تعتزم "هيئة تحرير الشام"، إطلاق سراح القيادي التابع لها "أبو ماريا القحطاني"، بعد أشهر من اعتقاله بتهمة العمالة لجهات خارجية، والتحضير لانقلاب على قيادة الهيئة.
وذكرت مصادر محلية لـ موقع تلفزيون سوريا، بأن "هيئة تحرير الشام"، قد تطلق سراح القحطاني من سجونها في غضون أيام، بالتزامن مع إخراج معظم من اتهمتهم بملف "العمالة" خلال الأشهر الماضية.
من جهتها، أكدت مصادر مقربة من "القحطاني"، أنه سيتم الإفراج عنه بعد أيام، بينما قال القيادي المنشق عن الهيئة، والمقرب من القحطاني، جهاد عيسى الشيخ (أبو أحمد زكور) في تغريدة على منصة "إكس"، إن "الله أظهر براءة القحطاني وخبث من اتهمه في دينه وعرضه"، وفق وصفه.
وأعلنت هيئة تحرير الشام عبر بيان رسمي في وقت سابق انتهاء التحقيقات فيما سمّتها "دعوى الخلية الأمنية" أي "قضية العملاء" الشهيرة، وذلك بعد 6 أشهر من ظهورها للعلن، وبدء اعتقالات طالت مئات العناصر وعددا من القيادات داخل صفوف الهيئة قسم منهم بتهم العمالة للاستخبارات الأميركية المركزية CIA والقسم الآخر بالعمالة لروسيا والنظام السوري، ليدخل الفصيل في مرحلة أكثر خطورة، حيث يقف الجولاني الآن بين خياري المكاشفة أو التقزيم.
وبعد ذلك، خرج العشرات من الموقوفين من عناصر الهيئة وقادات جناحها العسكري، وكان أبرزهم القيادي في الجناح العسكري أبو مسلم آفس، بالإضافة إلى كل من القائدين العسكريين أبو أسامة منير، وفواز الأصفر، وكل من أبو عبدو وأبو القعقاع طعوم، وآخرين، وذلك وسط إطلاق نار واحتفالات جابت الشوارع من قبل عناصرهم وذويهم بخروجهم.
قضية القحطاني.. بين تهمتي الانقلاب والعمالة
كشف موقع تلفزيون سوريا بناء على تقاطع مصادر أمنية منتصف شهر آب الفائت، أنّ الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام أوقف "القحطاني" بتهمة التنسيق مع التحالف الدولي، وذلك عقب إلقاء القبض على خليةٍ اعترفت بتورّطه، إلا أن المصادر أوضحت أن التهمة المعلنة ليست هي السبب الحقيقي الذي دفع هيئة تحرير الشام لاعتقال "القحطاني"، إنما المخاوف من تحركاته من دون تنسيق مع قيادة الهيئة، والتي سبّبت قلقاً لقيادات متنفذة مثل الرجل الثاني في الهيئة "أبو أحمد حدود"، وقيادي آخر متنفذ يدعى "المغيرة البدوي أو المغيرة بنش" وهو ابن حمي أبي محمد الجولاني.
وفي اليوم التالي من تحقيق موقع تلفزيون سوريا قالت "تحرير الشام"، في بيان رسمي إن القيادة العامة شكلت لجنة تحقيق خاصة بشأن "أبو ماريا القحطاني"، والتي استدعت الأخير على الفور "لمساءلته بكل شفافية ووضوح تقديرا منا لدرء الشبهات وإزالة اللبس".
وتوصلت لجنة التحقيق إلى أن القحطاني "أخطأ في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من هذا التواصل"، وفقاً للبيان.
وعمل "القحطاني" طوال الأشهر الماضية على تكثيف التواصل مع قيادات ضمن الجيش الوطني السوري، وقادة سابقين في "حركة أحرار الشام"، وجميع الأطراف الناقمة على الهيئة، وحاول إقناعهم في فتح صفحة جديدة والتنسيق المشترك.
وبدأ "القحطاني" بالاتصال مع ناشطين سياسيين مناهضين للهيئة، واعداً إيّاهم بعملية إصلاحية، لكن القيادات المتنفذة الرافضة لهذه الخطوات حرّضت "الجولاني" وأقنعته بأنّ ما يفعله "القحطاني" من أجل مصالحه الخاصة، وبهدف زيادة نفوذه في الشمال السوري، موضحين له أنّ لديهم معلومات أمنيّة تفيد بنيته التحضير لـ"انقلاب".
وبعد عملية الاعتقال دخلت بعض القيادات وعلى رأسهم القاضي في الهيئة مظهر الويس، من أجل إقناع القيادة العامة بإطلاق سراح "القحطاني" واستجابت بشكل جزئي، حيث وافقت على إحالته إلى الإقامة الجبرية والحد من تنقلاته وحركته.
وأفادت مصادر متقاطعة لـ موقع تلفزيون سوريا، بأنّ مسألة تواصل "القحطاني" مع التحالف الدولي أمر مؤكّد، إذ حصلت على مدار السنوات الماضية اتصالات بين الجانبين، لكنها ازدادت كثافة، منذ مطلع العام الماضي، بعد مخاوف هيئة تحرير الشام من اتجاه تركيا للعمل على تفكيكها بموجب تفاهمات أستانا.
وأكّد مصدر مطلع أن التواصل جرى بعلم قيادة الهيئة، وليس صحيحاً أن "القحطاني" أقدم عليه بشكل منفرد ومن دون تنسيق، كما أنّه عرض على التحالف الدولي وبموافقة "الجولاني" فكرة المشاركة في أي عملية محتملة قد تنطلق من قاعدة التنف ضد الميليشيات الإيرانية، كما عرض الزج بما يُعرف بـ"القطاع الشرقي" من الهيئة في العملية المحتملة.