أعلنت الولايات المتحدة وحلفاؤها يوم الثلاثاء عن سيطرتهم على آلة دعائية روسية متطورة استعانت بالذكاء الصناعي لإدارة نحو ألف حساب سري على منصة إكس.
على الرغم من تزايد اعتماد الحكومات على الذكاء الصناعي خلال العام الماضي في نشر رسائل موجهة لشرائح أوسع من الناس بمصداقية أعلى، تم القضاء على تلك الشبكة بطريقة غير معهودة، لأن وكالات الاستخبارات الغربية تعقبتها فوصلت إلى ضابط روسي كبير في جهاز المخابرات الروسي كما وصلت إلى رئيس تحرير سابق لموقع روسيا اليوم التابع للدولة، وذلك بحسب ما ورد في ملفات المحكمة.
الاستعانة بـ"الأرواح"
وفي تقرير استشاري مفصل مشترك صادم، تعرفت وكالات الاستخبارات في كل من الولايات المتحدة وهولندا وكندا على عدة برمجيات استخدمت لإدارة الشبكة، بينها برنامج يعرف باسم Meliorator وهو برنامج ينشئ مستخدمين وهميين يطلق عليهم تسمية "الأرواح" في عدد من البلدان. وقد تمكن مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركي من تحصيل أمر من المحكمة يبيح له السيطرة على نطاقين عبر الإنترنت حيث جرت عملية تسجيل دخول لعنواني بريدين إلكترونيين كانا وراء تلك الحسابات الوهمية.
وفي بيان لمكتب التحقيقات الفيدرالية، صرح مديره كريستوفر راي بالآتي: "تعتبر الإجراءات التي اتخذت اليوم الأولى من نوعها في مجال تعطيل مزرعة للروبوتات على وسائل التواصل الاجتماعي تمولها روسيا وتعتمد على الذكاء الصناعي التوليدي المعزز، وقد كان هدف روسيا من وراء الاستعانة بهذه المزرعة نشر معلومات خارجية مغرضة يولدها الذكاء الصناعي، وقد وسعت روسيا نطاق عملها بمساعدة الذكاء الصناعي بهدف تدمير شركائنا في أوكرانيا وللتأثير على السرديات الجيوسياسية التي تناسب الحكومة الروسية".
خطة للتوسع على بقية المنصات
بيد أن هذه الحسابات الوهمية التي اعتمدت على سير ذاتية مفصلة كثيراً نشرت محتوى أصلياً، في حين قامت مجموعة داعمة تضم حسابات عامة بالإعجاب بتلك المنشورات ومشاركتها. ولم يرد المسؤولون على الأسئلة التي تتعلق بعدد المستخدمين الحقيقيين الذين شاهدوا المنشورات، وهل انتشرت تلك الرسائل أبعد من ذلك، ولذلك لم يتضح مدى فعالية تلك الحملة بعد.
تهرب النظام من أحد أساليب منصة إكس للتحقق من مصداقية المستخدمين وذلك عبر النسخ التلقائي لمرة واحدة فحسب لرموز المرور المرسلة لحسابات بريد إلكتروني مسجلة، ويرى المسؤولون بأن الإشارات إلى فيس بوك وإنستغرام ضمن تشفير البرنامج تشير إلى أن العملية هدفها التوسع على هاتين المنصتين أيضاً.
وقد نصحت وكالات الاستخبارات شركات التواصل الاجتماعي بتحسين أساليبها في تعقب أي تصرف آلي بشكل صريح.
وامتثلت منصة إكس بأمر المحكمة القاضي بتقديم معلومات حول تلك الحسابات لمكتب التحقيقات الفيدرالية، ثم حذف الحسابات، بيد أن الشركة لم ترد على الأسئلة التي وجههتها لها صحيفة واشنطن بوست حول هذا الموضوع.
قطرة من الفيض
من جانبها، شكرت وزارة العدل الأميركية منصة إكس على تعاونها خلال التحقيق، في مؤشر لتحسن التواصل بين الحكومة وكبرى شركات التواصل الاجتماعي بعدما أيدت المحكمة العليا حق المسؤولين في الإشارة إلى عمليات التدخل الأجنبي.
يخبرنا جون سكوت-ريلتون وهو باحث لدى مؤسسة غير ربحية أميركية تعرف باسم مخبر المواطن، بأن الدول تلك قدمت معلومات مفصلة حول العمليات الداخلية لشبكة الروبوتات حتى تساعد المحققين والشركات الأخرى في التعرف على ما ينبغي عليهم البحث عنه، وقال: "لا تعتقد تلك الدول بأن هذه المشكلة تحدث في أي مكان آخر، ولهذا فقد شاركوا معلومات كثيرة حولها".
تظهر الوثائق بأن الأنماط اللغوية الموسعة للذكاء الصناعي ساعدت ناشري الدعاية الروسية على توسيع نطاق عملياتهم كما ساعدتهم في الترجمة، وساعدتهم في تجنب برامج التفتيش والبحث التي تتعقب أي استخدام متكرر لعناوين بروتوكول الإنترنت نفسها وغير ذلك من المعرفات.
ولكن هنالك كثير من النظم الأخرى جرى تشغيلها منذ فترة طويلة، ولابد أن تتحسن كونها تتكيف مع ما يمكن الكشف عنه وما يمكن تجاوزه، ولهذا يقول سكوت-ريلتون: "إن هذا لم يصل حتى إلى مستوى الغيض من الفيض، بل إنه مجرد قطرة صغيرة من الفيض الكبير".
المصدر: The Washington Post