قبل نهاية العام 2023، ترأس رئيس النظام السوري بشار الأسد اجتماع اللجنة المركزية لحزب "البعث" الحاكم، لمناقشة جدول الأعمال المقترح حول التحضير لإجراء الانتخابات واختيار ممثلي الحزب إلى اجتماع اللجنة المركزية الموسّع.
وطرح "الأسد" خطة تتألف من 3 مراحل في وصول الأشخاص إلى اللجنة المركزية:
- الأولى: "انتخاب" من جميع الأعضاء الحزبيين العاملين لأوّل مرة، عدداً من الأشخاص الممثلين عن الحزب إلى اجتماعات اللجنة المركزية الموسّعة.
- الثانية: انتخاب شخص أو أكثر بحسب نصاب كل شعبة حزب لاجتماعات اللجنة المركزية الموسّعة، ثم ينتخب المُنتخبون أعضاء لجنة مركزية جديدة.
- الثالثة: أعضاء اللجنة المركزية الجديدة ينتخبون أعضاء القيادة المركزية الجديدة للحزب.
لكن السؤال كيف تجري هذه الانتخابات اليوم؟ وهل فعلاً تخلّى الحزب عن موضوع الاستئناس الحزبي واتجه نحو الانتخاب بشكل حقيقي ومن دون تدخل أمني أو سياسي؟
تقول مصادر مطلعة على مجريات ما يحدث في المحافظات السورية التي جرى فيها انتخابات على مستوى الشعب الحزبية، إنَّ أغلب المرشحين هم أعضاء سابقون في "مجلس شعب" أو أعضاء شعب حزبية أو مسؤولون من الصف الثاني (بينهم مَن هم على رأس عملهم)، مشيرةً إلى أنَّ الانتخابات الحالية تشهد عزوفاً عن الترشح والانتخاب معاً.
وتعزو المصادر عزوف السوريين وحتى مَن ينتمي لـ"حزب البعث" عن المشاركة، إلى سوء الوضع الاقتصادي والمعيشي وإلى معرفتهم المسبقة بعدم جدوى المشاركة، في ظل بقاء منظومة "البعث" بالعقلية والتفكير ذاته في إدارة البلاد.
وأضافت، أنه في إحدى شِعب حمص كان هناك 10 مرشحين من أصل 76 عضواً حزبياً يتنافسون على 6 مقاعد في الانتخابات، حضر منهم نحو 40 للمشاركة في الانتخاب، والباقي تغيَّب، ثم انسحب 4 من المرشحين وفاز الـ6 الباقيين بالتزكية.
وفي محافظة اللاذقية، وتحديداً في شعبة الحفة، تم قبول طلبات 20 بعثياً للترشح في انتخابات الشعبة، أكثر من نصفهم أعضاء شعبة سابقين.
مصدر من شعبة الحفة قال لـ موقع تلفزيون سوريا إنَّه "اتُفق على مَن سيفوز في انتخابات الشعبة بغض النظر عن نتيجة التصويت"، واصفاً ما حدث بـ"المسخرة"، إذ اجتمعت قيادة الشعبة وحدّدت أسماء الفائزين ومَن سيكون أميناً للشعبة ومَن هم الأعضاء الخمسة للشعبة.
وبعد اجتماع "الأسد" مع قيادات الحزب، في وقت سابق من العام المنصرم 2023، بدأت الشعب الحزبية، في 6 شباط الجاري، التحضير للانتخابات الحزبية، بعد تعيين "الأسد" لأعضاء اللجنة العليا للانتخابات، التي ستزور كل المحافظات بحجة الإشراف على العملية الانتخابية.
وفي كل محافظة سوريّة توجد شعبتان للحزب أو ثلاث تُسمّى شعبة المدينة (أولى وثانية وثالثة)، وشعبة في كل منطقة ويبدأ التسلسل الحزبي التنظيمي من المستوى الأدنى (حلقة - فرقة - شعبة - فرع - قيادة).
واليوم تجري الانتخابات على مستوى الشُّعَب لاختيار أمين الشعبة والأعضاء ومن ثم الفروع (أمين فرع وأعضاء) التي تُنتخب من قبل أعضاء الشُّعب، وبدأت محافظات (حمص، حما، الرقة، حلب، إدلب) بـ"الانتخابات" على أن تليها بقية المحافظات.
وتتكرّر نفس الأسماء منذ 10 سنوات في أغلب قوائم الترشح لانتخاب الشُعب الحزبية، وينجح مَن يكون متفقا عليه مسبقاً، خصوصاً منصب أمين الشعبة، المُختار بناءً على توجيهات سياسية وأمنية، وفقاً للمصادر التي أفادت لـ موقع تلفزيون سوريا بأنَّ "أمين الفرع وأعضاءه يخضعون للمعايير السياسية والأمنية ذاتها".
وأشارت المصادر إلى أنَّ المستفيد الأكبر مما يسمى انتخابات بعثية، رئيس وأعضاء اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات، إذ لديهم جولة في المحافظات والمدن السورية مدفوعة التكاليف بحجة مراقبة سير العملية الانتخابية.
وتجري هذه الانتخابات تحت شعار "لنصوت لبعث أفضل"، وتستمر حتى انتهاء كل الشعب الحزبية من انتخاباتها تحت إشراف اللجنة العليا، التي يرأسها خليل مشهدية.
وتعليقاً على ذلك، يرى عضو قيادة فرع سابق بحزب "البعث" مقيم في حلب، أنَّ "انتخابات البعث ستنتج ذاتها، سواء تغيرت القيادات الحالية أم بقيت"، معللاً ذلك ببقاء نهج البعث دون تغيير أو تعديل منذ الستينات وحتى الآن.
ويضيف لـ موقع تلفزيون سوريا أنَّ "الأسد بدَّل الاستنئاس الحزبي بالانتخاب، ولكن ما يجري هو استنئاس تحت غطاء الانتخابات الشكلية"، مشيراً إلى أنَّ كل قوائم المرشحين تخضع للدراسات الأمنية والسياسية التي تقيس درجة الولاء للمرشح الحزبي، عدا عن وجود مناصب حزبية مثل أمين فرع وعضو قيادة أو لجنة مركزية تحتاج للرشاوى والولاء حتى يظفر بها المرشح.
يختم العضو البعثي السابق حديثه بالقول: إنَّ "تعيين مختار لأية قرية يحتاج إلى موافقة الحزب والأمن، اللذين شرَّعا الفساد والرشوة في مفاصل الحياة الحزبية والوظيفية، فكيف بأعضاء قيادة الحزب على مختلف المستويات؟".