أعاد مارك زوكربيرج بتحويل اسم شركة فيس بوك إلى "ميتا" تسليط الضوء على الميتافيرس وتطبيقاته، ودفع ملايين الأشخاص إلى البحث للتعرف إلى هذا الواقع الافتراضي وعوالمه المتشعبة، مما شجع شركات أخرى على تطوير تطبيقاتها وبناء منتجاتها الفريدة لتسويقها وبيعها للمستخدمين.
ما هو الميتافيرس؟
الميتافيرس هو دمج بين الواقع الافتراضي أو ما يطلق عليه اختصاراً "VR" والواقع المعزز "AR" ليجتمعا مع الفيديو، بشكل يسمح للمستخدمين بالعمل واللعب والتواصل.
وذُكر اسم الميتافيرس لأول مرة في رواية الخيال العلمي "SNOW CRASH" الصادرة عام 1992. وتدور أحداثها حول تفاعل البشر مع بعضهم من خلال شخصية شبيهة تعرف باسم (أفاتار - AVATAR). ويكون حيّز التفاعلات بين الشخصيات الشبيهة في فضاء افتراضي تفاعلي ثلاثي الأبعاد.
ما الحاجة إلى التفاعل مع الأشخاص افتراضياً في ميتافيرس؟
زاد الاعتماد على تطبيقات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة وخاصة بعد انتشار وباء كورونا واعتماد كثير من الشركات العمل عن بعد، مستخدمين مختلف أنواع تطبيقات التواصل لربط الأعمال وإنجاز المهمات، ومن هنا كان لا بد لتطبيقات الميتافيرس التي تستطيع تأمين تواصل ثلاثي الأبعاد بين المستخدمين أن تنشط وتبحث لنفسها عن موقع بين تطبيقات التواصل، مستندة إلى الحاجة التي خلقتها فترة التباعد الاجتماعي المفروض خلال الجائحة والرغبة في خلق مجتمع للتواصل الافتراضي بين الأفراد.
شركات عالمية تتنافس في الميتافيرس
لم تكن شركة ميتا (فيس بوك سابقاً) هي الوحيدة التي تسعى إلى الاستثمار بالميتافيرس وتطويره، وفقاً لما أعلنه مديرها التنفيذي مارك زوكربيرج؛ إعلان أعاد تسليط الضوء على مشروع الملياردير الأميركي إيلون ماسك الذي أفصح عنه منذ عدة أشهر إذ يهدف إلى زرع شريحة في الدماغ البشري تمكنه من إنجاز عمليات تنفذها الكمبيوترات عادة، وتستطيع الشريحة التحكم في مشاعر الإنسان وتعطيه قدرات وصفت بـ "الخارقة" في حاسة الرؤية والسمع وتساعد على تخزين الأحلام.
"جوجل"
شركة "ألفا بت" المالكة لمحرك البحث (google) بدورها تعمل على تطوير منتج يحمل اسم "نظارات جوجل"، وهو جهاز متخصص بالواقع المعزز يستطيع المستخدم ارتداءه كالنظارات الطبية ويدعم الواقع الافتراضي.
"مايكروسوفت"
من جانبها، تعمل مايكروسوفت –إلى جانب امتلاكها منتج نظارات واقع افتراضي- على إضافة مرفقات متوافقة مع الميتافيرس إلى تطبيقاتها، منها تحديث تطبيق "مايكروسوفت تيمز" وإضافة شخصيات افتراضية إليه، مشيرة إلى إمكانية طرحه في الربع الأول من العام الجاري 2022.
"بوينغ"
شركات صناعة الطائرات كانت حاضرة أيضاً في الميتافيرس، بإعلان شركة بوينغ عن خطة لربط تصميمات طائرات ثلاثية أبعاد مع الروبوتات ومهندسيها حول العالم، مستخدمة نظارات من صناعة شركة مايكروسوفت.
"نايكي"
كما عقدت شركة نايكي للأحذية صفقة مع شركة "روبلوكس" لبناء عالم افتراضي يحمل اسم "نايكي لاند" يمكن المستخدمين فيه جعل أشباههم الافتراضيين (الأفاتار) يرتدون أحذية رقمية من تصميم الشركة.
"أديداس"
أديداس هي الأخرى كانت في هذا السباق المحموم للوجود في العالم الافتراضي عبر إعلان لمدير النمو الرقمي للشركة قال فيه: "أديداس تدخل عالم ميتافيرس. نريد معرفة ما هو أفضل شيء للقيام به في هذا المجال والبدء بإشراك المجتمعات وأخذ رأيها في كيفية إظهارنا في العالم الافتراضي"، بحسب موقع "البوابة العربية للأخبار التقنية".
"إنتل"
أما شركات الرقاقات الإلكترونية فقد افتتح وجودها في الميتافيرس إعلان "إنتل - intel" الأميركية الرائدة في مجال المعالجات عبر بيان في موقعها الإلكتروني لفتت فيه إلى التقدم السريع في عالم الألعاب والتطور الحاصل في أجهزة العالم الافتراضي.
"تيك توك"
الشركة المالكة لتطبيق تيك توك الشهير أعلنت بدورها دخول المنافسة بشراء شركة "بيكو انتراكتف" الناشئة للواقع الافتراضي، مؤكدة أنّ الاستحواذ هو إعلان عن الدخول بعالم الاستثمار في هذا القطاع.
