في مناسبتين منفصلتين بعملية إعادة الأستراليين المحتجزين في سوريا إلى بلدهم.
إذ في عام 2019، أعادت ثمانية أطفال أيتام بينهم مراهقة حامل من تلك المخيمات إلى أستراليا، وخلال شهر تشرين الأول الماضي، أعادت أستراليا أربع نساء وثلاثة عشر طفلاً إلى بلدهم.
ولكن في الوقت الراهن، ما يزال نحو 40 أسترالياً بينهم عشر نساء وثلاثون طفلاً، وتمثل تلك الفئة زوجات وأرامل وأطفال من قتل أو سجن من مقاتلي تنظيم الدولة، إذ يعيش هؤلاء حالة احتجاز في مخيم بسوريا قريب من الحدود العراقية.
وهنالك فئة تضم عدداً أقل من حملة الجنسية الأسترالية محتجزة في مخيم الهول، الذي يعتبر أكبر من ذاك المقام بالقرب من الحدود العراقية، أي مخيم الروج، لكنه أخطر منه بكثير.
ولذلك تعهدت الحكومة الأسترالية بإعادة أكبر عدد ممكن من الأستراليين الموجودين في سوريا، لكنها لم تحدد جدولاً زمنياً لذلك.
هذا ولقد زادت المخاوف داخل المخيمين حيال الصبيان من حملة الجنسية الأسترالية، وذلك لأن هؤلاء الأولاد حالهم كحال يوسف ذهب، أي أنهم سيفصلون عن أهلهم بشكل ممنهج بمجرد أن يصلوا إلى سن البلوغ، لينقلوا بعد ذلك إلى مراكز احتجاز وسجون، وذلك خوفاً من تطرفهم، بيد أنهم يتعرضون للاعتقال التعسفي في سجون شمال شرقي سوريا من جراء ذلك.
إذ في تصريح صدر أخيراً عن لجنة خبراء أممية تترأسها المقررة الخاصة فيونوالا ني أولين، ورد الآتي: "إن الاعتقال لأجل غير مسمى، من المهد إلى اللحد، ومن المخيم إلى السجن، الذي يعيشه الأولاد، بناء على جرائم يزعم آخرون أن عناصر في تنظيم الدولة من أهلهم ارتكبوها، ما هو إلا مثال صادم على الثقب القانوني الأسود المتجسد في شمال شرقي سوريا حالياً، ولهذا نعرب عن كبير قلقنا إزاء الأذى الكبير الذي يمكن أن يصيب هؤلاء الصبيان والخوف من تعرضهم لحالة الإخفاء القسري، أو البيع أو الاستغلال أو الإساءة أو التعذيب أو المعاملة المهينة وغير الإنسانية أو العقاب".
المصدر: The Guardian