تسبب الزلزالان اللذان ضربا الجنوب التركي بالقرب من الحدود مع سوريا في السادس من شهر شباط الماضي بمقتل 56 ألف إنسان ودمرا الملايين من البيوت والمساكن.
أصبح اللاجئون السوريون الذين كانوا يعيشون في خيام قبل الزلزال بحالة فقر مدقع، فقد خسر كل فرد منهم تقريباً أحداً من أهله وأقربائه، أما بالنسبة للنساء الحوامل أو اللواتي لديهن أطفال صغار، فقد أثر الكرب بشكل كبير على أطفالهن الرضع، كما جعل الحليب يجف في صدور الأمهات.
فاطمة وزوجها كرديان لجآا من سوريا قبل بضع سنوات، ثم انتقلا للعيش في مخيم آكبيز في تركيا عقب الزلزال. فاطمة الآن حامل بطفلها الثاني، والأسرة تعيش تحت أغطية من المشمع ولا يتوفر لديها أي ماء أو مدفأة أو حتى النزر اليسير من الطعام، وفي الليل تهبط درجات الحرارة إلى ما دون -6، إلا أن الزوجين لا يعرفان هل يمكن إصلاح بيتهما أم لا.
وضعت جواهر طفلتها في 13 شباط، أي بعد أسبوع على وقوع الزلزال، فعندما كانت الهزات الارتدادية تحدث، لم يكن زوجها إبراهيم قادراً على تحديد من سيقوم بإنقاذه أولاً: زوجته أم أولاده. بعد ذلك انتقل الجميع للعيش في أحد المخيمات، إلا أن جواهر أصبحت خائفة من عدم توافر ما يكفي من الحليب لديها من أجل ابنتيها، خاصة ابنتها سارة التي كان عمرها في الصورة ثلاثة أيام، إذ في البداية كانت الأمور جيدة في المخيم، ولكنهم أخبرونا فيما بعد بأن الجيش صار يفضل الأتراك على السوريين فيما يتصل بتوفير الخيام والطعام والماء.
كانت بتول تعيش في أنطاكيا برفقة زوجها وولديها وأهل زوجها، وقد تمكنت فرق الإنقاذ من انتشالها هي وابنتها من تحت الأنقاض بعد مرور يومين على الزلزال، إلا أن زوجها وابنها توفيا، فدفنهما أهل زوجها في أثناء فترة مكوثها في المشفى، من دون أن يعلموها بمكان قبريهما، ولهذا بقيت تبحث بلا فائدة عن قبر ولدها، لكنها عثرت أخيراً على قبر زوجها، يذكر أن بتول حامل في شهرها الرابع حالياً.
ستضع الشقيقتان نارين وسيرين مولودهما الأول، فقد شارفت نارين على الولادة في حين أن أمام سيرين شهراً حتى تضع مولودها، بيد أن بيتهما قد تدمر بسبب الزلزال، لكنهما وصلتا أخيراً إلى بيت أبيهما بمرسين، بالقرب من البحر، إذ في مخيم آكبيز خشيتا على نفسيهما من المرض بسبب الأطعمة هناك، إذ كانت الصراعات تقوم على الأغذية التي تقدم للناس. ولهذا سجلت كل منهما في مشفى آكبيز، لكنهما لم تتمكنا من الحصول على معاينة في غرفة الإسعاف بمرسين، كما لن يكون بوسعهما أن تلدا هناك، فضلاً عن عدم توافر ألبسة للرضيعين اللذين سيولدان قريباً.
حنين، 18 عاماً، حامل في شهرها الثامن برفقة طفلها البكر. تخبرنا هذه المرأة بأنها تحس نفسها ميتة على الرغم من بقائها على قيد الحياة، وذلك لوجود عشرة أشخاص يقيمون معها في الخيمة نفسها، كما أن الجو في المخيم بارد، ويفتقر إلى الصرف الصحي أو المياه الجارية، ثم إن عدداً من أفراد أسرتها ما يزالون مفقودين، أما شقيقتها بتول فهي حامل وثكلى مثلها. هذا ولم تتمكن حنين من عرض نفسها على طبيب ولا تدري أين ستضع مولودها بسبب ازدحام المشافي.
مرفت برفقة ابنها علي الذي لا يتجاوز عمره 21 يوماً، ومعها ابنتاها، فاطمة وميس. بعد تشرد الأسرة في الشوارع، انتقلت للعيش في مخيم يديره الجيش، ثم لم يعد الطعام يصل، كما صار حصولهم على الماء مستحيلاً، ولهذا عادت الأسرة إلى بيتها المهدم وأقامت خيمة أمامه، بيد أن الأطفال أصابهم المرض والتعب، إذ لم يستحم أي منهم منذ وقوع الزلزال، وذلك لأن الطقس بارد، خاصة في الليل.
ولد علي قبل أسبوع من وقوع الزلزال، وكان عمره في هذه الصورة 21 يوماً، إلا أن مرفت ليس لديها ما يكفي من طعام لتتناوله، ولهذا لم يعد لديها ما يكفي من حليب لتغذي رضيعها.
أقيم مخيم آكبير في هنغار كبير يقوم الجيش بحراسة مدخله، ويحق لمن يعيش فيه أن يدخله ويخرج منه على هواه، غير أن الصحافة ممنوع أن تصل إليه. والأتراك في هذا المخيم يتمتعون بالأفضلية عند توزيع الماء والطعام والخيام، أما السوريون والكرد فهم آخر من يقف في الطابور. هذا ولقد ازدادت النقمة تجاه السوريين، في حين وضح الزلزال تلك المشاعر التي أبداها الناس في بعض المناطق تجاه اللاجئين الذين يجب ألا يتم تقديمهم على أي شخص آخر عند توزيع أي معونات أو مساعدات.
المصدر: The Guardian