دفع تزايد البؤس والفقر في أفغانستان بعض العائلات الفقيرة، التي لا تستطيع تلبية احتياجاتها الغذائية اليومية، إلى بيع أطفالها لقاء مقابل مالي.
وتكافح الأسر الأشد فقرا لتوفير الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية، لا سيما بعد سيطرة حركة "طالبان" على البلاد، وما تلاها من توقف تدفق المساعدات الدولية، ما عمق ظاهرة الجوع.
وبحسب بحث ميداني لوكالة الأناضول، فإن بعض العائلات تعرض أطفالها للبيع، لقاء مبالغ تتراوح بين ألف وثلاثة آلاف دولار، بغض النظر عن الجهة المشترية.
وتظهر بيانات الأمم المتحدة، أن 22.8 مليون شخص، أي ما يفوق نصف سكان أفغانستان، سيعانون من نقص حاد في الغذاء خلال أشهر الشتاء.
وفي 15 آب الماضي، سيطرت "طالبان" على أفغانستان بالكامل تقريبا، بموازاة مرحلة أخيرة من انسحاب عسكري أميركي اكتملت نهاية الشهر ذاته.
فقر مدقع
تكافح عائلة صميمي من أجل البقاء، في منزل متداع بمنطقة "دره قاضي" بقضاء "فيروزكوه"، التابع لولاية "غور" وسط البلاد.
وقد أجبرت ظروف الفقر والبؤس الجدة روحشانا صميمي إلى عرض أحفادها للبيع لتوفير احتياجاتها الأساسية وإنقاذ الأطفال من الجوع.
وتحدثت صميمي (56 عاما) للأناضول عن الصعوبات المالية للعائلة والأسباب التي تدفعها لبيع أحفادها.
وتعيش الجدة، كمستأجرة مع ولديها، وزوجة ابنها، و6 أحفاد بينهم 4 بنات، في منزل متداعٍ لا تصله خدمات الماء والكهرباء.
وذكرت أنها فقدت زوجها قبل 20 عاما بسبب المرض، وأنها منذ ذلك الحين تعيش حالة من الفقر المدقع.
وأضافت أن مشكلاتها المالية زادت بسبب مرض ابنها الأكبر، صبغة الله (30 عاما)، والذي كان يعيل العائلة، ونقله إلى المستشفى، حيث يرافقه ابنها الأصغر، مير ويس (20 عاما).
عرض الأحفاد للبيع
وقالت الجدة صميمي، إنها أرادت بيع حفيدتيها لتغطية نفقات ابنها الصحية والاحتياجات الأساسية للأسرة.
وأفادت باعتقادها أن بيع حفيدتيها "زينت" (6 سنوات) و"زيبا" (4 سنوات)، قد يوفر لها ما تحتاج إليه من المال لتغطية نفقات العائلة.
وذكرت أنها أبلغت سكان المنطقة التي تقطنها برغبتها في بيع حفيدتيها، علّ أحدا من السكان يساعدها في العثور على جهة تشتري الفتاتين.
وأضافت: "قبل أسبوع، عرضت حفيدتي للبيع لقاء 2200 دولار للكبرى، و1100 دولار للصغرى، لكن أحدا لم يقم بشراء أي منهما بعد".
وأردفت: "نحن جائعون ولم يساعدنا أحد خلال هذه الفترة، حتى أقاربنا لم يساعدونا، كنت أتمنى لو تلقيت المساعدة حتى لا أضطر إلى بيع أحفادي".
وتابعت: "فصل الشتاء بات على الأبواب، يجب أن أبيع حفيدتَيّ لشراء الطعام والملابس لأحفادي الآخرين. ليس لدينا حتى المال لدفع إيجار هذا المنزل المتداعي الذي نعيش فيه".
"جدتي مضطرة لبيعي"
وذكرت زينت، إحدى الفتاتين المعروضتين للبيع، أنها تعيش بحالة رعب منذ أن تم عرضها للبيع من قبل الجدة.
وأضافت الطفلة الصغيرة (6 أعوام)، للأناضول، أنها تدرك أن جدتها مضطرة لبيعها من أجل إعالة أفراد العائلة الآخرين وانتشالهم من الجوع.
في حين قال شقيق زينت الأكبر، نعمة الله، إن بيع شقيقتيه يؤلمه كثيرا، مطالبا الجمعيات الخيرية بتوفير الدعم للعائلة كي لا تضطر الجدة لبيع أي من شقيقتيه.
كارثة إنسانية في أفغانستان
من جهته، قال مدير الهجرة في ولاية غور، مولوي عبد الحي مباشر، إن ما يقرب من 1000 عائلة في الولاية نزحت بسبب النزاعات المسلحة التي جرت في الأشهر الماضية.
وأضاف "هذه العائلات بحاجة ماسة إلى المساعدة، إن عدم توفير المساعدة لهؤلاء الأشخاص، يعني تركهم في مواجهة كارثة إنسانية حقيقية".