أزمة الطاقة في سوريا هي العامل الأكثر تأثيراً في العجلة الاقتصادية، ويمكن ملامسة هذا التأثير في أبسط صوره بانعدام البقشيش مؤخراً الذي كان يحصل عليه عمال محطات الوقود. لكن من يريد الغش لا يعدم الوسيلة، حيث كشف عمال لموقع تلفزيون سوريا عن أساليب الغش والسرقة والاحتيال في محطات الوقود في دمشق وريفها.
يصطف السائقون في محطات دمشق محضرين مسبقاً المبلغ بدقة دون أي زيادة كان يقتات عليها عمال المحطات، ويعتري السائقون الشك نتيجة تعرضهم للغش سواء بنوع البنزين المخلوط بمواد أخرى أو كميته.
وسائل الغش في محطات الوقود
يحسب السائقون الآن سعة خزانهم بدقة تامة ومعدل استهلاك مركباتهم للوقود، وبعد أن كثرت الشكاوي على المحطات في دمشق، تم إغلاق العديد منها خلال الفترة الماضية، آخرها محطة الشام الجديدة، التي أغلقت لعدة أشهر ثم عادت للعمل مؤخراً، وأخذت ترسل رسائلاً عبر الهواتف لتعيد زبائنها بعروض منها تعبئة عبوة أوكتان أو خصم ثمنها لكل من ينقل بطاقته الذكية إليها، وذلك بعد أن ساءت سمعتها نتيجة كثرة شكاوى السائقين.
يقول عامل في أحد المحطات بريف دمشق حالياً، لكنه عمل في أكثر من 7 محطات سابقاً: إن المحطات لا يمكن ولا بأي شكل من الأشكال أن تعتمد على بيع البنزين بشكل نظامي فقط، لكن هناك بعض طرق التلاعب التي لا يعلم بها العاملون أو يعلم بها بعضهم فقط دون غيرهم، وتلك الطرق لها علاقة بحساسات إلكترونية أو سعة الخزانات نفسها وغيرها من تفاصل لا تتم مشاركتها مع العاملين.
أسوأ فترة تمر على عمال محطات الوقود
التفاصيل التي تحدث عنها العامل هي أساليب غش ضخمة يعمل عليها صاحب المحطة وبعض عماله فقط، لكن هناك الكثير من أساليب الغش التي يلجأ إليها العمال وبعلم صاحب المحطة. يقول عامل آخر إن الفترة الأخيرة تعتبر من أسوأ الفترات على عمال المحطات، حيث لم يعد الزبائن يتركون لتراً واحداً لهم، ولم يعودوا يعطونهم أي بقشيش كما السابق.
ويتابع حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "نتيجة عدم كفاية المخصصات للسائقين، يشترون البنزين من الشوارع وبالتالي قد تصلهم الرسالة عبر البطاقة الذكية لكن خزان وقودهم لا يتسع إلا لـ 22 لتراً مثلاً من أصل 25 لتراً. في السابق كان السائق يترك لنا لتراً مثلاً مقابل أن يقوم بتعبئة عبوة بلاستيكية، أو يبيع ما تبقى لنا بالسعر المدعوم، ونحن كنا نبيعها بالسعر الحر لسيارات أخرى أو لأصحاب المولدات بعد تجميعها، أو لسائقي الدراجات النارية".
وأضاف: "في الوقت الحالي، يفرغ السائقون كمية من خزانهم قبل الوصول للمحطة كي يعبؤوا كامل المخصصات دون ترك ولا نصف لتر للعمال، وهذا أضر بعائداتنا اليومية".
تقسيم السرقات
يؤكد العمال الذين التقاهم موقع تلفزيون سوريا، أن صاحب المحطة كان يجمع كل ما في جيوب العمال من بقاشيش وثمن الليترات المباعة بالسعر الحر، ويعيد توزيعها على الجميع بالتساوي بعد أن يأخذ حصته منها أولاً (حصة الأسد). لا يمكن للعمال التلاعب أو إخفاء ما جنوه، كونهم يراقبون بعضهم البعض كي لا تنقص حصصهم نهاية اليوم، إضافةً إلى مراقبة صاحب المحطة للعاملين على الكاميرات.
يومية العامل على المضخة (الفرد) كانت تصل إلى أكثر من نصف مليون ليرة بعض الأحيان. يقول عامل آخر كان يعمل في محطة وقود في الزبداني: "كلما سرق العمال زبائن أكثر زادت يومياتهم أكثر، حتى أن كثرة الأموال بين أيديهم، جعلت الكثير منهم من مدمني ارتياد النوادي الليلة".
ابتكار أساليب سرقة جديدة
كل شيء تغير حالياً، فالسرقات بالطرق التقليدية باتت أقل، وذلك نتيجة وعي السائقين، والبقاشيش انعدمت نتيجة ارتفاع سعر البنزين، ما دفع عمال بعض محطات الوقود لابتكار طرق جديدة قد لا يمكن أن يكتشفها الزبون، ومنها طريقة أخبرنا عنها أكثر من عامل وتتم باتفاق مع صاحب المحطة، وهي تعليق العمال حقائبهم أو أكياس سوداء فوقها سترهم إلى جانب المضخة، وفي قلبها بيدونات صغيرة أو عبوات بلاستيكية، يقومون بين كل تعبئتين أو ثلاثة، بتفريغ الرواجع من البنزين العالقة في الخراطيم الطويلة، التي تكون مطوية أكثر من طوية عند التعبئة، لذلك تتجمع بعض اللترات في منحنياته بعد أكثر من تعبئة.
يقوم العمال بمد الخرطوم ورفعه من آخره لتفريغ كل محتوياته في تلك العبوات والبيدوناوت، ثم يبيعونها.
من الأساليب الأخرى الأكثر أماناً، هي أخذ أجرة تبعئة البيدونات والعبوات البلاستيكية من الزبائن، حيث يطلب بعض الزبائن الذين تصلهم رسالة التعبئة وخزانات مركباتهم ممتلئة بتبعئة المخصصات في بيدونات لاستخدامها للمولدات أو بيعها حتى، وهنا يطلب العامل أجرة التعبئة 10 آلاف ليرة أو أكثر، أو لترين من البنزين ليقوم ببيعهم بسعر السوق السوداء.
وأيضاً يستأجر بعض العاملين بطاقات بنزين من أشخاص مسافرين أو أشخاص لديهم سيارات لا تستهلك الكثير من البنزين وأصحابها لا يستخدمونها كثيراً، ليبيعونها في السوق السوداء.