دعت فعاليات صناعية ومواقع وشخصيات موالية، حكومة النظام إلى إغلاق مهرجانات التسوق التي تقيمها في عدة محافظات ومن بينها العاصمة دمشق بسبب انتشار فيروس كورونا بشكل متسارع، وعدم وجود قوة شرائية لدى الأهالي، كما أكد عدد منهم لموقع تلفزيون سوريا، بينما تواصل وسائل إعلام النظام الرسمية الترويج لمهرجانات التسوق.
وقال عضو غرفة صناعة دمشق وريفها، محمود الزين: "الطلب ضعيف في مهرجانات التسوق، وحالة الجمود ضربتها كما الأسواق ومهرجانات التسوق تحولت إلى جولات ترفيهية فقط بالنسبة للمواطنين، لا أكثر ولا أقل، لعدم وجود قوة شرائية، فالجمود هو سيد الموقف، لذا لا يوجد أي مبرر لمثل هذه المهرجانات وسط الظروف التي تعاني البلاد من انتشار فيروس كورونا المستجد". بحسب ما نقلته صحيفة الوطن الموالية في نبأ مقتضب بعد أن غطت بشكل واسع فعاليات المهرجانات .
من جانبه ذكر موقع الخبر أنه على رغم من جميع التحذيرات التي تطلقها وزارة الصحة عن ضرورة الالتزام بالإجراءات الاحترازية اللازمة للتصدي لفيروس كورونا، والابتعاد عن التجمعات، تتابع المهرجانات مسيرتها الكورونية بحسب تعبيره، مشيرا إلى أن المهرجانات باتت دعوة مفتوحة للاحتكاك المباشر دون أي مراعاة للتباعد الاجتماعي أو الإجراءات الوقائية الواجب اتخاذها.
وأضاف الموقع أن الأسعار التي يفترض أن تكون مناسبة للجميع، جاءت مخيبة للآمال، حيث لم تشكل أسعار بضائع المهرجان فرقاً يذكَر عن أسعار السوق، فالفروقات الملموسة قام المواطن بدفعها أجور مواصلات.
وانتقد الفنان باسم ياخور حكومة النظام التي وصفها بـ "العاجزة" عن اتخاذ الإجراءات اللازمة التي من شأنها إيقاف انتشار فيروس كورونا في البلاد. متسائلا عن سبب عدم تأجيل مهرجانات التسوق التي تقام في العاصمة دمشق، وأرفق صورة مع منشوره في فيس بوك، تظهر تجمعا شعبيا كبيرا في أحد مهرجانات التسوق في دمشق، قائلاً: "والله مو حابب اتفلسف بس يعني مهرجان ما بيتأجل بهيك ظرف".
وتشهد المحافظات التي تسيطر على قوات النظام ستة مهرجانات للتسوق أكبرها تلك التي تقام في مدينة دمشق تحت عنوان "خيراتك ياشام" و"سوريا تجمعنا" والتي أعلن افتتاحها وزير التجارة الداخلية طلال البرازي مبتدئا من مهرجان الألبسة والمواد الغذائية الذي أقامته غرفة صناعة دمشق وريفها وفرع المؤسسة السورية للتجارة بريف دمشق بمناسبة حلول عيد الأضحى في مجمع جرمانا .
كما افتتح البرازي ومحافظ دمشق عادل العلبي في 29 من تموز الماضي مهرجان "الغالي بيرخص لكم" الذي تقيمه محافظة دمشق على مدينة المعارض القديمة والذي يعد أكبر سوق مركزي للبيع في المحافظات .
وأصدر مجلس الوزراء التابع للنظام يوم الأحد 26 من تموز، بيانا قال فيه إن المرحلة الحالية تتطلب درجة عالية من الوعي والمسؤولية، لجهة التقيد بالإجراءات الاحترازية للتصدي لوباء كورونا والحد من انتشاره وقرر مجلس الوزراء إغلاق جميع صالات المناسبات (الأفراح، العزاء) حتى إشعار آخر.
وبحسب ما نقلته وكالة أنباء النظام الرسمية "سانا"، فإن المجلس كلّف الوزارات باتخاذ مزيد من الضوابط والإجراءات الاحترازية لمنع انتشار الفيروس.
وبينت وزارة الصحة في بيان أمس السبت أن عدد الحالات المسجلة للإصابة بفيروس كورونا، والذي بلغ 780 حالة حتى الآن، يمثل فقط الحالات التي أظهرت نتيجة إيجابية على فحص PCR فقط، في حين توجد حالات " لا عرضية " في البلاد، ولا تملك الوزارة الإمكانيات لإجراء المسحات العامة في المحافظات لتقصيها، مرجعة ذلك للحصار الاقتصادي المفروض على البلاد.
أسعار مرتفعة
قال عدد من الأهالي لموقع تلفزيون سوريا مفضلين عدم ذكر أسمائهم إن أسعار المواد الأساسية المطروحة للبيع في مهرجانات التسوق لا تختلف عن الأسعار في الأسواق وإن وجدت بعض المواد بأسعار أقل بعض الشيء عن الأسواق فإن نوعيتها تكون رديئة .
