اليوم العالمي للجوء أصبح يوماً للسوريين

2024.06.23 | 06:14 دمشق

آخر تحديث: 23.06.2024 | 06:14 دمشق

لاجئون سوريون
+A
حجم الخط
-A

تحتفل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين باليوم العالمي للاجئ في العشرين من شهر حزيران كل عام، وتعلن دعوتها للتضامن مع اللاجئين وتحذر من التقاعس واللامبالاة في ضوء تزايد أعداد الفارين من الموت والاضطهاد والمهجرين قسرياً حول العالم، ولاسيما من البلدان التي تشهد صراعات ونزاعات مزمنة وحروبا. وفي هذا العام، تعلن المفوضية أن 117.3 مليون شخص قد نزحوا قسرياً في جميع أنحاء العالم حيث صنفتهم بين لاجئ وطالب لجوء وطالب حماية ونازح داخلي.

وباعتبارها جهة تقدم المساعدة الهادفة لإنقاذ الأرواح وبناء مستقبل أفضل لملايين الأشخاص الذين نزحوا من ديارهم بفعل الحروب والنزاعات والاضطهاد الإنساني والاجتماعي، فهي تقرع جرس الإنذار وتحذر من تفاقم الأزمات الإنسانية، هذا إلى جانب ما تقوم به على الأرض من جهود كبيرة في الاستجابة لمتطلبات هذا التدافع الإنساني في ممرات الخلاص ومحاولات النجاة، وكذلك في مواجهة التحديات الكبيرة التي تحيط بهذا الملف الشائك.

تأتي النسبة الأكبر من اللاجئين على مستوى العالم اليوم من سوريا وأفغانستان، حيث يبلغ عدد اللاجئين من كل من البلدين 6.4 ملايين لاجئ، وكلاهما يعادلان معاً ثلث اللاجئين ممن هم تحت ولاية المفوضية. تليهما فنزويلا (6.1 ملايين لاجئ وسواهم من الأشخاص المحتاجين للحماية الدولية) وأوكرانيا (6 ملايين لاجئ) حسب مصادر المفوضية.

هذا يعني أن اليوم العالمي للاجئ أصبح يعنينا نحن السوريين بدرجة كبيرة، فقد أفرز سياق الصراع في سوريا وعليها الملايين من اللاجئين والمهجرين قسرياً وأصبح السوريون يتصدرون الأرقام في قوائم اللجوء حول العالم وعلى مدى أكثر من عقد من الزمن حتى أصبح هذا النزيف البشري مقلقاً للمجتمع الدولي ولمنظماته العاملة في المجال الإنساني، علاوة على كونه خطراً يهدف إلى التغيير الديمغرافي في سوريا وتكريس حالة القمع والخوف التي يريدها نظام الحكم.

وفي هذا السياق، لعله من المفيد تسليط الضوء على ضرورة التمييز بين ظاهرة اللجوء كعَرض ونتيجة لأزمة تسببت بها وبين السبب الأساسي الذي أدى إلى فعل اللجوء والتهجير القسري. المعالجة تكون باتجاهين اثنين: الأول يكون التركيز فيه على إيجاد حلول للنزاعات وإبطال مفعول الأسباب الدافعة للجوء، والثاني يكون فيه التركيز على إدارة ملف ظاهرة اللجوء من خلال تحمّل المنظمات الدولية الإنسانية لمسؤولياتها وتحقيق الاستجابة الحقيقية والفاعلة للتخفيف عن هذه المجاميع البشرية التي تفر من الموت والاضطهاد وتسلك الطرقات المحفوفة بالمخاطر المختلفة.

وفي هذا السياق، لعله من المفيد تسليط الضوء على ضرورة التمييز بين ظاهرة اللجوء كعَرض ونتيجة لأزمة تسببت بها وبين السبب الأساسي الذي أدى إلى فعل اللجوء والتهجير القسري

طريق اللاجئ يبدأ من التهديد الكبير في بيئته الطاردة ويستمر خلال رحلته مع خطر المتاجرة به واستغلاله من قِبل عصابات تهريب البشر إلى أن يصل إلى مخاطر وتحديات قانونية في البلدان التي يمر عبر أراضيها وحدودها، وتستمر معه التحديات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية حتى بعد حصوله على حق اللجوء في بلدٍ آمن. تشير مصادر المفوضية إلى أن ما يزيد عن 7600 شخص ماتوا غرقاً في البحر المتوسط خلال السنوات الثلاث الأخيرة و950 شخصاً فُقدوا في الصحراء الكبرى في أثناء محاولات العبور.

في علم إدارة الأزمات وحل المشكلات، تكون الأولوية لتحديد السبب الرئيس للمشكلة أو الأزمة ومعالجته ولا تكون لمعالجة أعراض ومظاهر المشكلة. هنا تقع المسؤولية على صناع القرار من الجهات الدولية والأممية والجهات الفاعلة في الصراع. الحالة السورية ليست استثناءً من المنطق العلمي في إيجاد الحلول، وعلى من يبحثون عن حلول التوجه بشكل مباشر نحو السبب الرئيسي والمباشر لأزمة النزيف البشري السوري.

إذا كان التشخيص نصف العلاج كما يقول الأطباء، فكل ما حدث وما سيحدث وما لم يحدث يؤشر إلى أن استمرار نظام الحكم في سوريا بكامل تعنته وعدائيته، أصبح خطراً حقيقياً على سوريا أولاً وعلى المحيط الإقليمي والدولي ثانياً. هو السبب الرئيس لكل حالات التدمير والتخريب والأذى لمكونات البيئة السورية من موارد إنسانية واقتصادية واجتماعية، وهو السبب المباشر لموجات اللجوء الكبيرة التي تتدفق من كامل الجغرافيا السورية. لا يخفى على أحد أن النظام يستخدم التهجير سلاحاً لمعاقبة السوريين الذين جاهروا بحلمهم بالحرية، وكذلك يستخدم اللجوء للضغط والمساومة مع المجتمع الدولي ودول الجوار لتحقيق مكاسب سياسية. لا يعنيه بحالٍ من الأحوال الوضع الإنساني والظروف التي يعيشها السوريون المهجرون أو اللاجئون، بل أصبح يضمن مناهج التعليم في مناطق سيطرته دروساً عن منافع الهجرة والتهجير.

إذا كانت هناك جهود أممية ودولية للفاعلين في الملف السوري، يجب تركيزها وتوجيهها نحو إيجاد حل جذري وشامل للصراع في سوريا، وأن يكون الحل ملبياً لطموح السوريين وحقهم في إعادة بناء بلدهم من خلال إقامة دولة القانون والمواطنة التي تضمن لهم العيش بكرامة وحرية. هنا لابد من الإشارة إلى أن المعارضة السياسية الرسمية المتمثلة بالائتلاف الوطني أو هيئة التفاوض أو اللجنة الدستورية وأي مسار جانبي كمسار أستانا أو سوتشي، جميعهم معفون من هذه الجهود نظراً لانشغالهم بجهودهم الخاصة التي تقع خارج نطاق القضية السورية.