مقولة أنّ قدر السوريين الهروب من الموت إليه، هو ما ينطبق على الشاب سلوان اللجي الذي ينحدر من محافظة دير الزور وعاش في مدينة الحسكة قبل لجوئه إلى ألمانيا، ليقتل في مدينة زولنغن الألمانية في الـ 11 من الشهر الجاري على يد مافيا لبنانية يسكن بعض أعضائها في الحي ذاته الذي يعيش فيه سلوان.
ويجمع سوريون من سكان الحي ذاته على أنّ خبر مقتل الشاب ذي الـ32 عاما شكّل صدمة كبيرة بالنسبة لهم، إذ كان "مثلاً في الالتزام الديني والأخلاقي، فضلاً عن كونه مثال الشاب المجتهد الذي يحظى بمحبة كبيرة في الحي الذي يقيم فيه"، على حد وصفهم.
أسباب القتل
يمتلك المغدور سلوان ورشة لصيانة وإصلاح السيارات بمدينة فوبرتال في ولاية شمال الراين، ويعمل بها مع والده وصديقه سالم الذي يرافقه يومياً من الورشة إلى المنزل.
وفي أثناء عودتهم يوم وقوع الحادثة كان سلوان يتحدث مع والده ليتفاجأ الجميع بهجوم خمسة أشخاص لبنانيين من "آل الزين" متعمدين قتله بأربع طعنات اثنان منها في الرأس وواحدة في الرقبة وواحدة في القلب مباشرة، بينما تلقى والده طعنة وصديقه سالم ضربة في الرأس.
يقول عماد الدين اللجي عم المغدور لموقع تلفزيون سوريا إن سلوان كان يتحدث مع والده عندما اقترب منه أشخاص من "آل الزين" متعمدين استفزازه بحجة أن صوت سلوان يزعجهم، فكان رد سلوان أن صوته "عادي" ولم يشتك أحد من الجوار غيرهم، ليتفاجأ الجميع بهجومهم على سلوان من دون أي مبرر.
ويضيف "عماد الدين" أنّ المهاجمين كانوا أربعة ثم لحق بهم شقيقهم وهو يحمل سكين مطبخ ليشاركهم في طعن سلوان.
يشعر عماد بالأسى على عائلة سلوان، فلديه ثلاثة أطفال يبلغ عمر الصغيرة منهم 15 يوماً فقط.
كان آخر كلمات سلوان لوالده بحسب عماد أنّه تلقى طعنة لكنه لا يشعر بأي ألم.
الشرطة الألمانية تتفرج
استدعى أهالي الحي الشرطة الألمانية وسيارة إسعاف إلى المكان الذي وقعت فيه الجريمة، إلا أنّ سلوان فارق الحياة بعد نصف ساعة من طعنه.
يقول "سالم" الذي كان يرافق سلوان لموقع تلفزيون سوريا إنّه فقد أعز أصدقائه بسبب وجود تلك المافيات الإجرامية، فسلون لم يتعد على أحد في حياته، لكنه لقي حتفه غدراً.
ويستغرب من تعاطي الشرطة الألمانية مع الحادثة، يقول إنّهم شاهدوني قد أصبت برأسي وكان سلوان قد توفي ووالده تلقى طعنة، لكنهم لم يفعلوا أي شيء، ولم يطرقوا باب بيت الجناة، اكتفوا بأخذ بطاقتي الشخصية وطلبوا مني الذهاب إلى بيتي، من دون إجراء أي فحوصات طبية أو حتى سؤالي عن الحادثة.
وحول مجريات التحقيق يؤكد سالم أنه لا يعلم أي شيء ولم يتم استدعاؤه لأخذ إفادته منذ يوم الجريمة، ولم يصدر من الشرطة أي بيان أو توضيح "وهذا أمر محيّر" ففي مثل تلك الحالات تتعاطى الشرطة الألمانية بشكل أكثر جدية.
ردود فعل غاضبة
على الرغم من إلقاء القبض على أحد الجناة كما قالت عائلة سلوان، فإنّ عدداً كبيراً من السوريين احتشدوا خلال تشييع الجنازة، يحملون لافتات كتب عليها عبارات تطالب الحكومة الألمانية بالقبض على باقي الجناة، كما أطلقوا شعارات تدين تلك الجريمة وتنادي بالمحاسبة والمساءلة.
يقول محمود العبد الله، وهو أحد المشيعين، إنّ وجود المافيات لا سيما العربية منها أصبح خطراً على وجود المهاجرين في ألمانيا بشكل عام والسوريين منهم بشكل خاص.
ويضيف أنّ هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، لكنها الأشد بشاعة وأكثر جرأة "وهذا أمر لم يعد من الممكن السكوت عنه" فحماية اللاجئين هو مسؤولية الدولة الألمانية.
من هم القتلة
بحسب تقارير ألمانية فإنّ مكتب مكافحة الجرائم الفيدرالي في عدة ولايات، يعمل على ملاحقة ما بات يعرف بـ"عصابات العشائر العربية" وتعمل السلطات منذ منتصف 2019 على التضييق على تلك الجماعات لارتكابها جرائم منظمة على طريقة ألمافيا، فضلا عن سيطرتها وتحكمها بسوق المخدرات والممنوعات، وفرض إتاوات ومضايقات على سكان ألمان وأجانب في الضواحي.
من تلك العائلات "آل الزين" الذين يعتقد أنّهم يديرون أنشطة تجارة المخدرات في ألمانيا لصالح حزب الله اللبناني، لا سيما أنّهم مقربون منه. وفي الوقت نفسه، يتلقى "آل الزين" المساعدات الاجتماعية، رغم أنّهم يعيشون حالة ثراء فاحش وبذخ بسبب نشاطهم غير القانوني.
وبدأت سيرة "آل الزين" كعصابة منظّمة في ألمانيا بعد وصول محمود الزين إليها- الذي بات يطلق عليه اسم "عراب برلين" فيما بعد -، إبان الحرب الأهلية اللبنانية حيث كان يتزعم ميليشيا صغيرة هناك، ويقيم محمود الزين منذ أكثر من 19 عاما في ألمانيا من دون إقامة بعد أن رُفض طلب لجوئه.