ما كلفة أجهزة الواقع الافتراضي للأفراد؟
قال المطور التكنولوجي عبد الرحمن ربايعة إن أسعار المعدات المطلوبة لإنشاء البنية التحتية المطلوبة في الواقع الافتراضي للأفراد ما تزال مرتفعة، إذ تتجاوز 500 دولار أميركي، وهو سعر يمنع كثيراً من المستخدمين من إمكانية الاستفادة من الميتافيرس.
ويشير ربايعة في مقابلة تلفزيونية إلى أن هذا السعر يقارب دخلاً شهرياً لأسرة كاملة في بعض الدول النامية، لافتاً إلى أن الحد الأدنى من المعدات المطلوبة لتشغيل الميتافيرس هي: سماعات وشاشة موضوعتان في غطاء للرأس مع أجهزة تحكم تستخدم بالأيدي وكلها أجهزة مرتفعة الثمن لعدة أسباب أهمها الطلب القليل على هذه المعدات مما يعني ارتفاعاً في سعر العرض.
ما مجالات استخدام ميتافيرس؟
يعطي فضاء الميتافيرس مساحة واسعة لآلاف الاستخدامات الممكنة وخاصة مع التطور التكنولوجي المتسارع في العالم، وبات بالإمكان الاعتماد على الواقع ثلاثي الأبعاد في المجالات الطبية والعلمية والترفيهية والتجارية. كما يفترض أن تستفيد جميع الجهات من تقنيات الواقع المعزز بما يسهم في تطوير الخدمات المقدمة، وفي ما يأتي عرض لمجالات تستفيد من الميتافيرس:
1- المجالات الطبية
- إجراء عمليات جراحية معقدة عن بعد.
- إمكانية التشخيص الطبي للمرضى والكشف المبدئي عن الأمراض.
2- المجالات العلمية
- وفرت تطبيقات الميتافيرس للمؤسسات الطبية أساليب متنوعة لتعزيز الوسائل التعليمة بإدخال الأشكال ثلاثية الأبعاد إلى الشروحات وجعلها أكثر تفاعلية.
- كما بات بالإمكان تنفيذ دروس عملية عن بعد، من دون الحاجة إلى وجود جميع الطلاب بشكل فيزيائي في القاعة الدراسية.
3- المجالات الترفيهية
وكان النصيب الأكبر في هذا المجال لشركات الألعاب التي أنشأت نسخاً متطورة من ألعابها يستطيع اللاعبون ارتداء النظارات المخصصة واللعب باندماج كامل مع التفاصيل والأصوات التي توفرها تلك الألعاب.
4- المجالات التجارية
تفتح تقنيات الميتافيرس للشركات التجارية باباً جديداً لبيع منتجاتها في العالم الافتراضي عن طريق التحول من أسلوب البيع عبر المتاجر الإلكترونية إلى أسلوب عرض للمنتجات تفاعلي ثلاثي الأبعاد يمكّن المشترين من استعراض ما يرغبون بشكل أكثر واقعية من الصورة التي تعرض في المتاجر الإلكترونية المعتادة، لكن خبراء التكنولوجيا يؤكدون أن هذه التقنيات بالعرض والبيع ما تزال بعيدة المنال نسبياً نظراً لحاجتها إلى بنية تحتية متطورة لتمكين المستخدمين من الشراء عبرها.
كيف تربح الشركات في ميتافيرس؟
حالياً، يقتصر جني الشركات للأرباح من الواقع الافتراضي عبر بيع المعدات المتعلقة بهذا العالم من نظارات وأدوات مساعدة أخرى، كما تربح شركات الألعاب ببيع تطبيقاتها للمستخدمين الذين يدفعون الأموال مقابل الحصول على حساباتهم والتقدم في مراحل اللعب.
في حين تربح شركات تقنية أخرى ببيع خدمات رقمية متنوعة في عدة مجالات؛ كبيع الأراضي افتراضياً.
هل يمكن شراء أراضٍ في الميتافيرس؟
مع تحول كثير من تفاصيل الحياة من الواقع إلى العالم الافتراضي؛ ظهرت تطبيقات لبيع الأراضي افتراضياً بمساحات وأسعارها مختلفة تتغير صعوداً أو هبوطاً وفقاً لمعايير كثيرة قد تتشابه بشروط تسعير الأراضي في العالم الواقعي.
واشتهرت عدة مواقع على مستوى العالم بتقديم خدمة شراء الأراضي، منها موقع "ساند بوكس"، وتتطلب عمليات الشراء والبيع استخدام العملات المشفرة، مما يعني حاجة الراغبين في الشراء إلى تأمين محفظة إلكترونية تمكنهم من تحويل أموالهم إلى عملات مشفرة.
ما هو الـ "NFT"؟
وأتاحت هذه المواقع للمستخدمين إمكانية بيع وشراء الأراضي أو حتى تأجيرها بأسلوب توثيق إلكتروني فريد هو "NTF" وهو اختصار لمصطلح يقابله باللغة العربية (رموز غير قابلة للاستبدال) عبر وحدة بيانات فريدة وغير قابلة للاستبدال مخزنة في سجل رقمي، وتستعين بتقنية البلوكتشين لإنشاء إثبات ملكية.
ويعتبر مستخدمو الإنترنت الأتراك، من أكثر المهتمين بالتطبيقات التي تعرض فيها أراضٍ للبيع على خريطة العالم الافتراضي، بحسب تصريحات المحامي المختص بقانون الاتصالات مراد كتشجيلر لوكالة الأناضول.