أثار منح جائزة نوبل للآداب لهذا العام للكاتب النمساوي بيتر هاندكه، حالة غضب وسخط وانتقادات حادة، لما يُعرف عن تأييد الكاتب لنظام الرئيس اليوغوسلافي والصربي الراحل سلوبودان ميلوشيفيتش، ومجرمي الحرب الصرب.
وأعلنت الأكاديمية السويدية يوم أمس الخميس فوز الكاتب النمساوي بيتر هاندكه بجائزة نوبل للأدب لعام 2019، وذكرت الأكاديمية في بيان أن هاندكه فاز بجائزة 2019 عن "عمله المؤثر الذي استكشف ببراعة لغوية حدود وخصوصية التجربة الإنسانية".
ومنذ الإعلان عن الجائزة، علت الأصوات الغاضبة في الأوساط الفنية والثقافية وخاصة في كل من البوسنة وكوسوفو وألبانيا. وانهالت التغريدات المنددة، والتي وصفت حصول هاندكه على هذه الجائزة بـ "الفضيحة الأخلاقية" للأكاديمية السويدية. في حين أشاد الإعلام الصربي ورئيس النمسا بفوزه بالجائزة.
وقال وزير خارجية كوسوفو السابق بيتريت سليمي في تغريدة على حسابه في تويتر "مرحباً جائزة نوبل. هل تعلمون أن هاندكه كان يدعم حصار سراييفو، واحتسى الخمر مع الجنود الذين كانوا يقنصون الأطفال وقال إن المسلمين يقتلون أنفسهم؟ مقزز".
وأضاف سليمي "هذا هو أكثر قرار عدائي ممكن، ماذا بعد؟ جائزة السلام للأسد؟"، في إشارة منه لبشار الأسد رأس النظام السوري الذي لا تقل جرائمه عن الجرائم التي ارتكبتها ميليشيا ميلوسيفيتش.
Hey @NobelPrize. You do know Handke was supporting #SiegeofSarajevo, drinking rakija with soldiers who were killing kids with snipers, stating "Muslims are killing themselves"? Disgusting. This is the single most offensive possible decision. What's next? Assad for Peace Prize? https://t.co/UaSxOLCV2Z
— Petrit Selimi (@Petrit) October 10, 2019
وكتب رئيس الوزراء الألباني إدي راما، في تغريدة نشرها عبر صفحته الرسمية على موقع تويتر، "لم أفكر يوما أنه بسبب جائزة نوبل سأشعر بالرغبة في القيء".
وتابع "بالنظر إلى الخبر المخزي الذي اتخذته السلطة الأخلاقية مثل أكاديمية نوبل، فقد تم ختم العار كقيمة جديدة، فلا يمكننا أن نكون بلا إحساس تجاه العنصرية والإبادة الجماعية".
Never thought would feel to vomit because of a @NobelPrize but shamelessnes is becoming the normal part of the world we live🤮After disgraceful choice made from a moral authority like the Nobel Academy shame is sealed as a new value👎NO we can’t become so numb to racism&genocide!
— Edi Rama (@ediramaal) October 10, 2019
ووصفت سفيرة كوسوفو في الولايات المتحدة فلورا سيتاكو، قرار الأكاديمية السويدية بأنه "أخرق ومخز".
وكذلك قال وزير خارجية كوسوفو جنت كاكاج في تغريدة "باعتباري شغوفا بالجمال الأبدي للأدب لإثراء التجربة الإنسانية، وضحية للتطهير العرقي والإبادة الجماعية، فقد شعرت بالفزع لقرار منح جائزة نوبل في الأدب لمنكر الإبادة الجماعية. يا له من عمل شائن ومخز نشهده في عام 2019!".
As a passionate believer in literature’s eternal beauty&power to enrich human experience&as a victim of ethnic cleansing&genocide, I’m appalled by the decision to award @NobelPrize in literature to a genocide denier. What an ignoble & shameful act we are witnessing in 2019!
— Gent Cakaj (@CakajGent) October 10, 2019
وطالبت جمعية "أمهات سربرنيتسا وزيبا" البوسنية، بسحب الجائزة من هاندكه، وأوضحت أمهات الضحايا، أنه من العار منح جائزة مهمة إلى شخص ينكر مذبحة سربرنيتسا، التي راح ضحيتها آلاف الأبرياء، وأصدرت المحاكم الدولية أحكاما في حق مرتكبيها.
وأطُلقت في ألبانيا عريضة تستنكر القرار، وقّع عليها حتى مساء اليوم أكثر من 30 ألف شخص.
ورغم أن هاندكه (76 عاماً)، الذي وُلد لعائلة ألمانية سلوفينية، يعد من أبرز الكتاب والشعراء الأوروبيين بعد الحرب العالمية الثانية، ويملك تجربة واسعة في الأعمال التجريبية، الروائية، والشعر أيضاً، ورغم أنه أصدر أكثر من 80 عملاً وهو من أكثر الكتاب قراءة في ألمانيا، إلا أنه عرف بتأييده التيار اليميني الصربي المتطرف منذ التسعينيات، وإنكاره ارتكاب القوات الصربية لأي إبادات جماعية أو مجازر حرب في حق البوسنيين.
وهو من أشد الداعمين لمجرم الحرب الصربي سلوبودان ميلوسيفيتش، المتهم بارتكاب جرائم حرب خلال ما يعرف بفترة حرب البوسنة، والذي توفي خلال محاكمته في محكمة الجنايات الدولية.
وقال هاندكه في جنازة ميلوسوفيتش إنه "يتفهم دوافع ميلوسوفيتش القاضية بحماية الصرب. وأن ما قام به، كان دفاعاً عن شعبه وأن هذا حقه، وأن مشاركته في الجنازة ما هي إلا إعلاء لقضية الصرب المحقة".
وسبق لهاندكه أن طالب بإلغاء جائزة نوبل معتبراً أنها "شكل من أشكال التقديس الزائف الذي لا يفيد القارئ بشيء".
ودخلت القوات الصربية، مدينة سربرنيتسا في 11 من يوليو/ تموز 1995، بعد إعلانها منطقة آمنة من قبل الأمم المتحدة، وارتكبت خلال عدة أيام، مجزرة جماعية راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني، تراوحت أعمارهم بين 7 إلى 70 عامًا.
تجدر الإشارة أن القوات الصربية، ارتكبت العديد من المجازر بحق مسلمين، خلال فترة الحرب، التي بدأت عام 1992، وانتهت 1995 بعد توقيع اتفاقية دايتون، وتسببت في إبادة أكثر من 300 ألف شخص، باعتراف الأمم المتحدة.