أكد رئيس لجنة التحقيق الأممية المستقلة بشأن سوريا، باولو بينيرو، على أنه "لا يوجد فصيل أو طرف في الصراع السوري يكترث لحماية أرواح المدنيين"، مشدداً على أن "هذا هو الواقع".
وفي لقاء أجراه معه موقع "يورونيوز"، قال رئيس لجنة التحقيق إن أرقام الضحايا نتيجة الصراع السوري "تبين بجلاء مدى الخطورة التي تهدد حياة المدنيين السوريين"، مشيراً إلى أن الأرقام لا تشتمل على القتلى من الجنود والمقاتلين الذين سقطوا في الحرب.
وذكر تقرير مجلس الحقوق الإنسان عن الوفيات المدنية المرتبطة بالنزاع في سوريا، بين آذار 2011 وآذار 2021، أنه يوجد 350,209 حالات وفاة موثقة بشكل عام نتيجة مباشرة عن الصراع، وهي حصيلة لا تشمل أولئك المدنيين الذين لقوا حتفهم بسبب نقص الرعاية الصحية أو الغذاء والمياه النظيفة، وغيرها من حقوق الإنسان الأساسية.
وأشار التقرير إلى أن "الخسائر البشرية من جراء الصراع كانت مدمرة، وتم التعامل مع الأرواح على أنها شيء يمكن الاستغناء عنه، بينما يكتفي العالم بالتفرج".
وأكد المسؤول الأممي على أن "الأمر الذي يكشفه التقرير بوضوح شديد هو انعدام الحماية بالنسبة للمدنيين"، مؤكداً على أنه "لا يوجد فصيل أو طرف في الصراع بسوريا يكترث لمسألة حماية أرواح المدنيين".
"الجنائية الدولية" غير قادرة على التحقيق في الجرائم
وعن إحالة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، قال رئيس لجنة التحقيق الأممية إن "المحاكم في العديد من البلدان تتولى زمام المبادرة بهذا الشأن".
وقال بينيرو "نصرّ منذ 11 عاماً على ضرورة مقاضاة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية"، مشيراً إلى أن "هذه المحكمة غير قادرة على التحقيق في الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها أطراف النزاع في سوريا بحق المدنيين".
وأرجع المسؤول الأممي ذلك لـ "فشل مجلس الأمن في إصدار قرار وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، بسبب حق الفيتو الذي عادة ما يستخدمه عضو أو اثنان من الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، ما أحبط كافة مشاريع القرارات ذات الصلة".
وأوضح بينيرو أنه "على ضوء تعثّر تحقيق العدالة الدولية بحق منتهكي حقوق الإنسان في سوريا، أخذت بعض الدول الأوروبية زمام المبادرة، وفتحت محاكمها للفصل في دعاوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تقدم بها ذوو الضحايا أو منظمات حقوقية سورية وأجنبية".
وأشار المسؤول الأممي إلى أن "ألمانيا هي المثال الأبرز، إذ إنها تطبق المبدأ القانوني للولاية القضائية العالمية الذي يسمح لقضائها بمحاكمة مرتكبي الجرائم، بغض النظر عن جنسيتهم أو مكان ارتكاب الجرائم".
ازدواجية المعايير في التعامل مع اللاجئين
وأعرب رئيس لجنة التحقيق الأممية عن "أسفه للمعايير المزدوجة فيما يتعلق باستضافة اللاجئين"، مشيراً إلى أن "ثمة فارقا كبيرا على صعيد المعاملة بين اللاجئين السوريين وأقرانهم الأوكرانيين".
وقال بينيرو "لن أنتقد أو أعترض على الدعم السخي الذي تقدّمه أوروبا للاجئين الأوكرانيين، لكنني، وأنا الذي أعمل ضمن إطار الملف السوري منذ بداية الأزمة قبل 11 عاماً، أرى أن ثمة ما يثير الإحباط عند رؤية هذا التباين في المعاملة، ذلك أن هناك انفتاحاً وكرماً تجاه الأوكرانيين، وأنا لا أنتقد هذا الأمر إطلاقاً، لأنهم يستحقون ذلك، لكني أتمنى من كل قلبي أن يصار إلى تطبيق المعاملة ذاتها على اللاجئين السوريين".
وأشار المسؤول الأممي إلى أنه "في مواجهة ملايين الأوكرانيين اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبي، الذي قدّم لهم معاهدة العام 2001، التي تنص على توفير الحماية القانونية المؤقتة، بما في ذلك الإقامة والعمل والرعاية الصحية والدراسة للاجئين الأوكرانيين وعائلاتهم لمدة عام حتى ثلاث سنوات.
وأكد رئيس لجنة التحقيق الأممية على أنه "على الرغم من تأثرهم بالحرب أيضاً، لم يستفد اللاجئون السوريون أبداً من مثل هذه المعاهدة، ولا حتى في أحلك لحظات أزمة اللاجئين في العام 2015".