وتساءلوا عن جدوى إقامة مثل هكذا مهرجانات طالما أن أسعارها محلقة كما السوق وفي ظل اتساع انتشار فيروس كورونا ، وأشار أحد هؤلاء إلى وجود محل لبيع المواد الغذائية في دمشق يبيع أكثر مما يبيعه مهرجان التسوق بمجمله ، لسبب بسيط وهو أن أسعاره أقل بشيء بسيط عن المهرجان والسوق، خاصة أن الأهالي يبحثون عن أرخص الأسعار في ظل تفاقم أوضاعهم المعيشية.
ويجيب الكاتب والصحفي أحمد مظهر سعدو في تصريح لموقع تلفزيون سوريا عن التساؤلات حول إصرار النظام على إقامة المهرجانات بالقول: "إن النظام لم يكن في يوم من الأيام معنياً أو مهتماً بصحة المواطن السوري ولا سلامته ولا أمنه الغذائي وهو بعدم إيقافه المهرجانات رغم تسارع انتشارع فيروس كورونا يؤكد أنه مصر على استمرار تدفق الأموال إلى جيوب شبيحته وتجاره الذي أثروا على حساب أرواح الناس وتاجروا بكل شيء حتى بأرواح البشر".
ويضيف "سعدو" أن النظام يريد أن يبقى مستمرا في كذبه على الداخل والخارج بأنه لا يزال في كامل نشاطه وحيويته الاقتصادية وحتى السياحية بينما يعرف الجميع المستوى الفاقع من النهب والفساد الذي أوصل السوريين إليه وإلى أن يكون أكثر من 80 بالمئة منهم تحت خط الفقر وأكثر من 50 بالمئة تحت خط الفقر المدقع حسب التصنيفات الأممية.
ويتفق مع هذه الرؤية الكاتب والصحفي حسام جزماتي ويقول إن النظام يريد من خلال إصراره الاستمرار في إقامة المهرجانات أن يقول للداخل والخارج إن الحياة مستمرة بشكل طبيعي حتى لو كان ذلك على حساب صحة الناس.
ويؤكد الباحث الاقتصادي مصطفى السيد أن تواصل مهرجانات التسوق يوضح بشكل جلي اختلال الرؤية في مواجهة فيروس كورونا فالحكومة عدت الجائحة فرصة إضافية لزيادة تسلطها على الشعب ونهبه ضمن استراتيجيات النهب المنظمة المتواصلة والمتجددة للشعب السوري بينما يأتي تواصل مهرجانات التسوق دون الاهتمام بالإنسان وسلامته كخطوة إضافية توضح مدى ابتعاد السياسات الحكومية عن الحد الأدنى من الاهمام بالإنسان ووجوده.
إعلام النظام يروّج
اللافت أن وسائل إعلام النظام الرسمية قامت بتغطية واسعة لمهرجانات التسوق من خلال التقارير الإخبارية والمصورة والتحقيقات وتصريحات القائمين عليها والمسؤولين الحكوميين، صبت في معظمها في إطار التسويق لهذه المهرجانات في إطار بروباغندا على إيقاع واحد وصفها الأستاذ في جامعة دمشق سابقا طلال مصطفى بأنه منفصل عن الواقع وكاذب، ويتحدث عن مهرجانات التسوق وغيرها وهو العارف أن العائلة السورية لا تستطيع تأمين الحدود الدنيا من المعيشة لأفرادها.
وأضاف الدكتور مصطفى أن نسبة 85 في المئة من السوريين تحت خط الفقر وهم مهددون بالجوع. مشيرا إلى دراسة استقصائية أجريت على عينة من السوريين أظهرت أن النظام لا يتمتع بالشفافية في الإعلام عن ظاهرة كورونا، وقال: "هناك تكتم عن العدد الحقيقي للمصابين والمتوفين بالفيروس في سوريا مرجعا السبب إلى أن النظام الذي هجر نصف الشعب السوري وقتل أكثر من مليون سوري لا يمكن أن يهتم بصحة المواطنين ويتخذ إجراءات تخفف من الإصابات بفيروس كورونا" .
وتابع "أعتقد أن النظام يسعى لقتل أكبر عدد من السوريين بفيروس كورونا لأنه يعتبر الشعب السوري عدوه الحقيقي فمن الطبيعي أن يهتم بمهرجانات التسوق على حساب الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا ".
ويبدو أن انفصال النظام عن الواقع وإقناع الأهالي من خلال قفزه إلى الأمام وتصوير الحياة في البلاد بأنها تسير بشكل اعتيادي، ستضرب ما تبقى للأهالي من فتات لا تزال تبقيهم على قيد الحياة، فالتصريحات والشعارات الجوفاء والمهرجانات والأضواء والصيغ الإعلامية "الغوبلزية" بخلق بديل بالشكل بهدف تصوير السنوات الماضية على أنها استثناء وأن الثورة كانت حادثاً عرضياً خارجياً انتهى، لا أساس واقعيا لها فهي محصورة في أذهان نسبة قليلة من بين 15 في المئة ممن هم فوق خط الفقر .