أغلق العشرات من أهالي حي الهلالية الطريق الرئيسي في مدخل مدينة القامشلي الغربي احتجاجاً على قطع "قسد" المياه عن أحياء المدينة للأسبوع الثالث على التوالي، متهمين مسؤولي "قسد" ببيع مياه المحطة والاتجار بها.
قالت "شيرين سلي" (اسم مستعار) لسيدة من حي الهلالية لموقع تلفزيون سوريا: "المياه مقطوعة في حينا وكافة الأحياء الغربية في المدينة منذ عشرين يوماً. رغم مطالبنا المتكررة بحل مشكلة المياه، لم يوفر مسؤولو الإدارة الذاتية أي حلول حتى الآن".
وأكدت السيدة التي شاركت في احتجاجات اليوم: "سنستمر في الاحتجاجات وقطع الطرق حتى يتم توفير المياه وضخها لكافة أحياء المدينة. هذا حقنا، وعلى الإدارة الذاتية توفير أبسط مقومات الحياة لنا كونها نصبت نفسها سلطة علينا وتجني منا رسوم شهرية مقابل المياه والكهرباء والنظافة دون تقديم أي من هذه الخدمات".
ونوهت سلي إلى أن "محطة المياه والآبار موجودة في حينا وتعمل بشكل طبيعي، ونحن محرومون من المياه، فيما تتزود صهاريج التجار والإدارة الذاتية بالمياه من المحطة وتبيعها لسكان المدينة".
اتهمت السيدة الخمسينية "قسد" بخلق أزمة المياه بشكل مقصود في المدينة واستغلال الأزمة للتجارة بمياه المحطة. وقالت: "وصل سعر الألف لتر (خمسة براميل) من المياه إلى ٦٠ ألف ل.س بسبب حاجة السكان للمياه وسط ارتفاع درجة الحرارة وحلول العيد".
وأشارت "سلي" إلى أن "عملية نقل الصهاريج لمياه المحطة تحدث أمام أنظار سكان الحي، حيث يتم بيع قسم من المياه للسكان، وتقوم صهاريج أخرى بتزويد منازل ومزارع قياديي قسد والإدارة الذاتية بالمياه، فيما نحن وأطفالنا مشغولون بنقل المياه منذ أيام من عدة آبار لسكان الحي".
قسد تنتقم من المحتجين
خرج العشرات من أهالي حي الهلالية السبت في وقفة احتجاجية، هددوا خلالها باللجوء إلى قطع الطرق الرئيسية في المدينة تنديداً بقطع المياه عن الحي الذي توجد فيه محطة الضخ الرئيسية.
تفاجأ سكان الحي في اليوم التالي بضخ المياه للحي وتسربها في الطرقات بسبب قيام "مجهولين بتخريب خزان المياه المسؤول عن ضخ المياه لحي الهلالية".
قال "أبو حسن" من سكان الحي لموقع تلفزيون سوريا: "عملية تخريب المحطة كانت مقصودة وبفعل فاعل، انتقاماً من الاحتجاجات التي نظمها سكان الحي بسبب انقطاع الكهرباء والدعوة إلى قطع الطرقات".
يرى "أبو حسن" أن "الإدارة الذاتية تتعامل بشكل أمني مع مطالب السكان المحليين المحتجين على سوء الخدمات والبنية التحتية، وتهدد وترهب كل شخص يتحدث عنها".
وأشار إلى "استقدام قسد صباح اليوم دوريات أمنية وسيارات إطفاء بهدف فض الاحتجاج، قبل أن يتدخل وجهاء من الحي ويفضوا الاعتصام بعد منح مسؤولين في قسد وعوداً للمحتجين بحل مشكلة الضخ مساء اليوم، وتوعد الأهالي بالاعتصام مجدداً في حال عدم حل المشكلة".
"الإدارة الذاتية" تتذرع بانقطاع الكهرباء
ذكر مسؤولون في "الإدارة الذاتية" لوسائل إعلام محلية في وقت سابق أن سبب انقطاع المياه يعود إلى انقطاع الكهرباء عن خطوط الآبار في جميع المناطق، نتيجة عطل في خط "الطبقة - البواب 230 ك.ف".
أكد مصدر من مديرية الكهرباء لموقع تلفزيون سوريا اليوم الاثنين أن "محطة المياه في الهلالية تم تغذيتها بالكهرباء قبل يومين بعد انقطاع لم يتجاوز 12 ساعة".
نفى المصدر أن يكون سبب انقطاع المياه عن المدينة مرتبطاً بالكهرباء، متهماً "الإدارة الذاتية بالتسبب بتوقف الضخ بشكل مقصود وأيضاً بسبب التجاوزات على خطوط الكهرباء والمياه من قبل مسؤولي قسد والإدارة الذاتية، الذين تنتشر مواقعهم ومزارعهم في محيط المحطة".
وأشار المصدر ذاته في وقت سابق إلى أن "الكهرباء تصل القامشلي من الحسكة، وأيضاً من محطة توليد السويدية في المالكية. الكهرباء متوفرة على مدار 24 ساعة في مطار القامشلي والمربع الأمني في المدينة، وكذلك في المشافي العسكرية والمؤسسات الأمنية التابعة للنظام والإدارة الذاتية في المدينة".
توفر "قسد" الكهرباء المتواصلة لمناطق سيطرة النظام السوري، أو ما يعرف بالمربع الأمني في مدينتي الحسكة والقامشلي، فيما توفرها في أفضل الأحوال لساعة أو ساعتين يومياً لأهالي المنطقة.
انتشار الأمراض المعوية بسبب مياه الصهاريج
كشف طبيب مختص بالأمراض الداخلية لموقع "تلفزيون سوريا" قبل أيام عن ارتفاع حالات الإصابة بالأمراض المعوية بين سكان مدينة القامشلي، وخاصة الأطفال، بسبب اعتماد الأهالي على مياه الصهاريج.
أوضح الطبيب أن "مستشفيات القامشلي وعيادات الأطباء تستقبل يومياً عشرات حالات الإصابة بالإسهالات والأمراض المعوية مثل التهاب الأمعاء وحالات الغثيان، خاصة بين الأطفال، بسبب مياه الصهاريج غير المعقّمة".
شدد الطبيب على ضرورة "شرب المياه بعد غليها بهدف القضاء على الجراثيم والبكتيريا، كون عملية النقل وتعبئة المياه غير معروفة المصدر، ولا تخضع للتعقيم".
مشكلة المياه في القامشلي
يُشار إلى أنّ أزمة المياه في القامشلي ترتبط بشكل رئيسي بسوء حالة شبكة المياه، وعدم إجراء "الإدارة الذاتية" صيانة دورية وتطويراً لمحطات المياه إلى جانب ضعف الضخ وزيادة ساعات تقنين الكهرباء. السكان يعجزون عن سحب المياه الضعيفة أساساً من الشبكة، لعدم توفّر الكهرباء في ساعات الضخ القليلة.
منذ مطلع العام الجاري، تشهد مدينة القامشلي انقطاعاً كاملاً للكهرباء بعد القصف التركي لمحطة كهرباء السويدية ومحطات تحويل في المدينة، في حين توفّر "الإدارة الذاتية" الكهرباء لمناطق سيطرة النظام في المربع الأمني، والمؤسسات والدوائر الخدمية التابعة لها.