أطاح الاجتماع المصغَّر لرئيس النظام السوري بشار الأسد مع حكومته منذ أيام، بمدير عام هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة "إيهاب اسمندر" لصالح تعيين "ثريا إدلبي" كنتيجة وحيدة للاجتماع، الذي ناقش توسيع رقعة انتشار المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وفي نهاية عام 2023 أصدرت حكومة النظام "دليل تعريف المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة" الذي صنَّف المشروعات من حيث تبعيتها القطاعية (زراعي، صناعي، تجاري، خدمي) أو من حيث تصنيفها الحجمي.
سياسات مالية وجمركية "مهجّرة"
مصادر اقتصادية مطَّلعة في العاصمة دمشق، أكدت لموقع تلفزيون سوريا، أنَّ المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر لن تنجح في وقت هجَّرت قرارات حكومة النظام الصناعيين والتجار عبر سياساتها المالية والجمركية.
وتضيف، أن نجاح هذا النوع من المشاريع يحتاج إلى وضع استراتيجية مالية وضرائبية بعيداً عن مزاعم غياب الهيكليات الإدارية السليمة.
وأوضحت المصادر أنَّ العقبة الرئيسية أمام نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة تكمن في التمويل، إذ إن قروض المؤسسات المالية التابعة للنظام تقضي على هذه المشاريع قبل بدئها من جراء نسب الفائدة المفروضة على القروض وشروط الحصول عليها، عدا عن إجراءات الترخيص المعقدة.
وشددت، على أنَّ تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة يجب أنّ يكون بلا فوائد حتى تستطيع تلك المشاريع النمو ومن ثم الإنتاج وصولاً لمرحلة الاستقرار لدعم السوق بمنتجات بديلة عن المنتجات المستوردة.
وتعاني المشاريع الصغيرة والمتوسطة من مشكلات التمويل والقروض ذات الفوائد المرتفعة، فضلاً عن عدم توفر الكهرباء وصعوبة التراخيص وإجراءاتها المعقدة.
وكان وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بحكومة النظام سامر الخليل قد أقر بحديث لتلفزيون النظام الرسمي، بوجود تعقيدات في إجراءات ترخيص المشاريع الصغيرة والمتوسطة قائلاً: "هناك 20 جهة للتخطيط، و27 جهة للتنظيم، و40 جهة للتنفيذ وكلها مرتبطة بترخيص المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر".
عدا عن ذلك، يعتبر توفر الخدمات (كهرباء - مياه- محروقات ) العامل الرئيسي في إنجاح المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة، وفقاً للمصادر الاقتصادية، التي أشارت إلى أنَّ أي مشروع متناهي الصغر (مشروع منزلي) لا يمكن البدء به دون توفر هذه المستلزمات.
شروط معقدة وعقبات أمام المشاريع الصغيرة في سوريا
من جانبه قال يحيى، وهو مدرس في إحدى مدارس اللاذقية لـ موقع تلفزيون سوريا "إنَّ مشروع فتح دورات تقوية (تعليمة) للطلاب كمشروع صغير في المنزل أضحى يحتاج إلى ترخيص وسجل صناعي"، مضيفاً أنَّ من بين شروط الترخيص توفر مساحة كبيرة وحديقة للمنزل.
تعليقاً على ذلك، قال خبير اقتصادي مقيم بدمشق لموقع تلفزيون سوريا، إنّ "فرض الترخيص على من يريد إعطاء دروس خصوصية في غرفة من منزله يقضي على فكرة المشروع المتناهي الصغر، وهو ما تقوم به حكومة النظام، إذ إنَّ فتح مشروع منزلي لتغطية نفقات الأسرة يجب أن يكون مدعوماً ومعفياً من الترخيص وإجراءاته وشروطه المعقدة"، وفقاً للخبير.
وفي ذات السياق، اعتبرت، وزيرة الاقتصاد السابقة بحكومة النظام لمياء عاصي، أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر "بمثابة الفرصة الذهبية لانتعاش الاقتصاد المنهك"، لكنها بقيت كـ "عناوين وشعارات لم تحقق أي تقدم ملموس في سوريا"، وفقاً لقولها.
وذكرت في منشور لها على صفحتها على منصة فيس بوك، أنَّ السياسات الحكومية لم تنعكس ايجاباً على تلك المشروعات، وإنما بقيت أسباب تعثر المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر "قيد التجاهل وعدم المعالجة بشكل حقيقي".
وأكدت على أنَّ من أسباب فشل تلك المشاريع عقبات الوصول الى رأس المال والتمويل، والانسداد الذي تواجهه بالنسبة لعملية التسويق، والإجراءات المعقدة والبيروقراطية التي تكتنف تأسيس وتشغيل تلك المشاريع الصغيرة، وهذه قد تدفع بعضها للعمل في الظل تحت تهديد الإغلاق في أية لحظة.
وبحسب بيانات "هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة" يوجد في مناطق النظام حوالي 461 ألف مشروع شغال من أصل 777957 مشروعاً.