icon
التغطية الحية

برامج مرشحي انتخابات برلمان النظام السوري: أهداف رنانة وتفاصيل مفقودة

2024.07.13 | 06:37 دمشق

مرشحي مجلس الشعب
إسطنبول - خالد حمزة
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • تمحورت الحملات الخاصة بالمرشحين لانتخابات برلمان النظام حول شعارات عامة مثل الوحدة الوطنية والرخاء، من دون تقديم خطط ملموسة

  • انتقال من اللافتات الانتخابية التقليدية إلى استخدام منصات التواصل الاجتماعي كوسيلة رئيسية للترويج.


يستعد النظام السوري لإجراء انتخابات مجلس الشعب (البرلمان) في الخامس عشر من تموز/يوليو الجاري، واتسمت هذه الانتخابات بقلة اللافتات الإعلانية الخاصة بالترويج للمرشحين، مقارنة بالسنوات الماضية.

وانحصرت معظم حملات المرشحين بمواقع التواصل الاجتماعي، حيث لجأ المرشحون إلى استخدام صفحاتهم الشخصية على فيس بوك لنشر رسائلهم وصورهم الانتخابية. بالإضافة إلى انتشار منشورات ودعوات انتخابية عبر مجموعات الفيس بوك، إذ اعتمد بعض المرشحين على شركات إعلانية لنشر صورهم في صفحات محلية.

وعادة ما تبرز برامج المرشحين في الأنظمة الديمقراطية كأحد العوامل الرئيسية التي تلقي بالضوء على توجهاتهم وأولوياتهم المستقبلية.

أما في حالة النظام السوري، ومع استعراض المنشورات والبيانات التي نُشِرت مؤخرا من قبل عدد من المرشحين لانتخابات البرلمان، فيظهر أن البرامج الانتخابية تفتقر إلى التفاصيل واقتصرت على الأهداف العامة من دون أي تفاصيل إضافية.

وعبّر معظم المرشحين في منشوراتهم عن أهداف عامة تشمل "الوفاء، الصدق، والمحبة تجاه الشعب"، من دون تقديم خطط ملموسة أو أولويات واضحة. وأشارت المنشورات إلى "تعهدات بدعم الفكر المتجدد والطموح العالي، والعمل من أجل خدمة البلاد وبناء سوريا المستقبلية" وغيرها من الأفكار العامة.

فمثلاً يمكن العثور بين المنشورات على إعلانات للمرشحة ريما العمري التي خاطبت جمهورها قائلة: "أهلي وأحبائي، يليق بكم الورد والياسمين، يليق بكم الوفاء والصدق والمحبة. يليق بكم من يسمعكم ويحترمكم ويعبر عن همومكم، ويعمل من أجلكم ومن أجل خدمتكم، لأنكم تستحقون، كما يستحق وطننا الغالي سوريا".

أما المرشح طارق نطفه جي فأرفق صوره بالتعليق الآتي: "حان الوقت ليكون للشباب دورهم الفعال. لندعم الفكر المتجدد والطموح العالي".

بينما اكتفى المرشح جورج عاطف الصايغ المرشح عن طرطوس بوضع سيرته الذاتية، متجاهلاً تقديم أي وعود انتخابية، وتضمنت سيرته الذاتية أنه حاصل على إجازة في الهندسة التقنية بقسم المعدات والآليات الثقيلة، وكان عضوًا في قيادة شعبة المدينة الأولى من عام 2016 حتى 2018، وعضو مجلس مدينة طرطوس منذ عام 2022 حتى الآن. ولم يرفق مع صوره المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعى أي وعد سيحققه للناخبين.

 

أما المرشح نواف عبد العزيز المسلط، فقد قال في منشورات على فيسبوك ضمن حملته الانتخابية: "لقد أكدت السنوات الماضية أهمية الوحدة الوطنية وضرورتها لتوفير الحياة الأفضل للمواطنين وتأمين الاستقرار في البلاد وتحقيق آمال شعبنا في التقدم والعزة والرخاء". وتظهر تصريحات المرشحين، مثل تلك التي قدمها نواف عبد العزيز المسلط، ضحالة في الأفكار وابتعاداً عن ما يريده الأهالي فعلياً.

والتركيز على شعارات عامة مثل "الوحدة الوطنية" و"الحياة الأفضل" من دون تقديم خطط واضحة ومحددة لمعالجة القضايا اليومية والاحتياجات الفعلية للشعب، يكشف عن عدم قدرة المرشحين على تقديم حلول واقعية وملموسة تلبي تطلعات المواطنين في تحسين أوضاعهم المعيشية

ويثير هذا النوع من الإعلانات الانتخابية أيضا تساؤلات بشأن كيفية تحقيق هذه الأهداف بشكل عملي وملموس، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد.

فالتعامل مع الفساد، وإعادة الإعمار، وتحسين الظروف المعيشية يتطلب إستراتيجيات واضحة وتفصيلية تعكس الاستعداد للتحديات الكبيرة التي تواجه سوريا وهو ما افتقرت إليه برامج المرشحين.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تتناول برامج المرشحين قضايا ملحة مثل تحسين الخدمات العامة، وتعزيز حقوق الإنسان، ودعم الاقتصاد المحلي بشكل أكثر تحديدًا وهذا ما لم يشر إليه أحد من المرشحين.

المرشحون يتخلون عن المطبوعات

تخلى مرشحون لعضوية برلمان النظام السوري عن طباعة اللافتات الدعائية والصور والإعلانات الطرقية، وبعض الخدمات التي كانت تعدّ من مسلّمات الحملات والأنشطة الانتخابية التي تسبق موعد الاقتراع والتصويت، نتيجة للغلاء وارتفاع التكاليف.

