تفشت ظاهرة عمالة الأطفال في دمشق بشكل لافت للنظر، حيث يقدّر بعض الخبراء أن عشرات آلاف الأطفال تركوا مقاعد الدراسة سعياً وراء مصدرٍ للزرق يعيلهم وأهاليهم، من خلال العمل في مهن تُصنف على أنها "سيئة" أو "قاسية"، مثل نبش القمامة ومسح السيارات على إشارات المرور.
وقال معاون وزير الشؤون الاجتماعية والعمل التابع للنظام السوري محمد فراس نبهان، إن وجود أطفال على إشارات المرور أو في الطرقات يندرج تحت باب التسوّل، وفق ما نقلت عنه صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، اليوم الإثنين.
وتتخذ وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إجراءات بحق هؤلاء الأطفال بالتعاون مع وزارات الداخلية والعدل والسياحة، بتخصيص أرقام ثلاثية ساخنة بالتنسيق مع قيادات الشرطة في المحافظات التي يسيطر عليها النظام، للإبلاغ عن هؤلاء الأطفال والقبض عليهم وإيداعهم في السجن، بحسب نبهان.
وعلى الرغم من زعم معاون الوزير، التنسيق مع بعض الجمعيات الخيرية والقضاء لإحالة الأطفال بحسب الحالة والفئة العمرية والجنس إلى دور الرعاية والتأهيل، لإعطاء إجراءات النظام بعداً إنسانياً، إلا أن قوانين النظام نفسه تجرّم التسول بشكل واضح، وتعاقب عليه بالسجن والغرامات المالية.
التحرش والاستغلال الجنسي
واعتبرت رئيسة قسم أصول التربية في كلية التربية بجامعة دمشق منى كشيك، أن استمرار عمل عشرات آلاف الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 18 عاماً، في مهن تصفها منظمة العفو الدولية بالقاسية، دليلاً على أن إجراءات وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل غير كافية للحد من هذه الظاهرة.
بيّنت كشيك، أن الأطفال يعملون في مهن مثل أعمال البناء الصعبة، وورشات الخياطة وصيانة السيارات وغسيل السيارات، وغيرها من المهن التي تتطلب جهداً عضلياً يفوق قدراتهم الجسدية.
ويتعرض هؤلاء الأطفال إلى شتى صنوف المخاطر، وأبرزها التحرش والاستغلال الجنسي، إذا يستغل أرباب العمل حاجة الأطفال إلى المال وخوفهم من الإبلاغ عن هذه الحوادث، بحسب كشيك، التي رأت أن الحل يتمثل في توفير فرص تعليم لهم إلى جانب التمكين المهني، لا سيما وأن الكثير من هؤلاء الأطفال فقدوا والديهم أو ليس لديهم معيل.
عمالة أطفال أم تسول؟
وبعكس توصيات الاختصاصيين، يصر النظام السوري على إعطاء بعد إنساني لإجراءاته العقابية بحق ضحايا عمالة الأطفال، واتهامهم على جميع المستويات القضائية والإعلامية بالتسول والخداع.
وغلّظت قوانين النظام عقوبة التسوّل بغرامة تتراوح بين 100 و500 ألف ليرة سورية، وفي حال اصطحاب الأطفال للتسول يتم تشديد العقوبة، وتصل للسجن 7 سنوات في الأحد الأعلى، بحسب قاضي التحقيق الثاني بدمشق محمد خربوطلي.
وزعم خربوطلي في شهر كانون الثاني الماضي، أنّ 99% من المتسولين غير محتاجين، وأنهم يتخذون التسول مهنةً، ومن يقوم بهذا الفعل يحصل على المال من دون تعب.