رغم كل الصعوبات التي تواجه اللاجئين السوريين في أوطانهم الجديدة إلا أنهم يصرون على تحدي كل الظروف لإثبات أنفسهم والبداية مرة أخرى من جديد.
لم تيأس نور قنديل، لاجئة سورية في السويد، بعد تعثر مشروعها في الطبخ إثر قيام أحدهم مطلع الشهر الماضي بحرق مطعم كانت تديره ويشكل مصدر رزقها.
جذبت الحادثة حالة من التعاطف في السويد لدعم نور، التي قامت قبل أيام بالنهوض من جديد بمساعدة مواطنين سويديين لإكمال مشروعها.
وقبل سفرها إلى السويد كانت نور (39 عاماً)، التي تنحدر من بلدة سرمدا التابعة لمحافظة إدلب، تدرس في جامعة حلب قسم الأدب الإنكليزي، لكنها اضطرت إلى ترك الجامعة في السنة الثالثة بسبب اشتداد المعارك في مسقط رأسها.
تقول نور لموقع "تلفزيون سوريا"، سبقني زوجي بمغادرة سوريا هرباً من الحرب إلى السويد ثم قام بلم شملنا أنا وأطفالنا الأربعة في عام 2017.
وهم يسكنون حالياً في مدينة كريستيانستاد، التابعة لمقاطعة اسكونة جنوبي السويد.
أحرقوا مصدر رزقها
بعد أربع سنوات من وصولها إلى السويد، استغرقتها في تعلم اللغة والتخطيط لسوق العمل، بدأت في أيلول/سبتمبر الماضي، العمل في مجال الطبخ وفتحت مطعماً صغيراً للوجبات السريعة في عربة.
كانت أولى العقبات أنها لم تحصل على تجديد عقد الإيجار من البلدية، وبما أنها لا تتلقى أي مساعدات من الدولة كانت نور مجبرة بالبحث عن مكان آخر لإكمال مشروعها.
وفي آذار/مارس الماضي، بدأت نور العمل مجدداً في قرية أركيلستورب، تبيع الطعام على عربة، الأمر الذي لاقى استحساناً لدى السويديين، على حد قولها.
وتضيف نور، قررت توسيع المشروع، واشتريت عربة أكبر ووظفت مساعدا معي.
لكن الأمور لم تسر كما يرام، وفي اليوم التالي من شراء العربة الجديدة تلقت نور اتصالا من مالك الأرض يفيد بأن عربة الطعام أحرقت بشكل شبه كامل، الأمر الذي أصابها بحزن وصدمة كبيرة.
تتهم نور شخصا منافسا بالمسؤولية عن حرق مصدر رزقها، وتستبعد احتمالية أن تكون الحادثة "عملاً عنصرياً".
وتقول نور لموقع "تلفزيون سوريا"، يوجد شخص وهو عربي للأسف في المنطقة التي أعمل فيها (أركيلستورب) يعمل في مجال الطعام أيضاً، مشيرة إلى أن المشتبه به نصحها في بداية عملها الجديد بالانتقال إلى منطقة أخرى..
تضيف اللاجئة السورية، لكنها مجرد شكوك، ربما لا يكون هو الفاعل.
تعاطف السويديين معها
بعد هذه الحادثة، لم تستسلم نور وقررت أن تنهض من جديد وتكمل المشروع الذي خططت له بدعم من بعض السويديين.
وتقول نور، لم أتلق أي دعم من الحكومة السويدية، لكن سكان المنطقة التي أعمل بها قاموا بحملة تبرعات لي لأنني لا أملك تأمينا للعربة القديمة لأنها من دون "نمرة" ولا يمكنني تأمينها.
وتشير اللاجئة السورية بأن السويديين في القرية التي عملت فيها أبدوا إعجابهم بما تقوم به سواء بالعمل أو مذاق الطعام.
وتروي نور، "قالوا لي رغم أنك تعملين فقط منذ 3 أشهر لكنك أثرت فينا بطعامك وغيرتي الصورة النمطية عن المرأة المهاجرة والمحجبة بشكل خاص.
وتضيف قاموا بحملة التبرعات لأجلي لأنهم أرادوا أن أستمر بعملي في قريتهم.
وساهم العديد من السويديين في نشر حملة التبرعات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب نور بلغ مقدار التبرعات نحو 75 ألف كرون سويدي (أي ما يعادل سبعة آلاف ومئتي دولار).
وتتابع اللاجئة السورية "اشتريت عربة أخرى لأني بحاجة إلى العمل بأسرع وقت لسداد الفواتير المترتبة على عاتقي، من آجار المنزل الذي أسكنه وآجار مكان عملي بالإضافة إلى أقساط العربة الجديدة التي حرقت.
تقدم نور في مطعمها الفلافل والكباب والشاورما والهمبرغر والبطاطا المقلية والمعجنات كالمناقيش والعديد من الأطباق الأخرى.
وبحسب نور، فإن زبائنها السويديين "معجبون جداً بما أطبخه خصوصاً الفلافل وأكثر ما يعجبهم بها أنها نباتية"، مضيفة "يتذوقون نكهات جديدة وطريقة ليسوا متعادين عليها في الطهي والمذاق".
لا تخفي نور مخاوفها رغم الدعم المالي والمعنوي من قبل أهالي القرية السويدية من أن يقدم شخص ما ويكرر الحادثة بحرق مصدر رزقها.
وتقول نور إن الشرطة السويدية لم تفعل لي شيئا وتريد أدلة.
أما شركة التأمين فقد عوّضتها عن المقطورة فقط وليس عن عربة الطعام كاملة، بعد تقييمها كمقطورة فارغة لأن الشركة لا تغطي تأمين المطاعم وعربات الشارع، وفقاً لما نقلت نور عن شركة التأمين.
نور قامت بتركيب كاميرات على أمل منع إحراق مطعمها مرة أخرى لكنها تتخوف من تكرار ذلك كون الكاميرات موصولة بخط كهرباء خارجي من السهل قطعه.
تحلم بمطعم خاص
وحول خططها المستقبلية في مجال الطبخ، تقول نور "سوف أستمر بالعمل بعربة الطعام حتى أفتتح مطعمي الخاص والذي سوف يقتصر على المأكولات السورية أو العربية بشكل عام إن شاء الله".
وأعربت نور عن حماسها تجاه العمل وعدم الاستسلام بقولها، أنصح الجميع بالعمل والتحلي بالصبر وعدم الاستسلام لأنه من الصعب جداً إثبات أنفسنا والانخراط في المجتمع من دون العمل أو الدراسة.
وعلى مدار العشر السنوات الماضية فر إلى السويد عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين وحصل عدد كبير منهم على الجنسية السويدية في السنوات الأخيرة.
ويقدر عدد اللاجئين السوريين في السويد بأكثر من 190 ألف شخص يتوزعون على عدة مدن سويدية.