وشهدت شوارع وجدران وأعمدة مدينة اللاذقية على سبيل المثال غياباً كبيراً لصور مرشحي انتخابات البرلمان، كما لوحظ تقنين في الإعلانات المصورة واللافتات الطرقية، وذلك قبل أسبوع من موعد التصويت، بالإضافة إلى ندرة وجود المهرجانات الخطابية، كما جرت العادة في حملات الانتخابات السابقة.

أحد المندوبين عن مرشحين -منهم نواب حاليون في البرلمان- ذكر لصحيفة الوطن المقربة من النظام أن غلاء تكاليف الإعلانات الطرقية جعل العديد منهم يعزف عن الطباعة ونشر اللافتات.

وقال المندوب إن عدداً قليلاً منهم "سينشر صوره قبل أيام قليلة من موعد الانتخابات (في الـ15 من تموز الجاري)"، مشيرا إلى إقبال معظم المرشحين على الإعلان عن حملاتهم الانتخابية "عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

وفي حلب أيضا، تظهر الصور المنتشرة لحملات المرشحين تقلص حجم "المهرجانات الانتخابية" التي كانت تنصب لها الخيام الضخمة سابقا.

حزب البعث يزيد من سيطرته على البرلمان

ويتكون مجلس الشعب في سوريا من 250 عضوا، وتتراوح أعداد الأعضاء من حزب البعث العربي الاشتراكي بين 160 - 166، ويشمل الرقم حلفاءه في الجبهة الوطنية التقدمية، بينما يحصل حزب البعث وحده عادة على نحو 134 إلى 150 مقعدا، وهذه الأرقام تتغير أحيانا بشكل طفيف.

يذكر أن عدد أعضاء حزب البعث في "مجلس الشعب" لانتخابات 2020، بلغ 166 عضوا بنسبة 66.4 بالمئة من أعضاء المجلس، إضافة إلى 17 عضوا من أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية (عدا حزب البعث) وبلغت نسبتهم 6.8 بالمئة. في الوقت الذي لم يتجاوز فيه عدد الأعضاء المستقلين 67 عضوا بنسبة 26.8 بالمئة من أعضاء المجلس.

أما هذا العام، فقد أعلن حزب البعث العربي الاشتراكي أن مقاعده في المجلس هي 178 مقعدا، وفقا لما ورد في القوائم النهائية، مع تخصيص نحو 66-65 مقعدا للمستقلين، مما يعكس سيطرة أكبر لحزب البعث في البرلمان.
وعبّر رئيس حزب الشباب الوطني السوري خالد كعكوش (حزب مرخص لدى النظام السوري) عن استيائه من دمج مقاعد مرشحي الأحزاب غير المنضوية تحت الجبهة الوطنية التقدمية مع المستقلين والذين يكونون عادة من التجار والصناعيين.
وأضاف كعكوش في تسجيل مصور على فيس بوك أن المتعارف عليه عادة أن المستقل هو شخصية لا تنتمي عادة إلى حزب سياسي، لكن المقاعد المتروكة سيتنافس عليها التجار وأصحاب رؤوس الأموال والصناعيون كما سيتنافس عليه في الوقت ذاته ممثلون لعشرة أحزاب مرخصة.
وتابع أن إعلان حزب البعث ترك تلك المقاعد للمستقلين ليس دقيقا، فهي مخصصة للمستقلين ومعهم الأحزاب، مضيفا أن إطلاق وصف مستقل على من سيشغل هذا الموقع "في غير مكانه".

رفض دولي للانتخابات

من جانب آخر، أكدت مسؤولة الشؤون السياسية في بعثة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، لاورا ديكس، رفض بلادها لانتخابات "مجلس الشعب" التي يعتزم النظام السوري إجراءها، مكررة موقف بلادها المؤيد للقرارات الدولية وضرورة تطبيقها بشكل كامل وصارم، مؤكدة أن الانتخابات المزمع عقدها "تخالف أبسط المعايير الدولية، وتخالف القرار 2254".
كما قال مكتب سوريا في وزارة الخارجية الألمانية أن برلين لا تؤيد إجراء الانتخابات في سوريا في الوقت الحالي، مشيرا إلى أن أي انتخابات ستؤدي إلى "ترسيخ الصراع والانقسام".

وفي تغريدة نشرها حساب المبعوث الألماني إلى سوريا، ستيفان شنيك، إنه "في حين تشكل الانتخابات الحرة والنزيهة جزءا لا يتجزأ من حل النزاع وإحلال السلام في سوريا، إلا أن الظروف ليست مهيأة بعد".

وأضاف شنيك أن ألمانيا "تدعم التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254، الذي يدعو إلى إجراء انتخابات بعد اعتماد دستور جديد"، داعيا جميع الأطراف إلى "تسهيل عملية سياسية يقودها ويملكها السوريون، بهدف الموافقة على دستور جيد وتنفيذ القرار 2254".

وشدد على أن "إجراء الانتخابات في أجزاء من الأراضي السورية في هذا الوقت لن يؤدي إلى دفع العملية السياسية إلى الأمام، بل إلى ترسيخ الوضع الراهن المتمثل في الصراع والانقسام الذي طال أمده"، داعيا جميع الأطراف إلى "الامتناع عن اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تهدد احتمالات التوصل إلى حل سلمي للصراع في سوريا والانتقال إلى السلطة كما يدعو إليه القرار 2254".