ظهر بشار الأسد مؤخرا في كثير من الصور والفيديوهات وهو يصطحب زوجته أسماء الأخرس وأولاده في زيارات إلى جرحى الحرب أو عائلات مقاتليه وشبيحته، في الحقيقة استوقفتني كثيرا هذه الصور وأنا أسأل السؤال التالي:
-لا سيما وأنا أب لديه أولاد ويهمني كثيراً أن أظهر أمامهم بأفضل القيم التي أرغب لهم أن يتعلموها.- كيف هي صورة أولاد وبنات بشار الأسد عن أبيهم؟
ربما تسربت بعض المعلومات عن الابن الأكبر حافظ الذي يبدو أنه كأبيه في سحنته وكجده في مظاهر القسوة واللامبالاة وأقول ربما بعض الغباء وقد أظهر ذلك في مسابقات الرياضيات التي شارك بها حول العالم.
إذا كيف يتصور هؤلاء الأولاد الذين في الحقيقة لا ذنب لهم بما يقترفه أبوهم من قتل وتدمير وتعذيب، لكن كيف يشرح بشار الأسد لهم مساء لماذا يحتجز في سجونه السرية مئات الألوف من المعتقلين الأبرياء الذين يموتون تحت التعذيب بطرق قروسطية همجية لا مثيل لها في عالم اليوم، وماذا يقول لهم عندما يفتحون الإنترنت ويجدون مئات المقالات التي تصف أبيهم بالدكتاتور والطاغية وغيرها من الأوصاف التي تقشعر لها أبدان الإنسان السوي والمستقيم وأقول المواطن العادي والبسيط.
وماذا يقول لهم عندما يذهبون إلى المدرسة – أعرف أنهم لا يذهبون إلى مدارس السوريين نفسها- ويجدون أطفالا فقدو آباءهم وأمهاتهم أو إخوتهم بسبب قصف أبيهم لمناطقهم، لا أعرف في الحقيقة كيف يجيبهم على كل هذه الأسئلة، من الأكيد أنه يكذب عليهم، فالأسد اشتهر دوليا وبين قادة العالم بالكذب وانعدام الصدقية المطلقة، وربما يردد عليهم العبارات نفسها التي بات يرددها من عشر سنوات كالإرهابيين والجماعات المسلحة وغيرها، ربما يصدقون إذا امتلكوا معدل الذكاء نفسه لوالدهم ووالدتهم، ومن المؤكد أنهم لن يصدقوا إذا كانت لهم أو لديهم ملكة التحري والبحث والتقصي.
كيف يتصور هؤلاء الأولاد الذين في الحقيقة لا ذنب لهم بما يقترفه أبوهم من قتل وتدمير وتعذيب، لكن كيف يشرح بشار الأسد لهم مساء لماذا يحتجز في سجونه السرية مئات الألوف من المعتقلين الأبرياء الذين يموتون تحت التعذيب بطرق قروسطية همجية
ربما بنى الأسد حولهم جداراً من الكذب والخداع كما بنى حول بعض السوريين من شبيحته، فهم يعيشون في القصر حيث لا يكترثون بالتضخم الفلكي الذي أوصل أسعار السلع في سوريا إلى أرقام مخيفة، ولا يكترثون بانقطاع الكهرباء الدائم، ولا يكترثون بانعدام المياه، ولا يأبهون لفقدان الدواء ، ولا يهمهم انعدام البنزين والمازوت والغاز والسكر والزيت والشاي وكلها من المواد الأساسية التي يقتات ويعيش عليها السوريون اليوم.
بكل الأحوال، كل طغاة العالم تقريبا من دون استثناء كان لديهم وجهان وجه مع عائلتهم ووجه آخر مختلف كليا مع مواطنيهم و"رعاياهم" وجه يتقلب بين الحرير وآخر تعلوه القسوة والشر المحض، ولا أعتقد أن بشار الأسد يختلف عن ذلك، ذكرت أكثر من مرة أن الصحة العقلية لبشار الأسد تحتاج إلى اختبار وتحليل، ليس بمعنى المرض النفسي أو العقلي وإنما بمعنى تضخم الذات لديه وانعدام القدرة على اتخاذ القرار الصحيح ودوما يجد نفسه في المكان الخطأ الذي يتطلب منه الغرق في الأخطاء أكثر وأكثر وعدم القدرة على تحمل مسؤولية الخطأ وتصحيحه وهذه أبشع أوصاف الدكتاتور، الذي يزج شعبه في سلسلة لا تنتهي من الأخطاء دون أن يعترف بها ويساعد نفسه ويساعد السوريين على حلها، ولذلك أصبحت سوريا كتلة وشبكة معقدة جدا من المشكلات المستعصية التي لا يبدو أن حلا قريبا لها، من فقدان السيادة وامتلاء الأرض بالجيوش الأجنبية إلى انقسام السوريين الكامل ضد بعضهم البعض وانعدام الحد الأدنى مما يتيح لتأسيس الوطنية وبناء الوطن، إلى انهيار الاقتصاد الكامل مع دمار للبنى التحتية مع انتشار الفقر المعمم وانعدام الأمل الكامل بين السوريين في الداخل أن الأمور ستتحسن في القريب العاجل مما يقود إلى اليأس المعمم.
فضلا عن ملايين النازحين ومثلهم من اللاجئين وانتشار السلاح والفوضى وانعدام وهجرة الكفاءات بشكل كامل، إنها صورة قاتمة تماما لبلد يحكمه طاغية يحاول أن يظهر بالصور أمام أولاده أنه إنسان، لكنه بالحقيقة ليس سوى ديكتاتور صغير لن يسجله التاريخ سوى كمجرم خان بلده سوريا وأمعن فيها دمارا وتخريبا.