في هذه القصة الخبرية تحدثنا الصحفية ساندرا عواد عن الطفل عبد الرحمن الذي تحول إلى مصدر إلهام بالنسبة لها دفعها لكتابة مزيد من أخبار الأطفال في هذا المجال، فتقول:
التقيت بعبد الرحمن في زيارة لمدرسته بريف دمشق خلال الصيف الماضي، وكنت وقتئذ أبحث عن خبر حول الأطفال الذين استفادوا من برنامج "المنهج ب" التعليمي الذي تدعمه منظمة اليونيسف، فأوحت إلي عيناه وحديثه المقتضب معي بأشياء حول شخصيته ومواظبته على ارتياد المدرسة على الرغم من التحديات التي يواجهها، إذ قال لي يومئذ: "يجرحني التنمر، إذ أشعر بحزن شديد عندما يشير أحدهم ليدي التي خسرتها"، ثم أخذ يشرح لي كيف كان يفكر بترك المدرسة في كل مرة يتعرض فيها لمضايقة من أطفال آخرين بسبب يده المبتورة.
عبد الرحمن ورفاقه في المدرسة
أعادت قصته لذاكرتي المضايقات التي تعرضت لها بسبب تقويم العمود الفقري الذي كنت أرتديه في المدرسة عندما كنت صغيرة بسبب معاناتي من مرض الجنف، فشرحت للصغير عبد الرحمن كيف قررت بالرغم من كل التعليقات الجارحة التي كنت أسمعها ألا أسمح لأحد أو لأي شيء بمنعي من مواصلة دراستي ومزاولة العمل الذي أحب.
الطفل عبد الرحمن
أخبرني والده، واسمه فايز، بالمصاعب التي تحملتها الأسرة بسبب النزاع، فقد أصيب أفرادها بجراح وخسائر، إذ توفي في النزاع شقيق عبد الرحمن الذي يكبره بعام واحد، وكان ذلك في عام 2017، بعد ذلك تعين على الأسرة أن تكدح حتى تستطيع أن تلبي أدنى متطلباتها، ولتأمين لقمة العيش خلال فترات النزوح وسنين الاقتتال.
وأنا في طريقي إلى البيت أخذت أفكر بهذا الصبي، فشعرت بحاجة للقيام بشيء لمساعدته، وهكذا بدأت بإجراء اتصالاتي.
وبعد مرور بضعة أيام، وبفضل شبكة علاقاتي التي تتجاوب معي والتي تضم أشخاصاً وشركاء تمكنت من الوصول إليهم، سُجّل عبد الرحمن بمركز للدعم النفسي تدعمه منظمة اليونيسف بمدينته دوما الواقعة في ريف دمشق، فبدأ يحضر جلسات نفسية-اجتماعية ضمن مجموعة بالإضافة إلى حضور جلسات استشارية فردية مع مدير حالة متخصص.
جلسات الدعم النفسي-الاجتماعي الجماعية التي يحضرها عبد الرحمن
كما قررت منظمة خيرية محلية في دمشق تواصلت معها من أجل تقديم الدعم تغطية نفقات تركيب يد اصطناعية لعبد الرحمن، والتي يتحدث عنها الفتى فيقول: "أرتدي يدي الجديدة كل يوم عندما أذهب إلى المدرسة، لأنها تجعلني أحس بأنني صرت أقوى"، ثم أضاف مبتسماً: "لن أفكر بالهرب مرة أخرى" وذلك عندما سألته عما إذا كان ما يزال يفكر بالتسرب من المدرسة بسبب التنمر.
واليوم، يحضر عبد الرحمن "المنهج ب" الذي تدعمه اليونيسف في مدرسته، وبرنامج التعليم المكثف هذا يساعد الأطفال الذين فاتهم شيء من التعليم باللحاق بأقرانهم في هذا المضمار. وفي الوقت ذاته، ما يزال عبد الرحمن يحضر جلسات الدعم النفسي-الاجتماعي، ولهذا أخذ يحدثني عن مدى جديته بالتعلم، وبأنه يحلم أن يصبح مهندساً ميكانيكياً.
لذا، فإن ما بدأ كرحلة للبحث عن خبر يدور حول طفل انتهى بلقاء حميم ذكرني بالأثر الذي يمكن للإنسان أن يخلفه عندما يظهر إنسانيته، وهذا ما دفعني لأكتب للأب فايز: "إنني أنا من يجب أن يشكر عبد الرحمن على السعادة التي أهداها لقلبي"، وذلك عندما أرسل لي رسالة يشكرني فيها على مساعدتي لابنه.
المصدر: UNICEF